تابعنا
استطاعت معركة "طوفان الأقصى" وتداعياتها أن تستحوذ على أولويات الثقافة واهتماماتها، وأخَّرت الموضوعات الأخرى كثيراً إلى الوراء، واكتسبت هذه المعركة طقساً مقدّساً منحها الأولويّة والصدارة في الأنشطة والفعاليات الرسمية والشعبيّة والشخصيّة.

لا شكّ أن الظرف الثقافي تغيَّر إلى درجة كبيرة عمّا كان عليه الوضع سابقاً، بسبب اختلاف أدوات الثقافة ومنابرها، واندفاع أعداد كبيرة ممن يمتلكون المنصات المجانية لدخول ميدان الفن والثقافة والأدب دون أن يوجد حُجَّابٌ ينظّمون هذا الدخول أو يتحكمون في نوعية الداخلين أو أعدادهم.

وكلما أتى حدثٌ كبيرٌ، فإن التنافس الكبير في هذه المنصات الكثيفة يدفع هؤلاء إلى تسجيل حضورهم وإبراز قضاياهم واهتماماتهم إلى أعلى نقطة يمكن للآخرين أن يشاهدوها، ويشترك في ذلك الأدب الظاهر، والأديب حديث التخلّق، وطريّ التجربة.

ومنذ اندلاع معارك "طوفان الأقصى"، ولا سيما في تلك الساعات الأولى التي بهرت الناس وأصابتهم بحالة من الذهول وعدم التصديق من فعل المقاومة الذي وُصف بأنه فاصلة تاريخيّة، ثم ردة الفعل الإسرائيلية التي كسرت كل أنماط الإنسانية وقوانينها وأخلاقها، وأعلنت الحرب على كل شيء في محيط هذه المقاومة التي لم تستطع كسرها أو وقفها، فإن موكب الثقافة يحاول التمدد والظهور والمرافقة لهذه الأحداث الجليلة المتصلة، التي لا تزال تتصدّر الأحداث العالمية في المنطقة العربية وجوارها الإسلامي.

وكأنّ شخصية الثقافة استعادت أدبياتها النفسية والروحيّة، وثبّتت حقيقة معنويّة أن المخزون النفسي والإرادة الحرة هو ما يصنع الفارق.

كان هذا الطوفان غالي الثمن وبالغ الكلفة، لكنه بنى أسطورة ثقافية جديدة اسمها غزة، وتحوّلت هذه البقعة إلى تاريخ فاصل محفور في ذاكرة الأمة، كما أكّد حجتَها المجرَّبة في إمكانية الانتصار على العدو المتغلّب في معركة غير متكافئة في جانبها المادي، وبات واضحاً أنّ أبعاد ما جرى في قطاع غزة كان مرحلة فاصلة بين حقبتين سيذكرها التاريخ جيداً، كما كانت حطّينُ وفتح بيت المقدس مِن قبل مرحلةً فاصلة في تاريخ الأمة، رافقها الشعر والكتابة الديوانية بشغفٍ والتزام.

وفي الجانب الثقافي، فقد كان الأدب والفن مواكبَين لهذه الملحمة، وحملاها كما حملتهما، واستطاعت معركة "طوفان الأقصى" وتداعياتها أن تستحوذ على أولويات الثقافة واهتماماتها، وأخَّرت الموضوعات الأخرى كثيراً إلى الوراء، واكتسبت هذه المعركة طقساً مقدّساً منحها الأولويّة والصدارة في الأنشطة والفعاليات الرسمية والشعبيّة والشخصيّة.

وتعدَّت مرحلة الومضة التي قد تختفي فيها الأحداث الكبيرة المفاجئة بعد برودة الحدث، لطول المعركة وكثرة أحداثها وتنوّع تداعياتها وضخامة تفاصيلها التي يحتوي كل تفصيل منها على حدث كبير بذاته، وهي في طريقها إلى التحوُّل صوب تشكيل ظاهرة أدبية عميقة في التراث الأدبي والثقافي المعاصر.

