واستند المؤرخ لي مردخاي، في دراسته المؤلفة من 124 صفحة، تحت عنوان "الشهادة على حرب إسرائيل" إلى "آلاف المراجع التي تدعم التقييم الذي خلص إليه".
وقال لي مردخاي (42 عاماً) الضابط السابق بسلاح الهندسة في جيش الاحتلال الإسرائيلي، والمحاضر أول في التاريخ بالجامعة العبرية في القدس، إن "الكم الهائل من الأدلة التي رأيتها، والتي جرت الإشارة إلى كثير منها لاحقاً في هذه الوثيقة، كانت كافية لي للاعتقاد بأن إسرائيل ترتكب إبادة جماعية ضد السكان الفلسطينيين في غزة".
ورداً على التبريرات التي تسوِّق لها إسرائيل بشأن حرب الإبادة، رأى مردخاي أن "الرد الإسرائيلي على عملية حماس في 7 أكتوبر/تشرين الأول غير متناسب وإجرامي تماماً".
وقال: "في جميع الأحوال، لا تبرر المظالم والفظائع التاريخية ارتكاب فظائع إضافية في الوقت الحاضر".
وأضاف مردخاي: "على مدار العام الماضي، ارتكبت إسرائيل مذابح متكررة بحق الفلسطينيين في غزة، مما أسفر عن مقتل أكثر من 44 ألف فلسطيني -60% منهم على الأقل أطفال ونساء وكبار بالسن- كما أُصيب ما لا يقل عن مئة ألف آخرين، وما زال أكثر من 10 آلاف في عداد المفقودين".
وتابع: "هناك أدلة كافية على الهجمات العشوائية وغير المتناسبة التي شنتها إسرائيل طوال الحرب، فضلاً عن عديد من الأمثلة على المذابح وعمليات القتل الأخرى".
سلاح المجاعة
وقال: "لقد أحدثت إسرائيل المجاعة في غزة بوصفها سياسة فعلية واستخدمتها سلاح حرب، مما أدى إلى وفاة عشرات المدنيين (معظمهم من الأطفال) بسبب الجوع".
وأضاف: "تسببت إسرائيل أيضاً بنقص في المياه والأدوية والكهرباء. كما فككت النظام الصحي والبنية التحتية المدنية في غزة، ونتيجة لذلك، يموت مزيد من الناس من حالات قابلة للعلاج وإجراءات طبية صعبة مثل البتر والولادة القيصرية التي تُجرى من دون تخدير".
وشدد في دراسته على أن "الوفيات الإجمالية في غزة غير معروفة، ولكنها بالتأكيد أعلى بكثير من الحصيلة الرسمية للقتلى".
وأضاف: "كما أن نزع الصفة الإنسانية عن الفلسطينيين منتشر على نطاق واسع في المجتمع المدني الأوسع. إن التحدث عن الفلسطينيين بلغة إبادة جماعية أمر مشروع في الخطاب الإسرائيلي".
وتابع: "إن نزع الصفة الإنسانية عن الفلسطينيين المعتقلين والمدنيين في غزة يؤدي إلى انتشار الإساءة والعنف ضدهم وممتلكاتهم، وكل هذا دون عواقب تُذكر، والواقع أن الغالبية العظمى من المحتوى الذي ينزع الصفة الإنسانية عن الفلسطينيين المعتقلين والمدنيين في غزة يشاركه الإسرائيليون أنفسهم، وهو ما تؤكده شهادات الفلسطينيين عن تجاربهم".
تطهير غزة عرقياً هدف لإسرائيل
ولفت المؤرخ إلى "أن الأدلة التي رأيتها وناقشتها تشير إلى أن أحد الأهداف المحتملة للغاية لإسرائيل هو تطهير قطاع غزة عرقياً، سواء جزئياً أو كلياً، من خلال إبعاد أكبر عدد ممكن من الفلسطينيين".
وقال: "لقد أدلى أعضاء رئيسيون في الحكومة الإسرائيلية بتصريحات تؤكد هذه النية، كما خطط عديد من الوزارات الإسرائيلية أو عملت على تسهيل مثل هذه الغاية، وأحياناً من خلال إقناع أو الضغط على دول أخرى".
وأضاف: "لقد طهَّرت إسرائيل بالفعل أجزاء كبيرة من قطاع غزة من خلال الهدم والتجريف، كما حاولت تدمير نسيج المجتمع الفلسطيني من خلال استهداف المؤسسات المدنية عمداً مثل الجامعات والمكتبات والأرشيفات والمباني الدينية والمواقع التاريخية والمزارع والمدارس والمقابر والمتاحف والأسواق".
وبدعم أمريكي، ترتكب إسرائيل منذ 7 أكتوبر/تشرين الأول 2023، إبادة جماعية في غزة خلَّفت أكثر من 150 ألف شهيد وجريح من الفلسطينيين، معظمهم أطفال ونساء، وما يزيد على 11 ألف مفقود، وسط دمار هائل ومجاعة قتلت عشرات الأطفال والمسنين، في إحدى أسوأ الكوارث الإنسانية في العالم.
وتواصل إسرائيل مجازرها متجاهلةً قرار مجلس الأمن الدولي إنهاءها فوراً، وأوامر محكمة العدل الدولية باتخاذ تدابير لمنع أعمال الإبادة الجماعية وتحسين الوضع الإنساني الكارثي في غزة.