صور معاذ عمارنة تُرفع على جدار الفصل العنصري في الضفة الغربية  (Reuters)
تابعنا

بأعين معصوبة ومغطاة بالشاش توجه صحافيون فلسطينيون إلى مظاهرات في عدة مدن بالضفة الغربية وقطاع غزة، احتجاجاً على استهداف الاحتلال الإسرائيلي للصحافيين الفلسطينيين التي كان آخرها استهداف الصحفي معاذ عمارنة برصاصة أدت إلى فقدانه عينه اليسرى.

معاذ الذي يخضع في هذه الأثناء لعملية جراحية في عينه، أثارت قضيته ضجة كبيرة وفضحت جزءاً يسيراً من الجرائم التي يرتكبها الاحتلال بحق الصحافيين الفلسطينيين. وبدا واضحاً حجم التضامن الشعبي والرسمي مع عمارنة من خلال قيام الصحفيين بالمشاركة في الوقفات الاحتجاجية بأعين معصوبة.

الإعلامية ومنسقة وحدة النوع الاجتماعي في مركز تطوير الإعلام في جامعة بيرزيت ناهد أبو طعيمة، ترى أن الوقت لم يتأخر للتضامن مع الصحافيين، فقد قادتها حملة التضامن للقدوم من مدينة رام الله إلى نابلس شمالي الضفة الغربية، وقطع مسافة طويلة للمشاركة في الوقفة التضامنية مع عمارنة.

وتشير أبو طعيمة في حديث لـTRT عربي إلى أن "فداحة الجريمة أدت إلى تنظيم وقفات في كل المدن الفلسطينية للتنديد بهذا الانتهاك، فمعاذ كان يرتدي درعاً وخوذة في أثناء استهدافه وكان واضحاً أنه صحافي، إلا أن الاحتلال تعمد إصابته، وهذا يدل على أن استهدافه كان مدروساً".

ولتخفيف ضرر الانتهاكات بحق الصحفيين ترى أبو طعيمة أنه يجب أن يأخذوا بتعليمات السلامة في أثناء عملهم الصحفي، "وهذا يتطلب تدابير من الحكومة ونقابة الصحافيين، فنحن لا نريد مجرد اعتصامات ننسى معاذ مع انتهائها".

وتطالب أبو طعيمة نقابة الصحافيين بكفالة معاذ وتوفير العلاج ومعاش شهري له، "لأنه لن يستطيع العمل مرة أخرى بالصحافة، وهذا بحاجة إلى تدابير من ضمنها إنشاء صندوق لجميع الصحافيين الذين يتضررون في أثناء عملهم بمناطق النزاع".

من جانبه يقول الإعلامي والمخرج عبد الرحمن ظاهر لـTRT عربي: "اليوم لم نغمض أعيننا فقط تضامناً مع معاذ، وإنما تضامناً مع غزة أيضاً، لنوصل رسالة مفادها أننا نستطيع أن نرى الحقيقة ولو بعين واحدة".

ويضيف: "هذا التضامن يجب أن لا يقتصر على هذه الجريمة، لأن كل صحافي فلسطيني يتعرض يوميّاً لانتهاكات الاحتلال، وكل شيء يوضع في تقارير توثيقية دون اتخاذ أي إجراء بحق الاحتلال"، مشيراً إلى أن "إسرائيل تدّعي أنها دولة قانون، إلا أنها من أكثر الدول التي تنتهك حقوق الإنسان".

الصحافي طارق السركجي بدأ بتصوير الوقفة التضامنية مع معاذ عمارنة في مدينة نابلس وقد غطى عينه بـ"الشاش"، توجهنا إليه لسؤاله عن شعوره وهو يصور بعين معصوبة، فقال: "صعب"، ثم سكت طويلاً واستأنف: "في البداية اعتقدت أن الاحتلال أسدى إلى معاذ خدمة لأن المصور يُغمض إحدى عينيه حين يلتقط الصورة، لكنني الآن أقول كان الله في عونه، فأنا لم أستطع التصوير أكثر من دقائق، ونزعت الشاش، وأعتقد أنه أصبح من الصعب على معاذ العودة إلى الميدان بعين واحدة".

ويضيف لـTRT عربي: "الاحتلال الإسرائيلي أصاب معاذ في رأسماله الصحفي، وهي عينه، وهذا انتهاك سيبقى ملازماً له طوال حياته".

ويشير السركجي إلى أن ما يشهده الشارع الفلسطيني من تضامن مع معاذ سيرفع معنوياته، "وهذا أقل ما يمكننا تقديمه له في هذه الأزمة، لكن في الجانب الآخر يجب أن تكون وقفة جادة من نقابة الصحافيين والسلطة الفلسطينية ونقابة المحاميين التي يجب أن تقف معنا لتشكيل ملف قانوني لأخذ حق معاذ من الاحتلال، وتحصيل التعويض النفسي والمالي".

إجراءات قانونية

هذا المطلب الحقوقي تحاول نقابة الصحافيين تنفيذه من خلال الإجراءات التي ستقوم بها، حسب تصريحات جعفر شتية مدير نقابة الصحافيين في نابلس لـTRT عربي، الذي قال إن "إجراءات ستقوم بها النقابة على المستوى المحلي والدولي، بالإضافة إلى الإجراءات القانونية لرفع شكاوى ضد جنود الاحتلال الإسرائيلي".