فهو الأدب الذي اتخذ من غزة والطوفان موضوعاً له في كل قصائده ومنشوراته وإنتاجه، وهو الأدب الذي شغل كل مثقف وأديب وفنّان، وفرض نفسه بقوّة على الجميع، وهو الأدب الذي حمل خصائص فنية مشتركة نتيجة الوحدة الموضوعية له، وهو أيضاً الحدث الذي شغل كل الأمة بامتداداتها الجغرافية بتفاصيله وشغل كل قطاعاتها مدة مقدرة من الزمان، وتكرر معه الإنتاج الأدبيّ مرات ومرات من مصادر واحدة، مما يعني أنه ليس حدثاً عابراً أو ومضة سريعة.

ولعل من أهم الأسباب التي ساعدت على تشكيل هذه الظاهرة هو توفر الصورة الإعلامية وكثافتها وغزارتها والتجديد اليومي فيها، وسيطرة موضوع غزة في وسائل الإعلام سيطرة مطلقة، وفداحة الخَطْب، وعظم المُصاب، وجلالة الصمود، وعجائبية الثبات، كل ذلك أتاح للأدب أن يتأثر بشدة، ويندمج في الحالة بالتصاق واحتكاك.

ويمكننا أن نرصد الخصائص العامة لهذه الظاهرة التي بعثها "طوفان الأقصى" في الأدب والثقافة والفن.

أولاً: الوحدة الموضوعية

كانت غزة وطوفانها موضوع الإنتاج الأدبي، وكان يعبّر عنها بصراحة ووضوح غير ملتبسَين، وأما الأفكار العنوانية لهذه الوحدة، فهي تتألف من تبرير الطوفان وشرح أسبابه، شدة الحصار، عظم الفاجعة بكثرة الدم، خذلان الحكام لأهالي غزة، التعجب من روح التضحية ولغة الصمود والسلوك الصامد بالقول والفعل لدى أهل القطاع كافَّةً في هذا الظرف، تمجيد المقاومة وتأكيد حتمية انتصارها في مواجهة البغي والظلم، وإبداء تضامن الأمة مع غزة، والحصار الذي حجب النور، ومنع الحياة، وأعاد عقارب الساعة إلى الوراء.

واللون الطاغي في هذه الوحدة الموضوعية هو اللون الأحمر القاني المصطبغ بالدم اللزج الدافئ، واللون الآخر الحاضر بقوة أيضاً هو اللون الأسود الذي يلف دائرة المعتدي الإسرائيليّ، ومواقف الأطراف الدولية والجوار الذي خذل هذا الشعب في محنته رغم القدرة على نصرته، ويبدو اللون المشرق قليل البزوغ، إلا في لحظات تصوير حتمية النصر وحضور الأمل في مواجهة الظلمة الحالكة.

وفي الصمود العجيب لمجتمع قطاع غزة ومقاتليه منبر عريض في هذا الأدب، فقد غزا هذا الصمود روح الأمة وملأها بالنشوة، فخلدوا هذا الصمود القاسي بألقاب متينة البناء عميقة الغور، إذ يحق لغزة أن تفخر بانتصارها وهي وحدها دون مساندة فعلية في ميدان الموت.

وبمثل هذا الانتصار يقترب حلم الوحدة من التحقُّق، إذ جمع مشاعر الأمة كلها وأعاد لها روحها الهائمة، وغزة كعبة العزة وقِبلة الأحرار التي يركع لها المجد، وغزة موطن القداسة والطُّهر والنقاء ومحل الاعتبار، وغزة التي صنعت تاريخاً جديداً لها ولأمتها، وغزة هي فصل الخطاب، وظل العزّة، وغزة الفتوح، وغزة اليرموك وحطين وأجنادين، والعزة ليست مصادفة، بل هي اختيار واصطفاء وكرامة.

