بدأ الرئيس الفرنسي إيمانويل ماكرون الأربعاء في ليبرفيل جولة في وسط إفريقيا تستمر أربعة أيام تشكل مناسبة لاختبار الشراكة الجديدة التي يريد بناءها مع هذه القارة حيث يشهد النفوذ الفرنسي تراجعاً.
ووصل الرئيس الفرنسي مساء إلى العاصمة الغابونية وتوجّه مباشرة إلى قصر الرئاسة لتناول العشاء مع نظيره علي بونغو.
وتشكّل هذه الجولة التي تشمل أيضاً أنغولا والكونغو وجمهورية الكونغو الديموقراطية، الزيارة الثامنة عشرة له في إفريقيا منذ بدء ولايته الأولى في 2017.
وعلى وقع هتاف "ماكرون قاتل، بوتين أنقذنا" تظاهر الأربعاء أمام السفارة الفرنسية بضع عشرات الشبان الكونغوليين في كينشاسا رافعين الأعلام الكونغولية والروسية احتجاجاً على زيارة ماكرون.
وتوجه ماكرون إلى القارة بعد يومين من عرضه في باريس استراتيجية إفريقية للسنوات الأربع المقبلة.
ودعا الرئيس الفرنسي الاثنين، بعدما أقرّ بوجود استياء متنامٍ نحو فرنسا، القوة الاستعمارية السابقة، إلى "بناء علاقة جديدة متوازنة ومتبادلة ومسؤولة" مع إفريقيا.
وأعلن كذلك خفض الانتشار العسكري الفرنسي الذي يركز منذ عشر سنوات على مكافحة الجهاديين في منطقة الساحل، لكنه أصبح تجسيداً لإرث استعماري لدى شباب هذه المنطقة المتعطشة إلى استقلال "جديد".
الديمقراطية أولاً
ومنذ أغسطس/آب 2022 دفع المجلسان العسكريان الحاكمان في مالي وبوركينا فاسو الجيش الفرنسي إلى الانسحاب من البلدين. كما أعلنت بوركينا فاسو الثلاثاء وقف العمل بـ"اتفاق المساعدة العسكرية" الذي أبرمته مع فرنسا غداة استقلالها عام 1961.
وتتقدم روسيا مستفيدة من مرتزقة مجموعة فاغنر الروسية المسلحة وحملات التضليل الإعلامي التي تغذي الاستياء حيال فرنسا عبر شبكات التواصل الاجتماعي، على باريس في نطاق نفوذها التاريخي. كما يستفيد بعض الفاعلين السياسيين المحليين من هذا الاستياء لإرساء شرعيتهم.
ويسعى ماكرون الآن للاعتماد على المجتمع المدني والشتات الإفريقي في فرنسا لطي صفحة "فرنسا الإفريقية" التي طبعها كثير من العلاقات المضطربة ودعم حكام محليين مستبدين.
وأكد الرئيس الفرنسي أن "الديمقراطية هي مصلحتنا الأولى" واعداً "بالدفاع عن المصالح" الاقتصادية الفرنسية فيما تحرز الصين وتركيا تقدماً هائلاً.
وزيارته للغابون حساسة إذ تتهمه المعارضة فيها أنه من خلالها "يدعم" الرئيس علي بونغو الذي انتخب في ظروف مثيرة للجدل عام 2016 وقد يكون مرشحاً مجدداً هذا العام.
وقال قادة المعارضة الغابونية: "سيفسر الغابونيون، على خطأ كانوا أم لا، زيارتكم لبلادهم على أنها تعبير عن دعم فرنسي للنظام القائم من أجل تعزيز فرص بقائه في السلطة".