تابعنا
في خطوة مفاجئة، أعلنت حماس أن مجموعات جناحها العسكري بموقع التواصل "واتساب" تعرضت لاختراق إسرائيلي، وأعلن موقع "المجد" الأمني التابع لحماس أن المخابرات الإسرائيلية اخترقت قنواته عبر تليغرام وواتساب.

في المقابل اعترفت إسرائيل بمحاولات حماس لاختراق هواتف جنودها عبر تطبيقات الهواتف المحمولة.

وكشف موقع المجد الأمني التابع لحماس أنه في إطار عدوان الاحتلال الإسرائيلي وأجهزة مخابراته المستمر على المجتمع الفلسطيني عموماً، والمحتوى الإعلامي خصوصاً، اخترقت أجهزة مخابراته قنوات "المجد الأمني" عبر منصتي تليغرام وواتساب، في ظل دوره الرئيسي في كشف ومحاربة أساليب المخابرات الصهيونية وعملائها، وعمله المستمر في تحصين المجتمع الفلسطيني.

في حين كشف الجيش الإسرائيلي عن محاولات اختراق جديدة قامت بها حماس، من أجل الوصول إلى هواتف جنود إسرائيليين، زاعماً أنه تمّ تنفيذ إحباط تكنولوجي لشبكات الخوادم التابعة للحركة، بعد محاولات متجددة لاختراق هواتف جنود الجيش الإسرائيلي.

حاولت حماس التواصل مع الجنود عبر مواقع التواصل، وإغراءهم لتنزيل تطبيقات خبيثة، باستخدام أسماء شخصيات وهمية في محاولة منها لخداع الجنود، وحاولت استخدام طرق ذكية لتحقيق مبتغاها.

الطريقة الجديدة لدى حماس للاختراق تمثلت بانتحال شخصيات فتيات حسناوات من أجل جر الجنود إلى علاقات افتراضية، واستخلاص المعلومات منهم، وبعد دردشات عادية قصيرة، يطلبون من الجندي تثبيت برمجية تحتوي على فيروس يعمل في الخلفية، وينقل المعلومات إلى خوادم الإنترنت التابعة لحماس، ودوائر أمن المعلومات الإسرائيلية رصدت الأشهر الماضية محاولات متكررة من حماس لزراعة فيروسات في هواتف الجنود الإسرائيليين، تسمح بالحصول على المعلومات من أجهزتهم.

لكن الأيام الأخيرة شهدت تَمكُّن إسرائيل من إحباط تكنولوجيا خوادم الإنترنت التابعة لحماس، إذ تم تخزين معلومات مأخوذة من الهواتف المحمولة لمئات الجنود، معظمهم من المقاتلين والضباط الصغار، وهي المرة الأولى التي يتم فيها تنفيذ عملية مكافحة هجوم تكنولوجي بهذه الطريقة، رغم أن الجيش رفض الإشارة للطريقة التي تم بها، وما تم إحباطه بالفعل.

تعترف إسرائيل بأنه على مدار الأعوام الأربعة الماضية، حاولت حماس جمع معلومات عن الجيش باستخراج المعلومات من الهواتف المحمولة للجنود، لكن حماس هذه المرة، خلافاً لمرات سابقة، حاولت زراعة فيروس في أجهزة جنود غير مقاتلين في الجيش.

أمَّا الاستخبارات الإسرائيلية فقد تمكنت من رصد ست شخصيات نسوية افتراضية تمكنت حماس بواسطتها من الوصول إلى الهواتف المحمولة للجنود، وتحمل أسماء: سارة أورلوفا، ماريا جاكوبوفا، عدن بن عزرا، نوا دانون، يائيل أزولاي، وريبيكا أبوكسيس.

هذه الشخصيات النسوية الافتراضية تقدم نفسها كمهاجرات جدد إلى إسرائيل، للتستر على عدم إتقان اللغة العبرية بطلاقة، وتبرير الأخطاء الكتابية التي قد تقع عند الدردشة، رغم أن حماس قامت بتعديل صور البروفايل لهؤلاء الحسناوات، كي يصعب التحقُّق من أصل هذه الصور، وتعذر الوصول إلى الصورة الأصلية.

تزعم الاستخبارات الإسرائيلية تحديد 6 أرقام تستخدمها حماس للوصول إلى الجنود، وهذه الأرقام تحتوي على عدد من الميزات، واستخدمت علامات التجزئة لزيادة موثوقية وكمية المستخدمين، الذين وصلت إليهم الشخصيات عبر الشبكة، حيث تم اختيار استخدام وظيفة "التقديم" على فيسبوك، وحاولت الشخصيات تعزيز مصداقيتها بانتحال شخصيات صغار الفتيات، اللواتي يستخدمن اللغة العامية الإسرائيلية.

ورغم أن الجيش رفض الكشف عن عدد الجنود الذين تأثروا في الهجوم الإلكتروني، فإن التقديرات السائدة تتحدث عن بضع مئات، زاعماً أنه لم تتم إصابة سوى هواتف المجندين والضباط ذوي الرتب المنخفضة ببرامج التجسس التابعة لحماس.

