كوشنر ورئيس مجلس الأمن القومي الإسرائيلي مائير بن شبات لدى وصول الوفد إلى الرباط (AFP)
تابعنا

على الرغم من خسارته أمام جو بايدن واقتراب موعد خروجه من البيت الأبيض، فإن الرئيس الأمريكي المنتهية ولايته دونالد ترمب لا يزال "مخلصاً" لإسرائيل التي قدّم لها على امتداد سنوات ولايته خدمات كثيرة كان لها تداعيات دولية، ولعلّ أهمّها دفع دول عربية إلى إقامة علاقات مع تل أبيب، كالإمارات والبحرين والمغرب والسودان.

واختار صهر الرئيس الأمريكي وعَرّاب التطبيع جاريد كوشنر أن ينهي هو الآخر ما تبقى له من أيام في البيت الأبيض، وهو يسدي الخدمات إلى إسرائيل، إذ سعى خلال الأيام الماضية لتنسيق التطبيع بين تل أبيب والرباط، وأجرى آخر زيارة رسمية له لإسرائيل الاثنين، لينطلق من هناك على رأس وفد أمريكي-إسرائيلي رسمي لزيارة المغرب ولقاء عدد من المسؤولين الكبار، وفق وسائل إعلام إسرائيلية.

وانطلق الوفد الذي يقوده كوشنر ورئيس مجلس الأمن القومي الإسرائيلي مائير بن شبات إلى المغرب صباح الثلاثاء، في رحلة جوية مباشرة هي الأولى من نوعها، ووصف ذلك شبات بقوله: "إنها رحلة تاريخية".

وذكرت صحيفة "يسرائيل هيوم" أن الوفد الإسرائيلي سيحظى باستقبال رسمي بالمغرب لحظة وصوله، "وستُوقَّع اتفاقيات عدة بحضور المسؤولين من الطرفين"، في حين أشارت إلى أن مدة الزيارة اختُصرت إلى يوم واحد بسبب تقييدات فرضها انتشار فيروس كورونا بإسرائيل، "لذلك سيعقد المسؤولون المغاربة والإسرائيليون مباحثات طويلة خلال هذا اليوم لوضع النقاط على الحروف".

رئيس مجلس الأمن القومي الإسرائيلي وصف رحلة الطيران المباشرة الأولى  بأنها "تاريخية" (AFP)

حتى الرمق الأخير

وخلال مؤتمر صحفي مشترك مع رئيس الوزراء الإسرائيلي بنيامين نتنياهو، قال كوشنر إن الأشهر الأربعة الأخيرة شهدت توقيع أربع اتفاقيات سلام، وسوف تأتي الثمار لاحقاً".

وأضاف: "السعودية صارت تسمح للطائرات الإسرائيلية بالمرور من أجوائها، والمغرب بات يُدرِج التاريخ اليهودي في مناهج الدراسة، هذه أمور كانت تُعَدّ ضرباً من ضروب الخيال قبل زمن قصير فقط".

ويبدو كوشنر حريصاً على "مصلحة" إسرائيل حتى الرمق الأخير، إذ أكد أنّه ينتظر أن يكون اتفاق التطبيع مع المغرب هو "فرصة جديدة للتقارب بين شمال إفريقيا والشرق الأوسط".

تشير صحيفة "معاريف" الإسرائيلية إلى أن ترمب يستغلّ وجوده في البيت الأبيض والأيام القليلة المتبقية لتقديم مزيد من الدعم لإسرائيل، "حتى اليوم لا يزال يعمل لصالح إسرائيل".

في ذات السياق تؤكّد مجلة "يسرائيل ديفانس" إن إدارة ترمب لا تزال تُجرِي مباحثات مع دولة عربية أخرى (لم تسمِّها) لإبرام اتفاقية سلام مع إسرائيل".

وتضيف: "ترمب يأمل ويتمنى إحراز اتفاقية تطبيع إضافية بين إسرائيل ودولة عربية أخرى على الأقلّ قبل خروجه من البيت الأبيض".

ونشر الموقع الرسمي للحكومة الإسرائيلية جزءاً من خطاب وجّهه نتنياهو خلال لقائه كوشنر، قال فيه إنه "مَدين للرئيس ترمب على ما قدّمه خلال فترة حكمه لإسرائيل، ومدين لجاريد كوشنر أيضاً على مساعدته في اتفاقات التطبيع، لن ننسى أبداً ما فعلتماه".