وأظهر الإنتاج الأدبي أحكاماً حاسمة في نصوصه التقريرية التي لم يغلّفها بالرموز المغمضة كما اعتاد، فقرّر أنّ خذلان العالم لغزة جريمة لا يمكن غفرانها، ولعنة تطارد هؤلاء وتفضحهم مهما تقنَّعوا بالإنسانيّة والتزام الحقوق وسيادة القانون أو الوطنية الزائفة أو الحكمة المدّعاة، وأقل ما يمكن أن نصفهم به هو البلادة وانعدام الحياء والعصبيّة العمياء، وأن الحياد في شأن غزة خيانة لا محالة، والتشكيك في انتصار المقاومة إرجاف وعمالة، وأن التطبيع جريمة وراءها قصة فساد عريض.

ثانياً: الملحمية

كانت الصور الغزيرة المتلاحقة للأحداث تغذّي منابع الإبداع، فلم تعد المنشورات القصيرة سائدة، إذ عادت ظاهرة المطولات في المنشورات الأدبية، وهي مطولات درامية في أكثرها توثق للحدث شعورياً وصورياً وأسلوبياً، بنفَسٍ روائي ونطاقات حكائية، مع إعلاء شأن العاطفة في إطار الفلسفة الدينية المبنية على الصبر والتضحية والفداء والاعتزاز والإيمان بالقضاء والقدر، أو الفلسفة الإنسانيّة العاطفيّة، ورغبة في تدوين الحكاية التاريخية لهذه المحطة الفاصلة مع دعائية عالية، واستئناف الملحمية في هذا الأدب ظاهرة مهمة تستأهل التثبيت والتوثيق، وإن كان يؤخذ عليها أنها لم تستطع إعادة إنتاج الحدث في صورة فنية تخييلية أرقى، وسبب ذلك أنه كتب في حقل الأزمة وكثافة الصورة ومباشرتها، كما ارتفعت الحاجة إلى استخدامها في المنابر الجماهيرية مما اضطرها إلى التجاوب مع ثقافة الجمهور العامة.

لكن ذلك لم يدفع الأدب إلى الهبوط بمستواه، بل استطاع إعادة تقديم الفخامة اللغوية، والجزالة اللفظية، والتراكيب الماضية في محاولة لتركيب المجد الحاضر بالماضي لبناء التواصل بين الأمجاد السابقة واللاحقة، وهو ما استدعى حضور المبشِّرات الحطينية، والمقامات الصلاحية، والبطولات الخالدية، والانتصارات المظفرية، بل جرى استدعاؤها بوصفها مشارِكةً في هذه المعركة لا شاهدةً على حقبة انتصارات خلت كما يجري في السابق.

وغدت النصوص التي تتناول موضوع غزة أشبه بالقلعة الحصينة التي تستمد حصانتها من تطاول بنيانها بكثرة أبياتها وفقراتها، ومن فخامة حجارتها (كلماتها وتراكيبها)، ومن جلالة موضوعها (الموقع المنيع)، ومن تنوع أفكارها الفرعية التي تشكِّل الوحدة الموضوعية للنص.

واتخذ التعبير عن هذا البناء الملحمي شكلاً موضوعيّاً متماسكاً تشيع فيه الأنفاس الطويلة والمتوسطة والقصيرة المشبعة بالمعاني، فمثل هذا البناء الملحمي الهرمي يحتاج إلى امتدادات واسعة من اللغة والعاطفة ليعبّر عن مراده.

