وسط أنقاض منازل دمرها الاحتلال الإسرائيلي، تناولت عائلات فلسطينية، الاثنين، إفطار أول أيام شهر رمضان بمدينة رفح جنوبي قطاع غزة، بعد الفشل في التوصل إلى اتفاق لوقف إطلاق النار خلال الشهر الكريم.
وخلال وقت الإفطار، بدت على وجوه الصائمين علامات الحزن والأسى لفقدان منازلهم جراء القصف الإسرائيلي.
ومن بين أولئك المجتمعين على مائدة الإفطار الجماعي فوق الدمار، كان هناك من نزحوا من مدنهم في شمال قطاع غزة وانتقلوا نحو الجنوب، وكذلك من فقدوا أحبابهم وأقاربهم بسبب الحرب الشرسة.
وفي لحظات تناول الطعام، تضرّع الفلسطينيون إلى الله للعودة سالمين إلى منازلهم، وانتهاء الحرب بأسرع وقت ممكن، وعودة الاستقرار إلى قطاع غزة.
وخلال الحرب المتواصلة منذ 7 أكتوبر/تشرين الأول 2023، أجبر الاحتلال الإسرائيلي معظم الفلسطينيين على النزوح من مناطق شمال القطاع ومدينة غزة نحو المناطق الجنوبية بزعم أنها مناطق "آمنة"، غير أنهم لم يسلموا من القتل حيثما حلوا.
ثم ما لبث التوغل البري أن توسّع جنوباً، في تحدّ صارخ لتحذيرات دولية من خطورة ذلك في بقعة جغرافية صغيرة يلجأ إليها مئات آلاف الفلسطينيين الذين لا مكان آمناً يلجؤون إليه.

وقال ماهر السلوت أحد النازحين الفلسطينيين في رفح: "في اليوم الأول من شهر رمضان ننظم مائدة طعام جماعية لأكثر من مئة عائلة نازحة من قطاع غزة".
وأضاف: "ننظم المائدة لأنه في أيام الحرب لا يملك الناس قوت يومهم، وترتفع الأسعار بشكل كبير، إذ وصل سعر كيلو اللحم إلى 120 شيكلاً".
وتابع: "هؤلاء النازحون منذ 4 أشهر لم يذوقوا طعم اللحم، لذلك قررنا اليوم أن نسعدهم ونقدم لهم شيئاً جميلاً".
ولتناول الإفطار الرمضاني الأول لهذا العام، تجمعت عشرات آلاف الأسر في خيام النزوح التي نُصبت بشكل بدائي في مناطق مختلفة في قطاع غزة، فيما كان أكبر تجمع لهم في مدينة رفح جنوبي القطاع.
وأنشأ النازحون مخيمات مؤقتة في مدينة رفح المكتظة بنحو مليون و300 ألف نسمة، حيث يعيشون ظروفاً صعبة جراء الحرب، وفق مسؤولين حكوميين في غزة، فيما يخشون من تنفيذ إسرائيل تهديدها باجتياح واسع للمدينة.

هذه المخيمات تفتقر لأبسط مقومات الحياة، وتمثل ملاذاً مؤقتاً للعديد من الأسر التي نزحت جراء القصف، بعد أن حرمتهم الحرب والحصار المرافق لها من أبسط اللوازم الإنسانية بما فيها الأساسيات من طعام ومياه ونظافة.
ومؤخراً، بحثت حكومة الحرب الإسرائيلية "الكابينت" خطة لإجلاء الفلسطينيين من رفح في إطار الاستعداد لاجتياحها، رغم التحذيرات الدولية من أن خطوة كهذه قد تؤدي إلى مجازر بحق مئات آلاف النازحين الذين لا مكان آخر يذهبون إليه، بعدما أجبروا على النزوح من مناطق القطاع كافة تحت وطأة الحرب المستعرة منذ نحو 5 شهور.
ويحل رمضان هذا العام، بينما تشن إسرائيل منذ 7 أكتوبر/تشرين الأول الماضي، حرباً مدمرة على قطاع غزة خلّفت عشرات الآلاف من الضحايا المدنيين معظمهم أطفال ونساء، وكارثة إنسانية ودماراً هائلاً بالبنية التحتية ومجاعة بعدد من المناطق، الأمر الذي أدى إلى مثول تل أبيب أمام محكمة العدل الدولية بتهمة "الإبادة الجماعية".