النظام المصرفي في تونس لا يساعد على دفع عجلة الاقتصاد ودعم المنافسة (Reuters)
تابعنا

سلّطت صحيفة "لوبوان" الفرنسية، في تقرير لمراسلها في تونس بونوا ديلما، الضوء على تعقيدات المشهد المصرفي هناك وكيف يسهم في تعقيد المشهد الاقتصادي الذي ازداد سوءاً بسبب أزمة كورونا.

وحسب الكاتب، فإن 20 عائلة فقط تهيمن على مفاصل الاقتصاد التونسي، في ظل قوانين ولوائح تضفي الطابع المؤسسي على ثقافة الاحتكار، ورغم أن تونس شهدت ثورة أطاحت بنظام الرئيس بن علي في يناير/كانون الثاني 2011، فإن البلاد لم تشهد ثورة اقتصادية، وبقي الوضع على ما هو عليه طوال السنوات الماضية.

يوجد في تونس 23 بنكاً، وهو عدد كبير في دولة يبلغ عدد سكانها نحو 11 مليون نسمة، وتتحكم الدولة في جزء كبير من رأس مال هذه المؤسسات، بالإضافة إلى عدد محدود من العائلات المتنفذة.

على سبيل المثال، تملك عائلة "بن يدّر" نسبة تصل إلى 61% من بنك الأمان، مقابل 5.46% لشركة "الحرشاني للمالية"، وتملك مجموعة المبروك 39% من رأس مال بنك تونس العربي الدولي، مقابل 7% لشركة الحرشاني التي تملك أيضاً 12% من رأس مال بنك الإسكان.

ورغم أن الدولة التونسية تمتلك نصيب الأسد في عدد من المؤسسات البنكية (71% من رأس مال الشركة التونسية للبنك و58% من رأس مال بنك الإسكان)، فإن السيطرة الفعلية على النظام المصرفي تبقى -وفقاً للكاتب- بيد العائلات المهيمنة التي تتبادل المكاسب والقروض وتسيطر على مفاصل الاقتصاد، بينما تقدم الدولة القروض أساساً للمؤسسات العمومية، وهو ما لا يساعد كثيراً في دفع عجلة الاقتصاد.

ويرى الكاتب أن الرأسمالية التونسية عبارة عن مزيج من رجال الأعمال الجريئين وأصحاب الدخل المرتفع الذين يبذلون قصارى جهدهم من أجل وأد أي نوع من المنافسة الاقتصادية. وفي عهد الحبيب بورقيبة، ظهر جيل من الرواد الذين عملوا على بناء الاقتصاد التونسي، لكن شيئاً فشيئاً تمكّنت العائلات من بسط نفوذها والسيطرة على المشهد.

ويضرب الكاتب مثال بنك تونس العربي الدو الذي تأسس على يد الحبيب بورقيبة الابن، نجل الرئيس الأسبق الحبيب بورقيبة، ووزير التخطيط والمالية الأسبق منصور معلى، وفي ظل رئاسة بورقيبة، كانت الكفة تميل لفائدة رواد الاقتصاد، لكن المشهد تغير في عهد بن علي، وقد استطاعت عائلة المبروك أن تسيطر عليه وبلغت أوجها بعد أن أصبح مروان المبروك صهراً لابن علي.

ويشير الكاتب إلى أنه في تونس إذا لم تكن تنتمي إلى إحدى العائلات المهيمنة على الاقتصاد، غالباً ما يكون الحل هو السفر إلى أوروبا أو كندا من أجل تنفيذ مشروعك، ويمكن لأولئك الذين يستطيعون تحمل تكاليف السفر إلى باريس والدراسة في جامعاتها الراقية الحصول على وظائف جيدة جداً في فرنسا لاحقاً.

والعدد الكبير من البنوك في تونس لا يعد دليلاً على تطور الاقتصاد والانفتاح على المنافسة، وهذا ما يدركه كل من يتعامل مع هذه المؤسسات، حيث يُعتبر النظام المصرفي نظاماً عائلياً مغلقاً ويشكل عاملاً معرقلاً للمنافسة الاقتصادية الحرة.

TRT عربي - وكالات
الأكثر تداولاً