كيف تسعى أوروبا لإحلال صواريخ ماسك محل الصواريخ الفرنسية؟ / صورة: AP (Joel Kowsky/AP)
تابعنا

بعد تأخر شركة "آريان غروب" الفرنسية في تسليم نسختها الأحدث من الصواريخ الفضائية، "آريان 6"، إلى الاتحاد الأوروبي. تسعى المفوضية الأوروبية للبحث عن بدائل لذلك الصاروخ، على رأسها "فالكون 9" الذي تصنعه شركة الفضاء الأمريكية الخاصة "سبيس إكس"، المملوكة للملياردير إيلون ماسك، وفق ما ذكر موقع "بوليتيكو".

ويأتي هذا في وقت، تسارع فيه أوروبا لإطلاق أقمار صناعية ملاحية متطورة، في ما أطلق عليه اسم بعثات "غاليليو"، ذلك لمواكبة الركب العالمي في هذه التكنولوجيا. بالمقابل، يؤدي تأخر تسليم صواريخ "آريان 6" الفرنسية إلى متاعب كبيرة لبرنامج الأقمار الصناعية الأوروبي، الذي كان من المزمع إطلاق أولى بعثاته قبل ثلاث سنوات.

عين المفوضية على إيلون ماسك

في مسودة طلب تقدمت بها إلى الدول الأعضاء، اطّلعت عليها موقع "بوليتيكو" الأمريكي، كشفت المفوضية الأوروبية أنها تخطط لطلب الضوء الأخضر للتفاوض بشأن "اتفاقية أمنية خاصة" مع شركات الصواريخ الأمريكية، ذلك "بشكل استثنائي" من أجل إطلاق الأقمار الصناعية غاليليو.

ويبلغ وزن كل واحد من هذه الأقمار الصناعية الأوروبية الحديثة نحو 700 كيلوجرام. وقال الموقع الأمريكي، إن المفوضية ترى أن صاروخ "فالكون 9" التابع لشركة "سبيس إكس" وصاروخ "فولكان" التابع لشركة "يونايتد لانش ألاينس"، قادران على إرسال الأقمار الملاحية "غاليليو" إلى مدارها.

وبقي إطلاق برنامج الأقمار الصناعية الأوروبي "غاليليو" معلقاً لثلاث سنوات، بعد تأخر تسليم المجموعة الفرنسية لصاروخ "آريان 6"، الذي كان من المبرمج استخدامه لإرسال تلك الأقمار وحجزت من أجلها وكالة الفضاء الأوروبية 6 رحلات مسبقاً. هذا في وقت يتوقع للنسخة الأقدم من هذا الصاروخ، "آريان 5"، أن تخرج من الخدمة في شهر يونيو/حزيران القادم، فيما تعود آخر رحلة لها إلى عام 2020.

وتبقى الصواريخ الأمريكية الخيار الأمثل لوكالة الفضاء الأوروبية (ESA)، وفق موقع "بوليتيكو"، ذلك بعد أن منعت الحرب في أوكرانيا والصراع الأوروبي-الروسي، استخدام الصاروخ "سويوز" المملوك لموسكو.

هذا وليست هي المرة الأولى التي يعتمد فيها الاتحاد الأوروبي على صواريخ إيلون ماسك في برنامجه الفضائي. ففي شهر أكتوبر/تشرين الأول الماضي، ذكر المدير العام لوكالة الفضاء الأوروبية، اعتماد الوكالة على "فالكون 9" في إرسال المسبارين "هيرا" و"أقليديس"، قائلاً إنه "إجراء استثنائي بسبب تأخر آريان 6". وجرت برمجة رحلة إطلاق أولى في هذا العام والثانية في 2024.

لماذا تأخر "آريان 6"؟

كان من المزمع تسليم صاروخ "آريان 6" وإجراء أول رحلة له في عام 2020، لكن ذلك ما لم يتحقق، وتأجل لعدة مرات بسبب "مشكلات تقنية في الصاروخ إلى جانب تبعات الأزمة الصحية الناجمة عن فيروس كورونا"، وفق ما ذكره سابقاً مدير النقل الفضائي الأوروبي في وكالة الفضاء الأوروبية دانييل نوينشفاندر.

أبعد من ذلك، يرجع موقع "Ars Technica" المتخصص في أخبار علوم وتكنولوجيا الفضاء، التأخر في تسليم "آريان 6" إلى ما وصفه "سياسة الفضاء الضيقة للاتحاد الأوروبي". مشيراً إلى أنه بالرغم من أن برنامج تطوير الصاروخ يجري تحت إدارة مجموعة واحدة كبرى هي الفرنسية "آريان غروب"، فإن وكالة الفضاء الأوروبية تفرض أن يجري توزيع أجزائه على عدد من شركات من الدول الأعضاء، وهو ما يؤخر عملية إنجاز المشروع لاختلاف سياسات الإنتاج لدى كل من تلك الشركات.

ويضيف الموقع أن هذا النمط من التطوير الذي تنهجه الوكالة يرفع تكلفة إنشاء الصاروخ بكثير، مقارنة بتكلفة إنشاء صاروخ "فالكون 9" الذي تصنعه شركة واحدة بسياسة إنتاج موحدة. وفي عام 2020، طالبت وكالة الفضاء الأوروبية بزيادة في ميزانية برنامج تطوير "آريان 6" بـ230 مليون يورو، مضافة إلى 4 مليار يورو التي حُددت ميزانية أولى.

هذا وترى أوروبا في تطوير "آريان 6" أداة لتكريس سيادتها على برنامج الفضاء خاصتها، "دون الحاجة إلى الاعتماد على وكالة ناسا أو روسيا أو نزوات المليارديرات الأمريكيين"، حسب ذات الموقع. ويزيد هذا الأمر إلحاحاً في ضوء الأحداث الجيوسياسية الأخيرة، التي قطعت وصول أوروبا إلى صاروخ "سويوز" الروسي.

TRT عربي
الأكثر تداولاً