ووصل بلينكن مساء الأحد إلى إسرائيل، في زيارة جاءت ضمن الجهود الرامية إلى دفع صفقة تبادل الأسرى والمحتجزين إلى الأمام بين حماس وإسرائيل، والتقى بلينكن، الاثنين، خلال هذه المحطة من جولته التاسعة بالمنطقة رئيس الوزراء الإسرائيلي بنيامين نتنياهو، والرئيس يتسحاق هرتسوغ، ووزير الدفاع يوآف غالانت.
وفي وقت سابق الأحد، قالت هيئة البث العبرية الرسمية إنّ زيارة بلينكن تأتي بهدف الضغط على تل أبيب في محاولة لدفع المفاوضات بشأن صفقة تبادل الأسرى والمحتجزين ووقف إطلاق النار في غزة.
والثلاثاء، وصل بلينكن إلى مصر قادماً من إسرائيل، قُبيل مفاوضات حاسمة مرتقبة بالقاهرة قبل نهاية الأسبوع لبحث وقف الحرب في قطاع غزة، وأجرى الوزير الأمريكي مباحثات مع الرئيس المصري عبد الفتاح السيسي في مدينة العلمين (شمال غربي مصر) بشأن وقف إطلاق النار بغزة، وفق بيان للرئاسة المصرية.
وبعد مصر، توجّه بلينكن مساء الثلاثاء، إلى العاصمة القطرية الدوحة التي غادرها بعد زيارة قصيرة، وأجرى خلالها مباحثات مع وزير الدولة بالخارجية القطرية محمد الخليفي بشأن مستجدات الوساطة المشتركة لإنهاء الحرب الإسرائيلية على قطاع غزة، وقال بلينكن في مؤتمر صحفي قبيل مغادرته إنه "ينبغي إنجاز اتفاق وقف إطلاق النار في غزة خلال الأيام المقبلة"، وفق قناة الحرة الأمريكية.
"لم تكن كافية"
قالت وسائل إعلام أمريكية، اليوم الأربعاء، إنّ محاولات واشنطن وقف إطلاق النار بقطاع غزة لم تكن كافية، مشيرة إلى أن المفاوضات التي جرت بوساطة الولايات المتحدة وقطر ومصر "وصلت إلى طريق مسدود".
وقالت صحيفة نيويورك تايمز إن بعض المسؤولين الأمريكيين أكدوا أن الجهود التي تبذلها الولايات المتحدة للتوصل إلى وقف لإطلاق النار في غزة "لم تكن كافية في نقاط رئيسية".
ونقلت الصحيفة الأمريكية تصريحات لمسؤولين إسرائيليين وحركة حماس بشأن "المقترح" الذي قدمته الولايات المتحدة بخصوص تبادل الأسرى ووقف إطلاق النار في غزة، وذكر المسؤولون أن الخلافات الكبيرة بين حماس وإسرائيل ما زالت تنتظر حلولاً، وأن "المقترح الأمريكي" يتضمن بقاء جيش الاحتلال الإسرائيلي على حدود غزة مع مصر.
من جانبها قالت صحيفة بوليتيكو الأمريكية إن المفاوضات غير المباشرة بين إسرائيل وحركة حماس "على وشك الانهيار". وأوردت تصريحات لمسؤولين أمريكيين وإسرائيليين، قالوا فيها إن المفاوضات التي جرت بوساطة الولايات المتحدة وقطر ومصر "وصلت إلى طريق مسدود".
وذكر المسؤولون أن المقترح الأمريكي الأخير هو "الأقوى حتى الآن"، ويتكيف مع مطالب كل من حماس وإسرائيل، وفق ادعائهم.
وخلال زيارته للدوحة شدد وزير الخارجية الأمريكي أنتوني بلينكن، أمس الثلاثاء، على أن "الوقت داهم" للتوصل إلى وقف إطلاق نار في غزة، وذلك في ختام جولة شرق أوسطية سعى خلالها لإقناع كل من إسرائيل وحركة حماس بالموافقة على "خطة التسوية" التي طرحتها واشنطن.
وكان مسؤولو إدارة الرئيس بايدن يشعرون بالتفاؤل قبل بضعة أسابيع فقط، وفق بوليتيكو التي نقلت عن أحد المسؤولين الأمريكيين قوله إن "حماس أشارت سراً إلى أنها مستعدة للموافقة على الصفقة المقترحة".
وتوقفت محادثات استضافتها قطر الأسبوع الماضي، بهدف التوصل إلى اتفاق لوقف إطلاق النار، دون تحقيق انفراجة، لكن من المتوقع استئناف المفاوضات هذا الأسبوع في القاهرة بناءً على المقترح الأمريكي لسد الفجوات بين حماس وإسرائيل.
ويتجه المفاوضون، ومن بينهم بريت ماكغورك كبير مستشاري الرئيس جو بايدن لشؤون الشرق الأوسط، إلى القاهرة قبل نهاية هذا الأسبوع لمحاولة التوصل إلى اتفاق.
وإذا لم يتمكنوا من إقناع حماس بالموافقة، "فقد لا يكون أمامهم أي خيارات"، وفق بوليتيكو التي أشارت إلى أن هذا "يزيد احتمالات تصاعد العنف بين إسرائيل وحزب الله، وحدوث مواجهة مباشرة بين إسرائيل وإيران".
