الخارجية الباكستانية بيّنت للإمارات موقفها الرافض للاعتراف بإسرائيل في الوقت الحالي (AA)
تابعنا

يهدد إصرار السعودية والإمارات على جر باكستان نحو التطبيع مع إسرائيل بانهيار علاقات تاريخية تقليدية، وسط تهديدات مبطنة وعمليات ابتزاز مستمرة تتعرض لها إسلام أباد.

ومنذ كشف علاقتها مع إسرائيل أغسطس/آب الماضي، تحاول الإمارات ومن خلفها السعودية إدخال باكستان في المنظومة التي تشهد هرولة نحو العلاقة مع إسرائيل، لكن الأخيرة تعلي صوتها برفض هذه الخطوة.

رفض باكستاني

وأعلنت الخارجية الباكستانية الاثنين، أنها بيّنت للإمارات موقفها الرافض للاعتراف بإسرائيل إلى حين التوصل إلى تسوية دائمة وملموسة للقضية الفلسطينية.

وقال وزير الخارجية الباكستاني شاه محمود قريشي خلال مؤتمر صحفي في مدينة مولتان شمال شرقي البلاد: "بيّنتُ لوزير خارجية الإمارات بشكل قاطع موقف باكستان من إسرائيل، وأننا لم ولن نستطيع إقامة علاقات معها".

جاءت تصريحات الوزير بعد يوم واحد فقط من زيارته للإمارات التي عدّها كثيرون حاسمة، وسط شائعات بأن إسلام أباد أرسلت سراً مبعوثاً إلى تل أبيب. ونفت إسلام أباد بالفعل هذه التقارير التي جاء معظمها من وسائل الإعلام الإسرائيلية.

وفي سبتمبر/أيلول الماضي وقَّعت إسرائيل اتفاقاً لتطبيع العلاقات مع الإمارات والبحرين، وأعلنت الخرطوم في الشهر التالي موافقتها على تطبيع العلاقات مع تل أبيب، ليعلن المغرب في ديسمبر/كانون الأول الحالي خطوة مماثلة.

وتحدثت تقارير إسرائيلية وغربية عديدة عن مساهمة أبو ظبي والرياض في إنجاز الاتفاقات مع الدول الأخرى.

وفي آخر تلك التقارير كشفت صحيفة "تايمز أوف إسرائيل" العبرية هذا الشهر نقلاً عن دبلوماسيين أن السعودية لعبت دوراً مهماً في اتفاق التطبيع بين المغرب وإسرائيل المعلن عنه في 10 ديسمبر/كانون الأول 2020.

لكن باكستان بدورها رفضت سلوك الدور نفسه وقال وزير خارجيتها في تصريحاته الأخيرة: "علينا اتخاذ قرارات تضع مصالح باكستان في الاعتبار وليس بسبب أي ضغط. لدينا سياسة ولا نزال متمسكين بها".

بداية القصة

بدأت الضغوطات من تقييد شحنات النفط وتهديدات مبطنة لباكستان باستعادة عمالها المغتربين من دول الخليج بخاصة الإمارات والسعودية على ما يبدو، لابتزاز إسلام أباد إحدى أكبر الدول الإسلامية وأكثرها ثقلاً، لقبول تطبيع العلاقات مع إسرائيل.

وقالت صحيفة "eurasian times" إن الإمارات وبمباركة من السعودية بدأت بالفعل تنفيذ هذه الإجراءات في 14 أغسطس/آب 2020 قبل أن تقرر المملكة توظيف مواطنيها كأئمة ومؤذنين في المساجد الكبرى بدلاً من الباكستانيين.

تهدف هذه الخطوة وفق تقرير نشرته الصحيفة إلى غلق الباب على مليون مسلم باكستاني من الانخراط في الخدمات الأساسية في السعودية، بعد أن ألغت الإمارات بالفعل أكثر من 3000 وظيفة لباكستانيين ومنحتها إلى الهنود بدلاً من ذلك.

