تأجيل المهام الصغيرة يسبّب مشكلات نفسية قد تصل إلى درجة الاكتئاب (Christophe Ena/AP)
تابعنا

قد تكون مهمتك البسيطة رسالة بريد إلكتروني إلى زميل عمل لا تحبه، أو ورقة روتينية عليك ملؤها لتقديمها للعمل، أو فاتورة عليك دفعها، ولكن لماذا تستمرّ في تأجيل أمور بسيطة يمكن أن تنجزها في دقائق، ثم تجد نفسك تقضي وقتاً في التفكير بمدى انزعاجك من الأمر، متسائلاً: "شيء سيأخذ مني خمس دقائق فقط، لماذا لا أفعله؟".

اللافت أن التفكير بهذه الطريقة لا يجعل المهمات المؤجلة تختفي، بل تتحول من أمر بسيط يسهل إنجازه إلى مشكلة مزعجة ترغب في التخلص منها تماماً.

تلك التساؤلات وغيرها أُجيبَ عنها في مقال نُشِر على موقع هيئة الإذاعة البريطانية BBC بعنوان "لماذا نؤجل المهمات البسيطة؟"، وحاولنا هنا تقديم تلخيص لأبرز النقاط الواردة في المقال.

عادة ما تحتلّ المهامّ الصغيرة جزءاً كبيراً من تفكيرنا اليومي، لكن المسألة ليست بهذه الصعوبة، إذ إن طرقاً بسيطة يمكننا بواسطتها إعادة تلك المهامّ من حالتها المتضخمة إلى حجمها الطبيعي.

ولكي ننجح في ذلك، يجب أولاً أن نفهم متى نسمح لتلك المهام بالتضخم، ثم نضع أُطُراً للتعامل معها، بعد التمكُّن من احتواء أثرها العاطفي على نفسياتنا.

التسويف والمماطلة

ترى أستاذة علم النفس بجامعة شيفيلد الإنجليزية فوشيا سيروا، أن المماطلة في إنجاز شيء ما ينطوي في جوهره على تأخير طوعي (تسويف) لمهمة نريد إنجازها بالفعل. وتقول: "قد يجد البعض أشياء مفيدة في التسويف، لكننا لا نرى في أي من أشكاله شيئاً مفيداً على الإطلاق".

فالأشخاص الذين يماطلون في أداء مهامهم بشكل مزمن، يكونون أكثر عرضة لمستويات أعلى من التوتر والأرق خلال النوم، وأجواء عمل أسوأ، كما أن التسويف على صعيد الصحة العقلية، عادة ما يرتبط بالاكتئاب والقلق، وربما خسارة علاقتنا بالآخرين، لأنه عندما نماطل، ينتهي بنا الأمر إلى قطع التزاماتنا تجاه الآخرين.

الحالة المزاجية

قد لا يتعلّق تأجيل كتابة رسالة بريد إلكتروني على سبيل المثال، بسوء إدارة الوقت، بل بالخشية من ردّ الطرف المقابل، لذلك تقول سيروا إن "إدارة الحالة المزاجية" من الممكن أن تكون العامل الأهمّ، إذ يستنزف القلق الكامن في أذهاننا مواردنا المعرفية، مما يقلّل قدرتنا على حل المشكلات.

بالإضافة إلى ذلك، فإن المهام الصغيرة لا تكون عادة مقيَّدة بمواعيد تسليم نهائية تتطلبها المهامّ الكبيرة، فيجعلك ذلك تتخيل أن بإمكانك إنجازها في أي وقت خلال اليوم، دون أن تخصص لها مساحة زمنية محددة، وقد يكون من الأفضل التعامل مع تلك المهام بجدية أكبر تستوجب تحديد مساحتين زمنية وذهنية لإنجازها.

استباقية التفكير

عندما يتعلق الأمر بالمهامّ الصغيرة، فإن التفكير فيها قبل الإقدام على فعلها قد لا يكون مفيداً كثيراً، إذ إن التفكير يضخّمها ويجعلها تشغل حيّزاً أكبر من حجمها على الصعيدين الذهني والعاطفي، ولأجل تفادي ذلك، ينصح علماء النفس باستباقية التفكير عبر الانخراط في الفعل مباشرة.

وفي هذا الصدد يقول تيموثي بيتشل أستاذ علم النفس بجامعة كارلتون الأمريكية ومؤلف كتاب "حل لغز التسويف"، إن "الدافع غالباً ما يتبع الفعل"، لذلك فإن الحل الأفضل لمشكلة التسويف، قد يكون فعل الشيء على الفور دون التوقف للتفكير أولاً في سبب عدم رغبتك في فعله.

وأظهرت الدراسة التي أجراها بيتشل على طلابه، أنه بمجرد شروعهم في تنفيذ مهمة ما بالفعل، فإنهم يصنّفونها أقلّ صعوبة مما كانت عليه تصوراتهم حين كانوا يؤجلونها. ويربط بيتشل الأمر بإدراك أن "الأشياء تُلوَّن بلون حالتك العاطفية"، ولكنك عندما تكون عملياً وتبدأ في التنفيذ الفعلي، فإن تجاوبك العاطفي مع الأمر سيكون محدوداً.

بالإضافة إلى ذلك، توجد حيلة جيدة للتعامل مع المهامّ الصغيرة، وهي إدماجها في مهامَّ أكبر، كمحاولة إيجاد مكان مناسب تُمارِس فيه مهمتك الصغيرة مع روتينك المعتاد.

TRT عربي
الأكثر تداولاً