انتشل عمال الإنقاذ هناء (8 سنوات) من تحت أنقاض منزل عائلتها في إدلب بعد 33 ساعة من وقوع الزلزال / صورة: AFP (AFP)
تابعنا

تسبّب الزلزال الذي ضرب في السادس من الشهر الحالي سوريا ومركزه تركيا، في مقتل نحو أربعين ألف شخص في البلدين، مخلّفاً عدداً كبيراً من الأطفال الأيتام.

في أحد مستشفيات شمال غربي سوريا، لا تكلّ الطفلة هناء عن السؤال يومياً عن والديها وشقيقتها الصغرى، دون أن تعلم أنها الناجية الوحيدة من عائلتها بعد الزلزال المدمر.

ويقول عبد الله عمّ الطفلة هناء لوكالة الصحافة الفرنسية: "تسأل يومياً عن والدها ووالدتها. حتى الآن لم نخبرها أنهم توُفّوا مع شقيقتها، التي قلنا لها إنها مريضة مثلها وتتلقى العلاج في جناح آخر".

وانتشل عمال الإنقاذ هناء (ثماني سنوات) من تحت أنقاض منزل عائلتها بعد 33 ساعة من وقوع الزلزال الذي تسبّب في انهيار المبنى ببلدة حارم في محافظة إدلب، قرب الحدود مع تركيا. وانتُشلت جثث والدتها وشقيقتها الصغرى البالغة أربع سنوات ووالدها المتطوع في منظمة الخوذ البيضاء.

وفور سحبها من تحت الركام، نُقلت الطفلة إلى المستشفى حيث تتلقى العلاج، يراعيها عمّها الذي يحدّثها حيناً ويساعدها على احتساء العصير حيناً آخر. ويُبدِي الرجل خشيته على هناء من الصدمة في حال معرفتها بفقدان أسرتها.

ويشرح الطبيب المعالج باسل اصطيف لوكالة الصحافة الفرنسية أنها وصلت إلى المستشفى "في وضع صعب"، وعانت من "جفاف شديد لبقائها تحت الأنقاض بلا طعام أو شراب وفي برد شديد".

"صدمة فوق صدمة"

وتقول مسؤولة التواصل والمناصرة في المجلس الدنماركي للاجئين سماح حديد لوكالة الصحافة الفرنسية: "نعلم من خلال كوارث مماثلة، أنّ الأطفال عرضة لخطر نفسي شديد بسبب حجم الصدمة".

وأوضحت: "من الشائع جدّاً أن يعاني الأطفال في هذه المرحلة من كوابيس متكررة"، مضيفة أنه "من المهمّ الآن أن يبقى هؤلاء الأطفال على تواصل مع أحبائهم وأن يحظوا بالحماية والدعم الذي يحتاجون إليه".

وحسب منظمة الأمم المتحدة للطفولة (يونيسف) فإن أكثر من سبعة ملايين طفل، 2,5 مليون منهم في سوريا، تأثّروا بالزلزال. وبالنظر إلى عدد القتلى الكارثي والمتزايد، أوضحت أنّ "عديداً من الأطفال فقدوا أهاليهم في هذه الزلازل المدمّرة"، محذرة من أنّ "الرقم سيكون مرعباً".

في بلدة حارم، حيث دمّر الزلزال 35 مبنىً على الأقلّ وفق مراسل وكالة الصحافة الفرنسية، نجا الطفل ألب البالغ ثلاث سنوات بأعجوبة، بعد بقائه أربعين ساعة تحت أنقاض منزل عائلته التي توُفّي جميع أفرادها.ذ

ويقول عزّت حميدي (30 عاماً) خال الطفل لوكالة الصحافة الفرنسية من مستشفى للأطفال في سرمدا: "ابن اختي هو الناجي الوحيد، فقد أمه وأباه وإخوته".

ويوضح بتأثُّر كيف عُثر على زوج شقيقته وهو يحضن الطفل ويحميه بجسده فيما يمسك بطفلَيه الآخرَين وشقيقته على بُعد مترين منهم.

"مآسٍ كثيرة"

ويتولى حميدي حالياً رعاية الطفل في قسم العناية بالمستشفى، وهو "مهدَّد ببتر طرفيه السفليَّين". ويقول بحسرة: "سأل لمرة واحدة منذ سحبه من تحت الردم عن والدته"، موضحاً أنه إجمالاً "فاقد للوعي ويئنّ" باستمرار من الألم.

ومنذ وقوع الزلزال تصدّرت صور أطفال انتُشلوا أحياء من تحت ركام منازلهم وسائل الإعلام ومواقع التواصل الاجتماعي، أبرزها الطفلة التي وُلدت يتيمة تحت الأنقاض في بلدة جنديرس الحدودية مع تركيا وعُثر عليها متصلة بوالدتها عبر حبل السرّة.

وفي مقاطع فيديو، ظهر مسعفون يحملون أطفالاً ويبتهجون بإخراجهم أحياءً بعد ساعات طويلة من وقوع الزلزال.

ويقول عبادة زكرة، مسؤول في منظمة الخوذ البيضاء، الدفاع المدني في مناطق سيطرة الفصائل المعارضة، شارك في عمليات البحث والإنقاذ: "أنقذنا عديداً من الأطفال على قيد الحياة (...)، استخرجنا أحياناً من العائلة ذاتها أطفالاً أحياء وآخرين ضحايا".

وبعد لحظات صعبة ومؤثّرة اختبرها عناصر الإنقاذ منذ الأسبوع الماضي، لا يتمنى زكرة إلا أن "يحظى أطفالنا بحياة مغايرة وبنوع من الاستقرار وبالدعم الذي يحصل عليه أي طفل في العالم".

TRT عربي - وكالات
الأكثر تداولاً