وحظرت الإمارات في نوفمبر/تشرين الثاني الماضي إصدار تأشيرات العمل للباكستانيين، في ضربة قاسية لإسلام أباد، إذ كان الملايين منهم في الإمارات يرسلون مليارات الدولارات سنوياً إلى عائلاتهم، مما دفع باكستان في 28 نوفمبر/تشرين الثاني إلى مطالبة أبو ظبي بإيجاد حل للقضية.

أيضاً تصاعد التوتر بين السعودية وباكستان في 6 أغسطس/آب 2020 حين رفضت الرياض دعم موقف إسلام أباد بشأن إقليم كشمير. كما تعقدت العلاقات بعد إصدار المملكة لاحقاً ورقة نقدية سعودية بقيمة 20 ريالاً أظهرت كشمير المتنازع عليها بين الهند وباكستان كدولة مستقلة.

وصلت العلاقات إلى مستوى حاد من التوتر بعد إصرار السعودية على رد باكستان قرضاً بثلاثة مليارات دولار (Reuters)

ووصلت العلاقات إلى مستوى حاد من التدهور بعد إصرار السعودية على رد باكستان قرضاً بثلاثة مليارات دولار. وقال مسؤولون باكستانيون لـ"رويترز" في 17 ديسمبر/كانون الأول الجاري إن إسلام أباد ردت مليار دولار إلى الرياض هي الدفعة الثانية من القرض الميسر، ليتبقى مليار إضافي تعمل باكستان على سداده.

ما خلفيات الإصرار؟

ترى صحيفة "eurasian times" أن الضغوط الأخيرة التي اتخذتها الرياض تنبع من حقيقة أن المملكة ستطبِّع مع إسرائيل قريباً. ولا تقتصر الأجندة النهائية لتل أبيب على توفير ضمان أمني للسعودية فحسب بل أيضاً تقديم نفسها كبديل لباكستان.

وينبئ التغيير الوشيك في الإدارة الأمريكية في يناير/كانون الثاني 2021 بمستقبل سياسي أكثر غموضاً لولي العهد السعودي محمد بن سلمان بعد مغادرة الرئيس دونالد ترمب البيت الأبيض، مما يدفع الأمير نحو إسرائيل.

ويكافح الأمير خلال الفترة الأخيرة للبقاء بعيداً عن الأنظار مثلما كشفت قمة مجموعة العشرين التي نظمتها الرياض في نوفمبر/تشرين الثاني الماضي. وكان ترمب أحد المدافعين الأقوياء الذين رفضوا إلقاء اللوم على بن سلمان في اغتيال الصحفي جمال خاشقجي، على الرغم من التقارير والتقديرات التي تؤكد تورُّطه.

ومنذ وقت ليس ببعيد قال ترمب: "إن النظام السعودي لن يصمد حتى أسبوعين من دون دعمي". لذلك ترى صحيفة "publico" الإسبانية أن مستقبل بن سلمان أصبح اليوم معتمداً بالأساس على رئيس الوزراء الإسرائيلي بنيامين نتنياهو بعد رحيل ترمب المرتقب عن البيت الأبيض.

وحول العوامل التي تسببت في انهيار الصداقة والتحالف التقليدي بين باكستان والسعودية بشكل متسارع، تؤكد صحيفة "times of india" أن "إسلام أباد" فشلت في قراءة الديناميكيات الجديدة التي تعيد تشكيل سياسات الشرق الأوسط، مع تنافس متزايد بين إيران وتركيا وماليزيا من جهة، والرياض وتل أبيب من جهة أخرى.

في تلك الأثناء تحذر صحيفة "publico" الإسبانية مما يجري، بالقول إن بن سلمان وبن زايد ونتنياهو بدؤوا مؤخراً مغامرات خطيرة مشكوكاً فيها للغاية ويعملون أساساً لإنشاء شرق أوسط مصمم خصيصاً لمصالح إسرائيل.











TRT عربي - وكالات
الأكثر تداولاً