معارك السودان بأسبوعها الثالث.. حمدوك: نشوب حرب أهلية سيشكل كابوساً للعالم / صورة: AFP (AFP)
تابعنا

شهدت الخرطوم غارات جوية وإطلاق نار السبت فيما تواصل إجلاء آلاف الأجانب من السودان مع دخول المعارك بين الجيش وقوات الدعم السريع أسبوعها الثالث رغم الهدنة المعلنة والجهود الدولية لوقف القتال.

وأعلن الجيش السوداني، مساء السبت، أن قوات الاحتياطي المركزي التابعة للشرطة انتشرت جنوبي العاصمة الخرطوم.

وقال الجيش في بيان: "بدأ فتح (انتشار) وحدات من شرطة الاحتياطي المركزي تدريجياً بمناطق جنوب الخرطوم، وسيتوالى نزولها تباعاً بمناطق العاصمة".

وشرطة الاحتياطي المركزي، قوات شبه قتالية تتبع وزارة الداخلية، شاركت في حرب دارفور بحكم الرئيس السابق عمر البشير.

وفي مارس/آذار 2022، فرضت الولايات المتحدة عقوبات على قوات الاحتياطي المركزي بسبب "انتهاكات خطيرة" لحقوق الإنسان، واتهمتها باستخدام القوة المفرطة ضد متظاهرين يحتجون سلمياً على الانقلاب العسكري الذي وقع في أكتوبر/تشرين الأول 2021.

من ناحية أخرى، اتهم الجيش، قوات الدعم السريع بأنها استمرت في "القصف العشوائي لمناطق في محيط القيادة ووسط الخرطوم وأم درمان".

وتابع الجيش في بيانه: "اشتبكت قواتنا مع المتمردين (الدعم السريع) في مناطق الحلفايا (شمالي مدينة بحري) وجنوب أم درمان (غربي العاصمة)، وحققت عمليات التمشيط نجاحات في المنطقتين".

ودوّت انفجارات قوية بالعاصمة السودانية الخرطوم، السبت، جراء القصف المدفعي والجوي المتزايد بصورة عنيفة بعدة مناطق من المدينة.

وحسب وسائل إعلام محلية تجددت الاشتباكات في محيط القصر الرئاسي في الخرطوم.

"كارثة إنسانية"

وأوقعت الاشتباكات ما لا يقل عن 528 قتيلاً و4599 جريحاً، وفق أرقام أعلنتها وزارة الصحة السبت، لكن يرجح أن تكون الحصيلة أكبر من ذلك.

ونزح نحو 75 ألف شخص إلى الدول المجاورة مصر وإثيوبيا وتشاد وجنوب السودان وفق مكتب الأمم المتحدة لتنسيق الشؤون الإنسانية، فيما تنظم دول أجنبية عمليات إجلاء واسعة.

وفي السياق، أعرب الأمين العام للأمم المتحدة أنطونيو غوتيريش عن أسفه لاستمرار القتال فيما "ينهار البلد"، حسب ما قال في تصريح لقناة "العربية" الإخبارية السعودية.

ويتبادل طرفا النزاع الاتهامات بانتهاك الهدنة التي جرى تمديدها لمدة ثلاثة أيام بوساطة دولية، وتنتهي الأحد منتصف الليل (22:00 ت.غ).

ويعاني السكان الذين يحاولون الفرار أو يقبعون في منازلهم، أزمات شاملة مع انقطاع المياه والكهرباء ونقص الغذاء.

وأعلنت نقابة الأطباء السودانيين أن 70% من المرافق الصحيّة في المناطق القريبة من مواقع القتال باتت خارج الخدمة.

تبادل اتهامات

وتبادل الجنرالان المتصارعان الجمعة الاتهامات عبر وسائل الإعلام.

فعلى شاشة قناة "الحرّة" الأمريكية، وصف البرهان قوات الدعم السريع بـ"المليشيا التي تسعى لتدمير السودان"، مؤكداً تدفق "مرتزقة" من تشاد وجمهورية إفريقيا الوسطى والنيجر.

أما دقلو فتحدث من جهته عبر قناة "بي بي سي" عن خصمه واصفاً إياه بـ"الخائن" معتبراً أنه "ليس جديراً بالثقة".

وكان البرهان ودقلو أطاحا معاً عام 2021 بشركائهما المدنيين بعدما تقاسما السلطة معهم منذ سقوط الرئيس عمر البشير عام 2019.

لكن سرعان ما ظهرت خلافات بينهما وتصاعدت حدتها، ومن أبرز أسبابها شروط دمج قوات الدعم السريع في الجيش، قبل أن تتطور إلى صراع مسلح في 15 أبريل/نيسان.

