الرئيس الروسي صدق في 16 نوفمبر/ تشرين الثاني 2020، على إنشاء قاعدة بحرية روسية في السودان (AP)
تابعنا

أثيرت حالة من الجدل بعد أنباء عن اعتزام السودان تجميد اتفاق عسكري مع موسكو، كان يتضمن إنشاء قاعدة عسكرية روسية على البحر الأحمر شرقي البلاد.

وبين تأكيد عدد من المصادر والنفي الروسي لم تتضح معالم الصورة بعد، لكن السودان بدأ التغير بالفعل بعد الإطاحة بنظام عمر البشير في 11 أبريل/نيسان 2019.

تجميد محتمل

نقلت وكالة الأناضول عن مصدر دبلوماسي طلب عدم نشر اسمه أن "قرار التجميد يخص اتفاقاً وقَّعه النظام السابق (برئاسة عمر البشير 1989-2019) مع موسكو، ويشمل إنشاء قاعدة عسكرية روسية في ميناء بورتسودان (على البحر الأحمر)".

وأرجع قرار التجميد إلى أن "الاتفاق به بنود وتفاصيل لا يمكن المضي فيها من دون اتفاق الطرفين، لا سيما عقب ثورة ديسمبر/كانون الأول المجيدة".

وفي 15 أبريل/نيسان الجاري نفى مجلس الدفاع والأمن السوداني دقة الأنباء المتداولة بشأن إنشاء قاعدة روسية في البلاد، على خلفية تناول وسائل إعلام خبر البدء في إنشاء قاعدة عسكرية روسية شرقي السودان.

لكن قالت مصادر عسكرية مطلعة إن الأسابيع الماضية شهدت حضوراً روسياً عسكرياً ملحوظاً في قاعدة فلامينغو على البحر الأحمر شمالي مدينة بورتسودان.

وتفيد المصادر نفسها بأن نحو 70 من أفراد البحرية الروسية من بينهم 10 ضباط، يقيمون بصفة دائمة في القاعدة، كما جلبت تلك القوات تعزيزات شملت منصات إطلاق صواريخ وناقلات جنود ونصبت راداراً ومنعت القوات السودانية الاقتراب من مناطق تمركُزها.

وأضافت المصادر السابقة أن سفينة استطلاع روسية ستصل إلى الميناء السوداني في الأيام المقبلة.

وفي 2017 لم تتحمس موسكو لطلب الرئيس السوداني آنذاك عمر البشير إنشاء قاعدة عسكرية روسية في بلاده.

ونشطت موسكو مؤخراً في الحديث عن اتفاقية وقعتها مع الخرطوم لإقامة قاعدة عسكرية روسية شرقي السودان على البحر الأحمر، فيما تعامل البلد الإفريقي مع الأمر بالنفي.

وفي مايو/أيار 2019 كشفت موسكو عن بنود اتفاقية مع الخرطوم لتسهيل دخول السفن الحربية إلى مواني البلدين بعد أن دخلت حيز التنفيذ.

وصدق الرئيس الروسي فلاديمير بوتين، في 16 نوفمبر/ تشرين الثاني 2020، على إنشاء قاعدة بحرية روسية في السودان، قادرة على استيعاب سفن تعمل بالطاقة النووية.

وفي 19 من الشهر نفسه قال رئيس الأركان السوداني الفريق ركن محمد عثمان الحسين: "حتى الآن ليس لدينا الاتفاق الكامل مع روسيا حول إنشاء قاعدة بحرية في البحر الأحمر، لكن التعاون العسكري بيننا ممتد".

لكن في 9 ديسمبر/كانون أول 2020 نشرت الجريدة الرسمية الروسية نص اتفاقية بين موسكو والخرطوم حول إقامة قاعدة تموين وصيانة للبحرية الروسية على البحر الأحمر، بهدف "تعزيز السلام والأمن في المنطقة"، حسب مقدمة الاتفاقية.

