بالعادة، لا تكترث إيران لتهديدات ترمب وتؤكد على المضي في سياساتها (iran/AFP)
تابعنا

في مخالفة لتصريحاتها المعهودة، تأخذ إيران التهديدات الأمريكية الأخيرة على محمل الجد، خشية حدوث تصعيد غير محسوب العواقب مع قرب رحيل إدارة ترمب عن البيت الأبيض.

جاءت الجولة الأخيرة من الاتهامات بين واشنطن وطهران في أعقاب وابل من 21 صاروخاً سقطت بالقرب من مجمع السفارة الأمريكية في بغداد في 20 ديسمبر/كانون الأول، مما أثار غضب مئات الدبلوماسيين الأمريكيين المنتشرين في المنشأة مترامية الأطراف والتي تخضع لحراسة مشددة.

ونفى وزير الخارجية الإيراني محمد جواد ظريف الخميس ما قاله الرئيس الأمريكي دونالد ترمب من أن طهران كانت وراء هجوم صاروخي استهدف السفارة الأمريكية في بغداد.

وكتب ظريف على تويتر "تعريض مواطنيك للخطر في الخارج لن يصرف الانتباه عن الإخفاقات الكارثية في الداخل".

وكان ترمب قد قال على تويتر الأربعاء إن الصواريخ التي سقطت في المنطقة الخضراء شديدة التحصين في بغداد في هجوم استهدف السفارة الأمريكية جاءت من إيران و"نحن نسمع أحاديث عن هجمات أخرى على الأمريكيين في العراق".

وأضاف ترمب: "نصيحة ودية لإيران: إذا قُتل أمريكي واحد فسوف أحمل إيران المسؤولية. عليكم أن تفكروا في الأمر".

وفي تغريدة أخرى، كتب ظريف على تويتر "في المرة الماضية، دمرت الولايات المتحدة منطقتنا بسبب افتراءاتها المتعلقة بأسلحة الدمار الشامل، وأهدرت سبعة تريليونات دولار وتسببت في سقوط 58976 من الضحايا الأمريكيين"، في إشارة إلى غزو العراق الذي قادته واشنطن عام 2003.

وأضاف ظريف "سيتحمل ترمب المسؤولية كاملة عن أي مغامرة يقوم بها وهو في طريقه للخروج"، مبيناً أن أي تصعيد أمريكي "سيجر تداعيات واسعة ويكلف الولايات المتحدة الكثير".

وبالعادة، لا تكترث إيران لتهديدات ترمب وتؤكد على المضي في سياساتها. وشدد رئيس مجلس الأمن القومي الإيراني علي شمخاني في يونيو/حزيران 2019، على أن حكومة بلاده لا تأخذ تصريحات الرئيس الأمريكي ولا هو بذاته على محمل الجد.

تصعيد الإجراءات

ويمكن فهم محاولات التهدئة والتبرير الإيرانية هذه المرة بالتزامن مع تصعيد الإجراءات الأمريكية الأخيرة التي قد تشير إلى إمكانية تنفيذ عمل عسكري ضد طهران.

ففي ديسمبر/كانون الأول الجاري، رست غواصتان حربيتان أمريكية وإسرائيلية في مياه الخليج، فيما يبدو أنها رسالة واضحة إلى إيران، قبل مغادرة ترمب البيت الأبيض.

وأعلنت البحرية الأمريكية الاثنين الماضي دخول غواصة صواريخ موجهة تعمل بالطاقة النووية، منطقة الخليج بعد عبورها مضيق هرمز.

كما عبرت غواصة تابعة لقوات البحرية الإسرائيلية الأحد الماضي قناة السويس واقتربت من مياه الخليج العربي، في رسالة واضحة إلى إيران، حسب صحيفة "إسرائيل اليوم" العبرية.

وقالت قناة "كان" العبرية إن تل أبيب "تُكثف استعداداتها خلال الفترة الأخيرة، تحسُّباً لرد إيراني محتمل على اغتيال العالِم النووي محسن فخري زاده قبل قرابة 3 أسابيع في طهران، الذي اتُّهمت إسرائيل باغتياله".

والاثنين الماضي، حذر رئيس الأركان الإسرائيلي أفيف كوخافي، طهران، من الإقدام على أي عمل عدائي تجاه بلاده على خلفية اغتيال زاده.

وفي 27 نوفمبر/تشرين الثاني الماضي أعلنت إيران مقتل فخري زاده (63 عاماً) المعروف بـ"عراب الاتفاق النووي"، إثر استهداف سيارته التي كانت تقله قرب العاصمة طهران.

ووصف الرئيس الإيراني حسن روحاني عملية الاغتيال بـ"الفخ الإسرائيلي"، متوعداً بردِّ بلاده في الوقت المناسب، كما توعَّد الحرس الثوري الإيراني بـ"انتقام قاس"، متَّهماً إسرائيل بالوقوف وراء اغتياله. ولم تنفِ إسرائيل أو تؤكد بعدُ مسؤوليتها عن اغتيال العالم النووي الإيراني.

وكانت تقارير غربية قد تحدثت مؤخراً عن ضربة أمريكية-إسرائيلية محتملة لإيران قبل مغادرة ترمب البيت الأبيض بداية العام المقبل.

وفي نوفمبر/تشرين الثاني الماضي، عبر مسؤولون في وزارة الدفاع الأمريكية لصحيفة "نيويورك تايمز" عن مخاوفهم من أن تنفذ الإدارة الحالية عمليات (علنية أو سرية) ضد إيران خلال الأسابيع الأخيرة المتبقية لها في البيت الأبيض، وذلك بعد إقالة ترمب وزير الدفاع مارك إسبر.

وفي 23 ديسمبر/كانون الأول الجاري، قال مسؤول كبير بالإدارة الأمريكية لرويترز إن كبار مسؤولي الأمن القومي اتفقوا على عدة خيارات لعرضها على ترمب بهدف ردع أي هجوم يستهدف العسكريين أو الدبلوماسيين الأمريكيين في العراق.

وتأتي التحذيرات المتبادلة مع اقتراب الذكرى السنوية الأولى لاستهداف الجنرال الإيراني قاسم سليماني في ضربة شنّتها طائرة مُسيّرة أمريكية قرب مطار بغداد في الثالث من يناير/كانون الثاني 2020.

وقال قائد القوات الأمريكية في الشرق الأوسط الجنرال فرانك ماكينزي في 21 ديسمبر/كانون الأول، إن بلاده "مستعدة للرد" في حال هاجمتها إيران في ذكرى اغتيال سليماني.

لكن في تقدير ماكينزي، فإن إيران ورغم وجود رغبة لها بالانتقام "لكنها لا تبحث عن حرب أو مواجهة مفتوحة مع أقوى جيش في العالم".

وتضيف التوترات المتجددة الضغوط على العراق التي اندلع الغضب فيها قبل أيام بسبب عفو ترمب عن أربعة مرتزقة من شركة بلاك ووتر سُجنوا لارتكابهم مذبحة في بغداد قبل 13 عاماً.

وتقف الحكومة العراقية حائرة حيال توضيح موقفها من الصراعات الدائرة بين الولايات المتحدة وإيران داخل أراضي العراق، بانتظار ما سيصدر من الجانبين، وسط عجزها عن السيطرة على الفصائل الموالية لطهران.

TRT عربي - وكالات
الأكثر تداولاً