وأشار اشتية إلى أن النقابة عبرت عن استنكارها وحثت في بيان لها الاتحادين العربي والدولي للصحفيين على اتخاذ موقف تجاه جرائم الاحتلال التي تستهدف الصحفيين.

من جانبها تقول مديرة النوع الاجتماعي في وزارة الإعلام ريما الوزني لـTRT عربي، إن "وزارة الإعلام تصدر دوماً بيانات إلى الخارج وتجري اتصالات مع جهات دولية لتسجيل خروقات الاحتلال الإسرائيلي ضد الصحافيين الفلسطينيين"، مشيرة إلى أن نقابة الصحافيين هي الجسم الأكثر تأثيراً لما لها من علاقات دولية.

وتؤكد أن الوزارة تعمل مع نقابة الصحافيين على توصيل بياناتها وتقاريرها الخاصة بالانتهاكات إلى الدبلوماسيين والسفارات والقنصليات العربية والغربية، مشيرة إلى أن "الاحتلال الهمجي لا يستجيب لأي ضغوطات ولا يأبه لأي شيء، وربما كل ما نفعله لا يستطيع وقف الانتهاكات بحق الفلسطينيين".

الغضب من استهداف الاحتلال الإسرائيلي للصحافي معاذ عمارنة لم يكن فقط في الشارع، بل وصل إلى الفضاء الإلكتروني، إذ أطلق نشطاء حملة تضامنية مع عمارنة، ودشنوا وسم (#عين_معاذ #عين_الحقيقة #عين_الحقيقة_لا_تنطفئ).

من الضروري متابعة الحملة الإلكترونية التي انطلقت للتضامن مع معاذ عمارنة والكتابة بكل اللغات عن جرائم الاحتلال الإسرائيلي بحق الصحافيين، حتى يصل إلى العالم ما نعانيه

الإعلامية والأستاذة في جامعة بيرزيت - ناهد أبو طعيمة

وتعددت صور التضامن مع عمارنة، إذا قام الصحافيون والمتضامنون بتصوير أنفسهم وقد غطوا أعينهم اليسرى بالشاش (ضماد للجروح) أو بأيديهم.

إلى ذلك، قامت عدة وسائل إعلام فلسطينية بتقديم برامجها وقد خرج مقدموها معصوبي العين اليسرى على الشاشات، في طريقة اعتبروها الأنسب لإيصال رسالة تضامنية مع عمارنة.

‏التضامن مع الزميل الصحفي الفلسطيني معاذ عمارنة الذي أطلق جنود الاحتلال النار عليه، خلال تغطيته فعالية سلمية ضد الاستيطان ظهر أمس الجمعة، في بلدة صوريف شمال غرب الخليل. #كلنا_معاذ ‎#عين_الحقيقة_لن_تنطفئ

Posted by ‎فضائية النجاح - An-Najah Nbc‎ on Saturday, 16 November 2019

ويقول مقدم البرامج في فضائية النجاح بكر ضراغمة لـTRT عربي، إن "ما تعرّض له الزميل معاذ عمارنة من استهداف من قبل الاحتلال وهو بكامل زيه الصحفي ما هو إلا استمرار لاستهداف الصحافيين الفلسطينيين وانتهاك واضح من قبل الاحتلال في استهداف الصحافي الفلسطيني".

ويضيف: "اليوم معاذ فقد عينه اليسرى بفعل هذه العنجهية الاحتلالية، وهذا يدفعنا كصحافيين إلى أن نظهر الحقيقة للعالم كله بعين معاذ ويجب على العالم كله أن يشاهد هذه الجرائم، فعين معاذ اليوم هي عين الحقيقة والعين التي لن تنطفئ ولن تغيب".

يشار إلى أن قوات الاحتلال سعت إلى قمع المظاهرات التي خرجت في مدن الضفة الغربية تضامناً مع الصحافي عمارنة.

وأصيب صحافيون، واعتقل 2 منهم خلال قمع الجيش الإسرائيلي وقفة تضامنية في بيت لحم جنوبي القدس المحتلة، مع المصور الصحافي معاذ عمارنة.

وهاجم جيش الاحتلال الصحفيين منذ بداية تجمعهم على المدخل الشمالي لبيت لحم، للمشاركة بالوقفة التضامنية، وأطلق وابلاً من قنابل الغاز المسيل باتجاههم، واعتدى عليهم بالضرب.

واعتقل الجيش اثنين من الصحفيين واقتادهم إلى جهة غير معلومة.

كما شهدت مدن نابلس وطولكرم وجنين، شمالي الضفة الغربية، وقفات تضامنية مع عمارنة، مطالبين بمقاضاة الجيش الإسرائيلي والجندي الذي استهدفه بالرصاص خلال تأدية عمله الإعلامي.

طارق السركجي: ما يشهده الشارع الفلسطيني من تضامن مع معاذ سيرفع من معنوياته (TRT Arabi)
عبد الرحمن ظاهر: كل صحافي فلسطيني يتعرض يوميّاً لانتهاكات الاحتلال (TRT Arabi)
أبو طعيمة: فداحة الجريمة أدت إلى تنظيم وقفات في كل المدن الفلسطينية  (TRT Arabi)
جيش الاحتلال قمع مظاهرات تضامنية مع عمارنة واعتدى على الصحافيين (Reuters)
TRT عربي
الأكثر تداولاً