وقال ممثل الأمم المتحدة في السودان فولكر بيرتيس لقناة "الجزيرة" إنه لم يكن "أي مؤشر" على اندلاع المعارك في 15 أبريل، وخصوصاً أن طرفَي النزاع كان مقرراً أن يلتقيا في اليوم المذكور.

والسبت، دعا رئيس جنوب السودان سلفا كير، وهو وسيط تاريخي في السودان، الجنرالين لإجراء "حوار مباشر بنّاء وملموس".

وحضّهما أيضاً على "عدم محاولة تعزيز مواقع"، علماً بأن مراقبين عديدين لاحظوا أن أي هدنة لم تصمد لأن أياً من طرفَي النزاع لا يريد أن يدع فرصة للآخر للتقدم أو استقدام تعزيزات.

وحذر رئيس الوزراء السوداني السابق عبد الله حمدوك السبت من أن النزاع في السودان قد يتفاقم إلى إحدى أسوأ الحروب الأهلية في العالم في حال لم يجرِ وضع حد له.

وقال حمدوك في حديث مع قطب الاتصالات الملياردير البريطاني من أصل سوداني مو إبراهيم خلال مناسبة استضافها الأخير ضمن نشاطات مؤسسته للحكم والقيادة في نيروبي: "إذا كان السودان سيصل إلى نقطة حرب أهلية حقيقية (...) فإن سوريا واليمن وليبيا ستكون مجرد مبارزات صغيرة".

وأضاف: "أعتقد أن ذلك سيشكل كابوساً للعالم"، مشيراً إلى أنه ستكون له تداعيات كبيرة.

واعتبر حمدوك أن النزاع الحالي "حرب لا معنى لها" بين جيشين، مؤكداً: "لا أحد سيخرج منها منتصراً، لهذا السبب يجب أن تتوقف".

وإذا كانت الهدنة لم تضع حداً للمعارك، فقد سمحت للممرات الإنسانية بالبقاء مفتوحة. وفي هذا السياق، أتاحت قافلة نظمتها الولايات المتحدة إجلاء مواطنين أمريكيين ومن دول أخرى إلى بورتسودان (شرق).

وانطلاقاً من المكان المذكور وصلت السبت سفينة تقل نحو 1900 شخص من جنسيات مختلفة إلى جدة غربي المملكة العربية السعودية.

وأعلنت السعودية أنه جرى في الإجمال إجلاء نحو 4879 من مواطنيها ومواطني 96 دولة أخرى عبر المملكة.

نهب وتدمير وحرائق

وقالت وزارة الخارجية البريطانية إن أقل من 1900 بريطاني جرى إجلاؤهم في 21 رحلة، بما في ذلك رحلة أخيرة كان من المقرر أن تغادر السبت.

وأعلن بيان صادر عن الخارجية الأمريكية أن قافلة تضم مواطنين أمريكيين وموظفين محليين ومواطنين من دول حليفة وصلت السبت إلى بورتسودان مع استمرار عملية الإجلاء من السودان الذي تعصف به الحرب.

ولم يحدد البيان الصادر عن المتحدث باسم الخارجية ماثيو ميلر عدد الأشخاص في القافلة.

من جهتها، قالت كندا إن "نافذة الفرص تضيق"، وصرّحت وزيرة الدفاع الكندية أنيتا أناند: "نواصل تقييم مختلف الخيارات لإجلاء الكنديين، بما في ذلك عبر الطرق البرية والبحرية".

وأضافت أن "أكثر من 375 كندياً" جرى إجلاؤهم من السودان، ولا يزال نحو 300 آخرين ينتظرون المساعدة للخروج من البلد.

يتوقع برنامج الأغذية العالمي أن يواجه ملايين الأشخاص الإضافيين الجوع في أحد أفقر بلدان العالم حيث كان قرابة ثلث السودانيين البالغ عددهم 45 مليوناً يحتاجون إلى مساعدات غذائية قبل اندلاع الحرب.

وفي غرب دارفور، قتل 96 شخصاً على الأقل منذ الاثنين في مدينة الجنينة، حسب المفوضية العليا للأمم المتحدة لحقوق الإنسان التي وصفت الوضع بأنه "خطير".

وتتزايد أعمال النهب والتدمير وإضرام الحرائق بما في ذلك داخل مخيمات النازحين، حسب منظمة أطباء بلا حدود التي اضطرت إلى "وقف كل أعمالها تقريباً في غرب دارفور" بسبب العنف، حسبما قال نائب مدير المنظمة في السودان سيلفان بيرون.

وشهد إقليم دارفور حرباً دامية بدأت عام 2003 بين نظام البشير ومتمردين ينتمون إلى أقليات إثنية ما أسفر عن مقتل 300 ألف شخص ونزوح مليونين ونصف مليون آخرين، وفق الأمم المتحدة.

TRT عربي - وكالات
الأكثر تداولاً