ثالثاً: العاطفة الجياشة

امتزجت الغنائية الذاتية بالجماعية الملحمية في تناغم وائتلاف، بل تلبّست حالة الآخَر في غزة بعاطفة الأديب وسكنته، وعاشت معه بتفاصيلها فصار ناطقاً باسمها، مهتاجاً بهياجها، محترّاً بحرارتها، متفاعلاً مع غليانها، تتولد منها حالة احتجاج حادّة مع شحنات غاضبة ثورية كانت تتجاوز في بعض أمثلتها حدود النقد إلى التجريح القاسي والسب المقذع والسخرية اللاذعة الكاوية، وتجد فيها السخرية الغاضبة من الذين تركوا الشعب بلا نصرة، ومالوا إلى اغتصاب الحياة، وتحدثوا أن الموت بحرية أولى من نُشدان النصرة من العملاء والجبناء، وسخروا من أسلحتهم المخزَّنة التي لا تخرج إلا للاستعراض أو قمع شعوبها.

وهذا الأدب لا يسعى لاكتشاف حقيقة غزة وعصبها القوي، بقدر ما يكشف عن رؤية باتت شديدة التأكيد والتحصين، بما يمكن بناء حالة وعي كثيفة لا يمكن كيّها أو تنفيسها بعد التعبئة الهائلة التي استوعبتها، واستطاعت هذه العاطفة الواعية الكثيفة أن تسترد حالة الوعي وتبنيه على أركان متينة، دون الحاجة إلى البناء التراكمي طويل المدى الذي يبذله الإصلاحيون على طريق تغيير المجتمعات.

وكانت هذه العاطفة متأثرة بشدة وعنف بالصورة الحية -بالدم والموت والدمار- كما تأثرت كثيراً بالثقافة الدينية، لذلك مالت إلى التقريرية والمباشرة في كثير من أبياتها دون أن تغيب المقامات الفنية التخييلية فيها، وهو ما أعطاها روحاً منبرية خطابية، إضافة إلى اللونية الفنية الانتخابية، كانت تهدف بوضوح إلى رسم رأي عامٍ متصل ومتجاوب مع بعضه، وقادر على المواجهة أيضاً من خلال روح التحدي الذي استلهمه الأدباء من صمود غزة الخرافي، مع ميل إلى المواجهة وعدم التخفِّي وراء الرمزية والإغماض.

ولكن هذه العاطفة الجياشة كانت مصابة بحالة من العجز والإحباط المفضي إلى الكآبة أحياناً من فداحة الخطب وشيوع الدم واختلاط أحشاء الأطفال والنساء بالرماد وبقايا الدمار، بينما تمتنع الظروف عن تقديم واجب النصرة والنجدة وإغاثة الملهوف والمرعوب، لذلك تجد اللغة الاعتذارية في كل القصائد تقريباً مع الاعتراف الأثيم بالتقصير والعجز، والهجوم على الذات.

رابعاً: الواقعية الوصفية

بما أن هذا الأدب هو وليد الصورة التليفزيونية الكثيفة، ووليد المتابعة اللحظية للحدث بتطوراته وامتداداته فقد اتسم بالواقعية الوصفية، لذلك تجد أسماء الناطقين الرسميين بلثامهم المميّز، والاحتفاء بالبطولات المصورة للمقاتلين من مسافة صفر، والبحث عن رموز تشخيصيّة باهرة في أعمالهم التي لا تظهر فيها وجوههم وأشكالهم ولا أصواتهم الحقيقية.

وتجد أسماء البقاع التي تدور فيها الأحداث، المدارس والأحياء والمناطق والمعسكرات والمناطق الحدودية والقرى المحاذية للخط الأخضر، كما تجد أسماء مَن وقف مناصراً للمقاومة ومَن خذلها، وباختصار فإن هذا الأدب كتب معجماً جديداً في لغة الأعمال العالمية.

كما أن الطراز الملحمي يستعرض الدراما اليومية المتجددة بكل تفاصيلها المتخيلة لكثرة النماذج الواقعية المرصودة إعلاميّاً.

إن استحضار التاريخ وعقد المقارنات جزء من التوقيع الواقعي لتأكيد المماثلة والمشابهة بين الأعصار التاريخية، ولا سيّما زمن النبوّة والمحطات التاريخية الفاصلة في تاريخ الإسلام.