من جانبها أكدت الصحافية في إذاعة الجيش الإسرائيلي موريا إسراف، إن "ترمب مستمر في دعم إسرائيل حتى الثانية الأخيرة من حكمه، وتشير إلى أنه سيرسل نائبه مايك بنس إلى إسرائيل في 13 يناير/كانون الثاني، أي قبل مغادرته البيت الأبيض بنحو أسبوع، لتنسيق توقيع اتفاقيات تطبيع جديدة بين تل أبيب ودولتين عربيتين".

إسرائيل والمغرب.. تطبيع قديم

تقول صحيفة "هآرتس" الإسرائيلية، إن "العلاقات بين تل أبيب والرباط كانت سرية لعشرات السنوات، إذ سمحت إسرائيل والمغرب للسياح من الطرفين بزيارة الدولتين، وزادت تلك العلاقات بعد توقيع اتفاق أوسلو بين السلطة الفلسطينية وإسرائيل عام 1993، إذ افتتحت إسرائيل لنفسها ممثلية في الغرب في ذلك الحين، وأُغلِقَت بأمر السلطات المغربية عقب اندلاع انتفاضة الأقصى عام 2000".

وتشير الصحيفة إلى أنه "على الرغم من انقطاع العلاقات بشكل رسمي، فإن 30-50 ألف سائح إسرائيلي يزورون المغرب كل عام".

ونقلت الصحيفة عن المتحدث باسم وزارة الخارجية ليؤور حاييط أن إسرائيل والمغرب سيوقّعان أربعة اتفاقيات منفردة، منها اتفاق متعلقاً بالطيران المباشر بين البلدين، وآخر يتيح للمسؤولين من الطرفين زيارة الدولتين دون ترتيبات التأشيرة، واتفاق لتعزيز التعاون في ما يتعلق بالمياه".

وتقول مصادر إسرائيلية إن "المغرب أكّد لإسرائيل أنه لن يوقع اتفاق تطبيع للعلاقات مثل اتفاق الإمارات والبحرين، ويرى أنه أحرز اتفاقاً منفرداً ومختلفاً، ويرجع ذلك إلى حجم المعارضة الشديد لمثل هذا الاتفاق في الداخل".

تقديرات إسرائيلية تشير إلى أن بايدن سيمضي قدماً في تحقيق اتفاقات تطبيع إضافية بين إسرائيل ودول عربية (Reuters)

بايدن.. على النهج نفسه!

وفي الوقت الذي تُبدي فيه الأوساط السياسية الإسرائيلية تخوفاً من اختلاف السياسة الأمريكية تجاه ملفات مختلفة لها علاقة بإسرائيل، كالشأن الإيراني والفلسطيني، إلا أن خبراء إسرائيليين ومحللين يرون أن كل شيء قابل للتغيير، إلا "سياسة التطبيع"، إذ تشير التقديرات إلى أن إدارة بايدن ستتبع النهج نفسه الذي تبعه ترمب، وستعزز التطبيع بين إسرائيل ودول عربية وتسعى إلى مزيد من الاتفاقات.

في ذات السياق نقلت صحيفة "يديعوت أحرونوت" العبرية عن السفير الأمريكي السابق في تل أبيب دان شبير، قوله إن "جو بايدن يدعم اتفاقات التطبيع بين الدول العربية وإسرائيل، وسوف يساعد على التوصل إلى اتفاقيات مشابهة مع دول إضافية".

ويضيف شبير: "بايدن يؤمن بأن اتفاقيات التطبيع ستكون قواعد أساسية لعودة المفاوضات الإسرائيلية الفلسطينية".

وتشير دراسة لمركز أبحاث الأمن القومي الإسرائيلي إلى أن من المتوقع "أن تسعى إدارة بايدن للدفع باتجاه توقيع اتفاقيات تطبيع إسرائيلية-عربية إضافية".

وتضيف: "التقديرات تشير إلى أن إدارة بايدن قد تكون أقلّ سخاءً من إدارة ترمب في ما تقدمه للدول التي تقبل تطبيع العلاقات مع إسرائيل، بخاصة في ظلّ انتقاداته الواسعة لعدة دول أهمّها السعودية".

بدوره يقول المحلّل السياسي لموقع "واللا" الإسرائيلي باراك رفيد، إن "التطبيع العربي مع إسرائيلي هو مصلحة مشتركة بين الحكومة الإسرائيلية والإدارة الأمريكية الجديدة، الطرفان يريدان استمرار قطار التطبيع بالمضيّ قدماً كما كان خلال عهد ترمب، والمجال واسع لتحقيق اتفاقيات إضافية، بخاصة مع دول عربية لا تريد دخول مواجهة مع إدارة بايدن مثل المملكة العربية السعودية".

TRT عربي - وكالات
الأكثر تداولاً