متظاهرون يندّدون بالمواقف الدولية والحكومية وآثارها السلبية على المناخ ويطالبون بتطبيق  اتفاقية المناخ (Getty Images)
تابعنا

تعد الولايات المتحدة إحدى أكثر الدول تسبُّباً في انبعاث غازات الاحتباس الحراري في العالم، ومنتجاً بارزاً للنفط والغاز، و أحد أهمّ الموقّعين على اتفاق باريس للمناخ سنة 2015.

ومع التغييرات التي تعيشها في ظل إدارة الرئيس دونالد ترمب، والانسحابات المتواصلة من الاتفاقيات الدولية، يأتي قرار الانسحاب من اتفاق المناخ في ظلّ أزمات وتحديات تواجه العالم بأسره.

الموقف الأمريكي

الرئيس الأمريكي قال إن واشنطن قدّمت الأوراق اللازمة للانسحاب وأن عملية الانسحاب ستستغرق عاماً للخروج النهائي لتكون بذلك الدولة الوحيدة التي تخرج من الاتفاق.

وهو الأمر الذي ترفضه دول صديقة للبيئة ونشطاء عملوا على مدار سنوات للضغط على الحكومات من أجل الحد من تغير المناخ وتحذيرها من الاستمرار في تصدير الصناعات المضرة للبيئة.

لكن استراتيجية ترمب التي ترفض أي خطوة من شأنها تقييد قطاع الصناعة الأمريكية واستمرار بلاده في نموها الإنتاجي في قطاع الطاقة، أمر ينفي ادّعاءات وزير خارجيتها مايك بومبيو بخفض واشنطن لانبعاثاث غازات الاحتباس الحراري في السنوات الأخيرة.

في حين يحذر علماء البيئة وخبراء المناخ من خطورة ارتفاع درجات الحرارة، داعين الحكومات إلى اتخاذ خطوات سريعة لتفادي أسوأ ظاهرة تهدّد البيئة.

وفي الوقت الذي يقول فيه بومبيو إن خفض انبعاثاتها يأتي ترسيخاً لمفهوم المرونة وتنمية الاقتصاد من أجل ضمان الطاقة، تنعكس المواقف المضادَّة على الساحة السياسية، التي دعت الديمقراطيين البارزين المناهضين لسياسة ترمب إلى التعهُّد بالعودة إلى اتفاقية باريس في حال تمكنوا من الفوز بالرئاسة.

تداعيات الانسحاب الأمريكي

يقول الخبراء إن الموقف الأمريكي يدلّ على الخطأ الجسيم الذي وقعت فيه الولايات المتحدة إثر انسحابها من الاتفاقية، حسب رأي الديمقراطيين الذين وصفوا هذه الخطوة بأنها "ندبة لا تُمحَى في تاريخ أمريكيا"، بعد أن أبرمت إدارة أوباما اتفاقية تعهدت فيها بخفض الانبعاثات الأمريكية المسببة للاحتباس الحراري بحلول عام 2025.

دعا ذلك مستشار المبعوث الأمريكي لشؤون المناخ في عهد الرئيس السابق بارك أوباما، إلى القول إن قرار انسحاب الولايات المتحدة من اتفاقية باريس أمر يلبِّي احتياجات إدارة ترمب، محذّراً من فقد تأثير واشنطن على الساحة العالمية بعد أن تَخلَّى ترمب عن وعده الذي قطعه خلال حملته الانتخابية.

وفي ظل الترقب العالمي للتغيرات المناخية يتوقع العلماء وقوع أسوأ تأثيرات التغير المناخي، محذّرين من أن الغالبية العظمى من الالتزامات التي تعهدت بها الدول في اتفاقية باريس لعام 2015 غير كافية، حسب وكالة رويترز.

مستقبل المناخ في العالم

يقول روبرت واتسون مسؤول فريق تقرير لصالح مؤسسة "يونيفرسال إيكولوجيكال فاند"، إنه على الرغم من تحرك الحكومات الأخرى بالاتجاه الصحيح، فإنها لم تفعل بأي شكل ما ينبغي لها فعله بين تلك الدول التي تسبّب الانبعاثات الغازية، ومن بينها الولايات المتحدة والصين والهند ودول أخرى يتعين عليها تعزيز مساهماتها للحد من الاحتباس الحراري.

ويفيد التقرير بأنه من بين 184 تعهداً قطعته الدول بموجب اتفاقية المناخ، 36 تعهداً فقط من دول في الاتحاد الأوروبي تصل إلى المستوى المطلوب للحفاظ على درجة حرارة الأرض أقل بـ5 درجة مئوية من مستويات ما قبل الثورة الصناعية.

تغيرات تدق ناقوس الخطر على جوانب أخرى ليست أقل خطورة من الاحتباس الحراري فقط، بل إن عوامل تغير المناخ تزيد الانبعاثات الكربونية التي تؤدِّي إلى انتشار أوبئة فتاكة، هزَّت أوساط نشطاء البيئة الذين يواجهون تحديات قضايا المناخ وتباطؤ العالم في التصدي لظاهرة ارتفاع درجات الحرارة وتحذيرات مناخية شملت مزيداً من الأعاصير وزيادة الإصابة بأمراض خطيرة من بينها السل وفيروس HIV، والملاريا الأكثر فتكاً إذ راح ضحيتها 435 ألف شخص حول العالم، وأصابت 219 مليوناً آخرين عام 2017 حسب إحصائيات منظمة الصحة العالمية.

ويقول الخبراء إن ارتفاع درجات الحرارة يساعد على نشر الملاريا في إفريقيا ويزيد صعوبة القضاء على الأوبئة الفتاكة ومكافحة الإيدز والسل اللذين يُعتبران أحد أكثر مسببات الوفاة في العالم.

فيما يعلق آخرون أمالهم على المحادثات في قمة مدريد التي من المقرر عقدها الشهر المقبل في ديمسبر/كانون الأول باسم مؤتمر الأطراف الخامس والعشرين، بهدف توضيح التفاصيل الخاصة باتفاق باريس المناخي وسط دعوات نشطاء البيئة والمناهضين لتغير المناخ إلى اتخاذ خطوات عاجلة.

TRT عربي - وكالات
الأكثر تداولاً