هذه هي المحاولة الثالثة على الأقل التي تقوم بها حماس في السنوات الأخيرة لخداع الجنود الإسرائيليين، من أجل تثبيت برنامج على هواتفهم يمكن أن تستخدمه الحركة لجمع المعلومات عن الجيش، وسبق الكشف عن جهود مماثلة في يناير/كانون الثاني 2017، ويوليو/تموز 2018، مِمَّا دفع الجيش إلى قصف قسم العمليات السيبرانية لحماس بغزة في مايو/أيار 2019 خلال إحدى جولات التصعيد العسكري في القطاع.

من الناحية العملية، بمجرد إجراء الاتصال، كانت النساء الوهميات اللطيفات، تعرضن إرسال صور عارية لأنفسهن، ولكن فقط في حال قام الجندي بتنزيل أحد التطبيقات الثلاثة، وهي في الواقع برامج تَجسُّس، وعند تنزيل التطبيق على الهاتف، يحصلون على إشعار وهمي بأن الهاتف لا يدعم التطبيق، وبعدها يختفي، ولكن في الحقيقة يكون الهاتف مصاباً بعدها.

كما أنه بمجرد الإصابة عبر تنصيب برامج التجسس، يتم توصيل الهاتف مباشرة بخوادم حماس، ويمكن للحركة تشغيل الكاميرات لالتقاط الصور، وتنزيل الملفات من الجهاز، ورؤية جهات اتصال الجنود، وبيانات نظام تحديد المواقع العالَمي (GPS)، وفي هذه المرحلة يتوقف نشطاء حماس عن التواصل مع الجنود.

اللافت أن حماس تنجح في كل مرة بمحاولاتها الاختراقية هذه، رغم أن قسم أمن المعلومات في الاستخبارات الإسرائيلية، يواصل إرسال تحذيرات جديدة للجنود، يخبرهم بعدم التحدث لأشخاص لا يعرفونهم على وسائل التواصل الاجتماعي، لتجنب مشاركة المعلومات السرية، وتنبيه ضابط الأمن التشغيلي أو قائدهم على الفور إذا بدأت هواتفهم بالتصرف بشكل غريب.

وفيما اخترقت حماس هواتف الجنود الإسرائيليين عبر ثلاثة تطبيقات تنقل المعلومات من الهواتف، بما فيها الكاميرا وتشغيل المسجل على الهواتف، فقد أنجزت شركة أمن المعلومات "تشيك بوينت" الأمريكية تقريراً عن قدرات حماس في الاختراق، مع تحليل تقني للبرامج الضارة التي استخدمتها في العملية.

تعتبر برمجية "مارت" من برمجيات "التروجان" المعروفة بحصان طروادة التي يمكن إخفاؤها في مجموعة من التطبيقات، وقد استخدمت حماس تطبيقات المواعدة التالية: "غريكسي" (Grixy)، و"زاتو" (Zatu)، و"كاتش آند سي" (Catch &See)، عن طريق مواقع ويب مخصصة لتطبيقات المواعدة.

نقلت حماس هذه التطبيقات عبر محادثات على وسائل التواصل الاجتماعي أجرتها شخصيات وهمية من جانب الحركة مع جنود وضباط إسرائيليين، وأقنعتهم بالاستمرار في التواصل عبر هذه التطبيقات المعيَّنة، مع أن البرمجية الخبيثة في أثناء اختبائها تتصل بخوادم خاصة بحماس عن طريق بروتوكول "إم كيو تي تي" (mqtt).

كما أنشأت حماس مواقعَ مشابهة لمواقع التطبيقات الخاصة بالمواعدة، واستخدمت قدراتها التقنية في بناء مواقع تصيد مشابهة للمواقع الحقيقية لتطبيقات المواعدة المستخدمة، واستخدمت أسماء ممثلين وشخصيات تليفزيونية ومشاهير لخداع الجنود الإسرائيليين في البداية، وقدمت الشخصيات الوهمية نفسها للجنود والضباط عبر وسائل التواصل، ومنها "تليغرام"، على أنها صمَّاء أو ضعيفة السمع، وتمكنت بذلك من إجراء حوار دون إثارة الشكوك في عدم وجود محادثة صوتية.

تشير هذه التطورات الأمنية المتلاحقة إلى سعي حماس الدؤوب للحصول على معلومات عن الجنود الإسرائيليين، وتطوير الطريقة التي تعمل بها برامج التجسس، فيما لم تتوقف الجهود الاستخبارية الإسرائيلية لاختراق مواقع التواصل ومجموعات المحادثات الخاصة بحماس، بهدف وضع اليد على أكبر قدر وأخطر كم من المعلومات الأمنية والعسكرية المطلوبة، وهنا تستمر حرب العقول وصراع الأدمغة بينهما دون سفك الدماء، بهدف معرفة كل طرف عن الآخر كنز معلوماته السرية، تحضيراً للمواجهة الميدانية على الأرض.

جميع المقالات المنشورة تعبِّر عن رأي كُتَّابها ولا تعبِّر بالضرورة عن TRT عربي.

TRT عربي