وغادر الموظفون الدوليون في الوكالة مدينة القدس الشرقية لانتهاء مفعول تصاريحهم الإسرائيلية، بينما لم يحضر الموظفون المحليون في مقار الوكالة.
وكانت إسرائيل أمرت الأونروا بإخلاء جميع منشآتها في القدس الشرقية ووقف عملياتها فيها بحلول 30 يناير/كانون الثاني الجاري.
وجاء القرار في رسالة وجهها الممثل الدائم لإسرائيل في الأمم المتحدة داني دانون إلى الأمين العام للأمم المتحدة أنطونيو غوتيريش يوم 24 يناير/كانون الثاني الجاري.
ومنذ ذلك الحين أخلت "الأونروا" مقرها الرئيس في حي الشيخ جراح الذي توجد فيه منذ العام 1951 وعيادة بالبلدة القديمة في المدينة ومدارس في المدينة بما فيها مركز تدريب مهني.
اعتداءات متكررة
وقالت الأونروا في تصريح مكتوب: "تعمل الأونروا في جميع أنحاء القدس الشرقية المحتلة منذ خمسينيات القرن الماضي. وتوفر الوكالة الرعاية الصحية الأولية لما مجموعه 70 ألف مريض إلى جانب 1150 طالباً وطالبة في مدارس وعيادات الأونروا".
وأضافت: "المقر الرئيسي للأونروا في حي الشيخ جراح في القدس الشرقية المحتلة، حيث توجد الوكالة منذ أكثر من 70 عاماً، هو مركز عمليات الوكالة في الضفة الغربية المحتلة التي تشمل القدس الشرقية".
وأردفت: "على مر السنين، كانت هناك محاولات متكررة لإجبار الأونروا على إخلاء المبنى في الشيخ جراح، بوسائل عدة بما في ذلك من خلال هجمات الحرق المتعمد والاحتجاجات من المتطرفين ورسائل الإخلاء. وقد تعرض موظفو الأونروا للعنف والاعتقالات".
طرد إسرائيلي
وقال المتحدث باسم وكالة "الأونروا" جوناثان فولر لموقع الأمم المتحدة، أمس الأربعاء: "جرى تقصير مهلة التأشيرات للموظفين الدوليين لتنتهي اليوم (29 يناير/كانون الثاني) وهو ما يعادل الطرد. لذا، أنا وبقية الزملاء الدوليين الذين كانوا في مقر الأونروا في القدس اليوم، انطلقنا إلى عمان (الأردن)، وقد وصلت للتو إلى الأردن".
وتابع: "الموظفون الدوليون في المقر الرئيسي نقلوا إلى مكان آخر حتى يتسنى لنا استئناف عملنا، والذي بالطبع ليس لدينا أي رؤية بشأنه"، بينما لن يكون "الموظفون المحليون، الذين يشكلون بالطبع الأغلبية بين موظفينا، موجودين في المجمع بسبب المخاطر التي يمكن أن يواجهونها، وخاصة عندما تكون هناك مظاهرات تنظمها حركات إسرائيلية مختلفة حول المقر في القدس الشرقية".
وكان نائب رئيس بلدية القدس الغربية اليميني المتطرف أرييه كينغ دعا من خلال منصة إكس، أمس الأربعاء، للتجمع قبالة مقر "الأونروا" بالشيخ جراح والاحتفال بمناسبة إخراج الوكالة الأممية من مدينة القدس.
وقال فاولر: "فيما يتصل بوضع المجمع، فهذا واضح تماماً. هذا المجمع تابع للأمم المتحدة. إن هذا الموقع محمي بموجب اتفاقية عام 1946 بشأن المواقع الدبلوماسية. وهو يستفيد من الامتيازات والحصانات المعتادة، وبالتالي يجب أن يكون هذا المجمع محمياً". وأشار إلى أنه جرى نقل كل شيء خارج المجمع، كما سُرّعت عملية تحويل الأرشيفات إلى صيغة رقمية في عمان.
عواقب كارثية
وكانت الأمم المتحدة دعت إسرائيل مراراً للتراجع عن القرار ولكن من دون جدوى.
وردت المحكمة العليا الإسرائيلية، مساء أمس الأربعاء، التماساً قدمه المركز القانوني لحقوق الأقلية العربية في إسرائيل "عدالة" لإصدار أمر قضائي مؤقت بوقف الإجراءات ضد "الأونروا".
وقال مركز عدالة (غير حكومي) في تصريح مكتوب: "قدم مركز عدالة الالتماس في 16 يناير/كانون الثاني الجاري نيابة عن عشرة لاجئين فلسطينيين سيتأثرون بشدة بالقوانين، بالتعاون مع مركز غيشا – المركز القانوني لحرية الحركة" وهي مؤسسة إسرائيلية غير حكومية.
وذكر عدالة أن قرار المحكمة العليا رفض الالتماس "جاء بعد أن قدمت الدولة والكنيست ردودهما على طلب الأمر القضائي المؤقت، إذ أصرا على التنفيذ الفوري للقوانين، المقرر أن تدخل حيز التنفيذ غداً (اليوم)، مع تجاهل العواقب الإنسانية الكارثية".
ولفت إلى أنه يخشى من تأثير القرار الإسرائيلي ليس فقط في عمل "الأونروا" في القدس الشرقية وإنما أيضاً في قطاع غزة والضفة الغربية.
وأسست الجمعية العامة للأمم المتحدة منظمة الأونروا في عام 1949 وفوضتها بمهمة تقديم المساعدة الإنسانية والحماية للاجئي فلسطين المسجلين في مناطق عمليات الوكالة إلى أن يجري التوصل إلى حل عادل ودائم لمحنتهم.
وتعمل الأونروا في الضفة الغربية، التي تشمل القدس الشرقية وقطاع غزة والأردن ولبنان وسوريا. ويجري تمويلها بالكامل تقريباً من خلال التبرعات الطوعية.
وفي 28 أكتوبر/تشرين الأول 2024، صدّق الكنيست نهائياً وبأغلبية كبيرة على قانونين يمنعان الأونروا من ممارسة أي أنشطة داخل الأراضي الفلسطينية المحتلة وسحب الامتيازات والتسهيلات منها ومنع إجراء أي اتصال رسمي بها.
وتزعم إسرائيل أن موظفين لدى الأونروا شاركوا في هجوم حركة حماس في 7 أكتوبر/تشرين الأول 2023، وهو ما نفته الوكالة، وأكدت الأمم المتحدة التزام الأونروا الحياد، وتتمسك بمواصلة عملها، وترفض الحظر الإسرائيلي.
وتعاظمت حاجة الفلسطينيين إلى الأونروا، أكبر منظمة إنسانية دولية، تحت وطأة حرب إبادة جماعية شنتها إسرائيل بدعم أمريكي على قطاع غزة على مدى أكثر من 15 شهراً.