جولة الدوحة
والجمعة الماضي أعلن الوسطاء في محادثات وقف إطلاق النار على غزة أن الولايات المتحدة قدمت مقترحاً جديداً لتقليص الفجوات بين إسرائيل وحركة حماس، وجاء ذلك في بيان مصري-قطري-أمريكي مشترك نشرته الخارجية المصرية في ختام اليوم الثاني والأخير لجولة محادثات استضافتها الدوحة.
وجرت مفاوضات غير مباشرة بين إسرائيل وحماس في الدوحة يومي 15 و16 أغسطس/آب الجاري، وأُعلن لاحقاً أن الطرفين سيواصلان التفاوض في القاهرة قبل نهاية الأسبوع الجاري.
يأتي ذلك فيما تأمل واشنطن، التي تشيع انطباعات بمضي المحادثات في "أجواء إيجابية"، أن يسهم التوصل إلى اتفاق بين حماس وإسرائيل على وقف الحرب وتبادل الأسرى في إثناء إيران وحزب الله عن الرد على اغتيال رئيس المكتب السياسي لحماس إسماعيل هنية بطهران في 31 يوليو/تموز الماضي، والقيادي بالحزب فؤاد شكر ببيروت في اليوم السابق.
وقدّم الوسطاء لحماس بنود إطار اتفاق لوقف إطلاق النار في 2 يوليو/تموز الماضي، استناداً إلى المقترح الذي عرضه الرئيس الأمريكي جو بايدن في مايو/أيار الماضي، لوقف الحرب على قطاع غزة وتبادل الأسرى.
وهذه البنود تحقق وقفاً شاملاً للعدوان على غزة وانسحاباً كاملاً للاحتلال من القطاع وكسراً للحصار وفتحاً للمعابر، وإعادة إعمار وتحقيق صفقة جادة لتبادل الأسرى. وهو ما قابلته إسرائيل بالرفض واستمرار المجازر ووضع شروط جديدة تتعلق بالبقاء في ممر نتساريم وسط قطاع غزة ومحور فيلادلفيا على الحدود مع مصر.
تعنت إسرائيلي
ورغم حديث الجانب الأمريكي عن مضي محادثات الدوحة السابقة في "أجواء إيجابية"، فإن رئيس الوزراء الإسرائيلي بنيامين نتنياهو أعلن تمسك حكومته بشروط ترفضها حماس بشكل مطلق، وحذر وزير دفاع إسرائيل يوآف غالانت، ورئيس الموساد دافيد برنياع، في وقت سابق من أنها ستعرقل التوصل إلى الصفقة.
وتشمل هذه الشروط "السيطرة على محور فيلادلفيا على الحدود بين غزة ومصر، ومعبر رفح الحدودي بغزة، ومنع عودة مقاتلي الفصائل الفلسطينية إلى شمال غزة (عبر تفتيش العائدين من خلال ممر نتساريم)".
فيما قالت حماس إنّ ما أُبلغت به قيادة الحركة عن نتائج اجتماعات الدوحة لوقف إطلاق النار يُعَدّ تراجعاً عما اتُّفق عليه في 2 يوليو/تموز الماضي، استناداً إلى مقترح الاتفاق الذي أعلنه الرئيس الأمريكي جو بايدن نهاية مايو/أيار الماضي.
حماس تردّ على بايدن
نفت حركة حماس، في بيان أمس الثلاثاء، ما ورد في تصريحات الرئيس الأمريكي جو بايدن بشأن تراجعها عن اتفاق وقف إطلاق النار على قطاع غزة، معتبرة أنها تظهر "انحيازاً كاملاً" لإسرائيل.
وقالت الحركة: "تابعنا باستغراب واستهجان شديدين التصريحات الصادرة عن الرئيس الأمريكي، التي ادعى فيها أن الحركة تتراجع عن اتفاق وقف إطلاق النار في قطاع غزة، وذلك بعد ساعات من دعوة وزير خارجيته أنتوني بلينكن للحركة للقبول بالمقترح الأخير".
وأضافت: "تصريحات بايدن وبلينكن هي ادعاءات مضلّلة، ولا تعكس حقيقة موقف الحركة الحريص على الوصول إلى وقفٍ للعدوان"، مشيرة إلى أن "هذه التصريحات تأتي في إطار الانحياز الأمريكي الكامل للاحتلال الصهيوني، والشراكة الكاملة في العدوان وحرب الإبادة على المدنيين العزل في قطاع غزة".
وذكرت حماس أن ما جرى عرضه مؤخراً عليها "يشكل انقلاباً" على ما وصلت إليه الأطراف في الثاني من يوليو/تموز الماضي، والمرتكز على إعلان بايدن نفسه في 31 مايو/أيار الماضي، وقرار مجلس الأمن الدولي رقم 2735 الصادر في 11 يونيو/حزيران المنصرم.
واعتبرت أن العرض الأخير بشأن صفقة تبادل الأسرى ووقف إطلاق النار في غزة "يُعَدّ استجابة ورضوخاً أمريكياً لشروط الإرهابي نتنياهو الجديدة، ومخططاته الإجرامية تجاه قطاع غزة".
وبدعم أمريكي تشن إسرائيل منذ 7 أكتوبر/تشرين الأول الماضي حرباً مدمرة على غزة، خلفت أكثر من 133 ألف شهيد وجريح فلسطيني، معظمهم أطفال ونساء، وما يزيد على 10 آلاف مفقود، وسط دمار هائل ومجاعة قاتلة.