ونصت الاتفاقية على إقامة منشأة بحرية روسية قادرة على استقبال سفن حربية تعمل بالطاقة النووية واستيعاب 300 عسكري ومدني.

وبعد الأنباء الجديدة أكدت السفارة الروسية في الخرطوم الخميس، أن مزاعم وقف اتفاق إنشاء قاعدة بحرية روسية على البحر الأحمر بالسودان "لا يتوافق مع الواقع".

وقالت في بيان على صفحتها على إنستغرام: "السفارة الروسية في الخرطوم لم تتلقَّ أية إخطارات من الجانب السوداني".

مفتاح روسيا لإفريقيا

وخلال لقاء البشير مع بوتين عام 2017 وصف الأول السودان بأنه "مفتاح روسيا لإفريقيا" وطرح فكرة القاعدة البحرية.

وتحدثت تقارير عديدة لاحقاً عن استخراج شركات روسية الذهب في السودان وعن تقديم عناصر من الشركة الأمنية الروسية الخاصة "فاغنر" المشورة لقوات الأمن السودانية خلال الاحتجاجات ضد حكم البشير أواخر عام 2018. وأكد المسؤولون الروس وجود عسكريين روس في السودان.

وهذه القاعدة التي يجري الحديث عنها هي الأولى لروسيا في إفريقيا. وكان الاتحاد السوفيتي يملك قواعد عسكرية في الصومال وإثيوبيا.

وفي تسابق واضح نحو السودان وصلت إلى ميناء بورتسودان على البحر الأحمر ثلاث سفن حربية أمريكية وروسية خلال شهر أبريل/نيسان.

الخرطوم رحبت بالسفينتين الأمريكيتين اللتين وصلتا إلى مدينة بورت سودان، في زيارة هي الأولى منذ عقود، حسب السفارة الأمريكية في السودان.

ولدى استقباله المدمرة "ونستون تشرشل" في بورت سودان قال القائم بالأعمال الأمريكي برايان شوكان إن "هذه الزيارة التاريخية تظهر دعم الولايات المتحدة للانتقال الديمقراطي في السودان ورغبتنا في عهد جديد من التعاون والشراكة مع السودان".

وفي 24 فبراير/شباط الماضي استقبلت بورتسودان سفينة النقل السريع "كارسون سيتي"، وكانت "أول سفينة تابعة للبحرية الأمريكية تصل إلى السودان منذ عقود"، وفق بيان للسفارة الأمريكية.

من جانب آخر وقبل يوم واحد من وصول المدمرة الأمريكية "ونستون تشرشل" استقبل السودان الفرقاطة الروسية "أدميرال غريغوروفيثش"، وهي الأولى من نوعها التي تصل إلى السودان.

وتعد هذه السفينة أول سفينة حربية روسية تدخل ميناء بورتسودان في تاريخ روسيا الحديث.

وذكرت وكالة الأنباء السودانية أن قيادة السفينة الروسية أجرت مباحثات مع المسؤولين السودانيين حول تنفيذ الاتفاق بين موسكو والخرطوم بشأن إقامة نقطة دعم لوجيستي للبحرية الروسية في السودان.

وتتطلع روسيا إلى التحول إلى لاعب رئيسي في معادلات الصراع بمنطقة القرن الإفريقي من بوابة السودان، معتمدة على إرث سياسي وتاريخي في المنطقة، لكنها تواجه عقبة استراتيجية تتمثل في نفوذ لاعبين كبار في مقدمتهم الولايات المتحدة والصين.

لكن صرح أميرال سابق في البحرية الروسية لوكالة إنترفاكس بأنه يعتقد أن السودان علق اتفاقه مع روسيا "تحت ضغط من الولايات المتحدة".

وترى تقديرات أن السودان لا يريد الدخول في حالة من الاستقطاب والمنافسة الدولية بين روسيا وأمريكا، وأنه يفضل الأخيرة التي رفعت مؤخراً اسمه من قائمة الإرهاب وساهمت في تطبيعه العلاقات مع إسرائيل.

TRT عربي - وكالات
الأكثر تداولاً