أعادت أحداث طوفان الأقصى رسم تحالفات الفن والأدب والثقافة، وأعادت قيم العاطفة الانفعالية إلى الصدارة، وأشعلت شرارة الأدب لدى المبتدئين والمخضرمين، واستطاعت المعركة أن تكون رحماً تخلَّق فيه الأدب من جديد، وبات السؤال عن تأثير طوفان غزة في الوعي العالمي، وما التغييرات الشكليّة والمضمونيّة والإيقاعية والعاطفية التي ستطرأ على ألوان الإنتاج الأدبي في الدراما والفن والرواية والشعر والمسرح والفنون التطبيقية والتشكيلية والكاريكاتير والملصق وفنون التصميم والتصوير، وبدأ النقد يبحث عن المشهد القادم وكأنّه يستشرف المستقبل الأدبي بين التراثية والواقعية والسريالية، وعن أعماق هذه التداعيات على الوعي الجماعي العالمي، خصوصاً مع هذا التفاعل غير المسبوق ومحاولة البحث عن أيّ فعل تضامنيّ بأي صورة ممكنة مهما صغرت.

إن المقولة السائرة اليوم عن أن العالم قبل طوفان الأقصى سيختلف عن العالم بعده، ليست في السياسة والاجتماع فحسب، بل هي في قلب التحولات الأدبية القادمة التي تستلزم من النقاد مواكبتها ورصدها ومعاينة هذه التحولات في تجربة عالمية لا تتكرر كثيراً، نقلت القضية الفلسطينية إلى أعماق الوعي، ومزجت عناصر الفنّ مزجاً شديداً توسَّعت فيه اللغة والخيال والرؤية إلى بُعدٍ كونيٍّ يتأسس على قضيّة شاغلة ذات أبعاد دينية وإنسانية وروحية وثقافية وتاريخية وسياسية.

ولعل أكثر المستفيدين من هذا الحضور هو الأدب العربيّ والأدب الإنسانيّ الذي وجد قضيّة غير محايدة ينطلق منها مجدداً بعد رحلة طويلة من الانكفاء على الذات والشعور بالعدميّة والخراب الثقافي، وانتهاء مبرّرات سؤال جدوى الكتابة، وستكون هذه الظاهرة "ظاهرة طوفان الأقصى" رافعة لأدب المقاومة من جديد، ولكن بشكل مختلف كثيراً عن تقاليد أدب المقاومة السائدة وأنماطها التقليدية التي كتب عنها نقاد الستينيات والسبعينيات، وبلغة أسلوبية جديدة أكثر حداثة وتراثيّة في الوقت ذاته.

لقد كانت هذه الحرب هي الأقسى والأشد فظاعة ووحشيّة في تاريخ الصراعات الحديثة، ولكنها الحرب الأكثر ملحميّة وافتخاراً أيضاً بمقاومتها المصوّرة الموثّقة التي كسرت صورة الردع الدموي والتدمير الوحشي الشامل، التي استطاعت تقديم مشهد مختلف عن صدقية الثوّار وعذوبة موسيقاهم الملحميّة وروحهم المقاتلة، وصمود حاضنتهم الشعبية الخارق لكل التوقعات.

في النهاية، طوفان الأقصى حرّر الأدب من قيوده وظروفه، وأطلقه في فضاء واسع جديد في واحدة من أكبر الظواهر الإنسانية الكونية التي ما تزال تتجاوب معه بلا حياد، وتحاول أن تصعد إلى مستواه، وتطلق أدباً مقاوِماً جديداً تحت عنوان مواجهة الظلم وكسر مظلّة الرواية الإسرائيلية، وتفكيك استعاراتها القاتلة، وإنهاء حالة الاختزال الثقافيّ في الرؤية الواحدة الحاكمة.

جميع المقالات المنشورة تعبر عن رأي كتّابها ولا تعبر بالضرورة عن TRT عربي.

TRT عربي