تابعنا
يهدف البرنامج إلى اتخاذ عديدٍ من الاحتياطات والتدابير لمكافحة التضخم وبالتالي ضمان استقرار الأسعار، ويدعو البرنامج إلى خفض التضخم إلى خانة الآحاد على المدى المتوسط، وتحسين بيئة الأعمال والاستثمار، والحفاظ على الانضباط المالي.

تحولات اقتصادية هامّة شهدتها تركيا في الآونة الأخيرة، وسط جهود مكوكية متواصلة لرسم مستقبل البلاد الاقتصادي وتحقيق الازدهار وضمان الاستقرار المالي.

وفي إطار تلك الجهود يأتي الإعلان عن البرنامج متوسط ​​المدى الذي يتضمن أهداف الاقتصاد الكلي الأساسية مثل التضخم والتوظيف والنمو للفترة 2024-2026، والذي أعدّته مديرية الاستراتيجية والموازنة في رئاسة الجمهورية ووزارة الخزانة والمالية في 6 سبتمبر/أيلول 2023.

ووصف الرئيس التركي رجب طيب أردوغان في خطاب ألقاه بالمجمع الرئاسي في العاصمة أنقرة هذا البرنامج بأنّه خريطة طريق تتماشى مع الهدف المتمثل بجعل تركيا أقوى وأكثر أمناً وازدهاراً.

أهداف رئيسية

وتكشف هذه الوثيقة عن البيانات الأساسية والأهداف والتوقعات المتعلقة بالاقتصاد للسنوات الثلاث المقبلة، ويعبّر هذا البرنامج عن كيفية تحسين الركائز المختلفة للاقتصاد مثل النمو الاقتصادي والتوظيف واستقرار الأسعار والمالية العامة.

وبالإضافة إلى ذلك يوضح البرنامج أنّ النماذج الاقتصادية الجديدة ستركز على استقرار الأسعار، فمن خلال هذا البرنامج تعطي الدولة والحكومة مكافحة التضخم الأولوية، ومن خلال اتخاذ خطوات أكثر واقعية تهدف الدولة أولاً إلى السيطرة على التضخم ثم خفضه.

ومن هذا المنطلق يهدف البرنامج إلى اتخاذ عديدٍ من الاحتياطات والتدابير لمكافحة التضخم وبالتالي ضمان استقرار الأسعار، ويدعو البرنامج إلى خفض التضخم إلى خانة الآحاد على المدى المتوسط، وتحسين بيئة الأعمال والاستثمار، والحفاظ على الانضباط المالي.

كما يولي البرنامج مكافحة الكوارث أهمية خاصة مثل الزلزال الذي وقع في 6 فبراير/شباط 2023 والحرائق التي زادت خلال أشهُر الصيف، وأخيراً توجد أرقام مهمة من بين مستهدفي البرنامج، وبهذا المعنى تهدف إلى زيادة التضخم إلى 8.5 في المئة، والدخل القومي إلى 1.3 تريليون دولار، ودخل الفرد يقترب من 15 ألف دولار، والصادرات إلى 300 مليار دولار في عام 2026.

وتشمل أهداف البرنامج أيضاً التحول الأخضر والتحول الرقمي بما يتوافق مع النظام الدولي، وبهذا المعنى يُذكر أنّه سيجري استخدام كميات أقل من الديزل وسيجري استثمار مزيد في الطاقة المتجددة.

خطوات عقلانية

ومن خلال البرنامج المعلن تبني تركيا تفسيرات عقلانية وخططاً استراتيجية أكثر توافقاً مع الواقع. وكما هو معروف، في عام 2022 زاد عدد السكان العاملين في تركيا بنحو مليونين وتجاوز 31 مليوناً.

واكتسب إجمالي العمالة، الذي انخفض إلى 26 مليوناً بسبب جائحة كوفيد-19 التي بدأت في عام 2020، زخماً كبيراً بزيادة قدرها 5 ملايين في فترة السنتين، ويهدف البرنامج المعلن إلى زيادة فرص العمل إلى نحو 35 مليوناً خلال الفترة 2024-2026.

وعلى غرار التوظيف، من المرغوب فيه تخفيض البطالة إلى مستوى معقول، وبهذا المعنى تهدف إلى خفض التضخم السنوي.

ويحتوي البرنامج على أهداف تتضمن تحسينات مماثلة في مجالات مثل الميزانية وعجز الحساب الجاري والمالية العامة.

وسيصل الدخل القومي إلى 1.07 تريليون دولار في عام 2023، ومن المتوقع أن يرتفع هذا الرقم إلى 1.3 تريليون دولار في عام 2026، وهذا الوضع يفوق تقديرات المنظمات الدولية بالنسبة إلى تركيا.

ويقدّر صندوق النقد الدولي أنّ الدخل القومي لتركيا سيبلغ 1.33 تريليون دولار في عام 2028، كما أنّ توقعات النمو الاقتصادي (4-5%) التي طرحها البرنامج هي في المتوسط ​​أكثر توازناً مقارنة بالسنوات السابقة، لذا فإنّ أهداف النمو الاقتصادي عند مستوى مقبول.

وفي ما يتعلق بالنمو الاقتصادي، من المتوقع أن يرتفع معدل التوظيف بنحو مليون سنوياً بين عامَي 2024 و2026، ويكشف هذا الوضع أنّ الحكومة تفضل النمو الاقتصادي المتوازن والتوظيف.

ويهدف البرنامج بشكل أساسي إلى تحقيق نمو اقتصادي قوي ومستقر ومستدام وشامل ويعطي الأولوية للتحول الصحي والإنتاجي، أما الأولويات الأخرى للبرنامج فهي توجيه التوقعات الاقتصادية وزيادة القدرة على التنبؤ وتحسين بيئة الاستثمار.

ويعمل البرنامج الاقتصادي على مكافحة التضخم، ويتناول أيضاً كفاءة الإنتاج والتوزيع العادل للثروة وحل المشكلات الهيكلية، ويهدف إلى تطوير الصادرات بطريقة تركّز على التكنولوجيا.

وترتبط الأهداف المذكورة أعلاه، التي ترتبط بنموذج النمو المرتكز على التصدير، ارتباطاً وثيقاً بنفقات عمليات البحث والتطوير، التي من المقرر أن تتزايد نفقاتها التي بلغت 151 مليار دولار في الفترة 2002-2023 لتصل إلى نحو 200 مليار دولار، باستثمارات تبلغ 60 مليار دولار في الفترة 2024-2026، ولذلك من المتوقع أن تركز تركيا على تقنيات الإنتاج عالية التقنية في الفترة الجديدة.

الأهداف والاقتصاد الجديد

ويهدف البرنامج إلى إدراج الموارد المالية والطبيعية بشكل أكبر في النشاط الاقتصادي من أجل استخدام رأس المال البشري المستخدم في القوى العاملة بكفاءة أكبر.

بالإضافة إلى ذلك، تهدف تركيا إلى زيادة المدخرات المحلية من خلال نماذج اقتصادية جديدة، وضمان كفاءة توزيع الموارد، واستخدام الأسواق المالية بشكل أكثر فاعلية من خلال تسهيل الوصول إلى أسواق رأس المال.

ويُعَدّ جذب مزيد من المستثمرين الأجانب إلى الأسواق المالية المحلية مجالاً مهمّاً آخَر يركز عليه البرنامج، إذ تهدف تركيا، التي اجتذبت ما يقارب 266 مليار دولار من الاستثمارات الأجنبية المباشرة في الفترة 2002-2023 إلى زيادة هذا الرقم إلى أكثر من 300 مليار دولار في الفترة 2024-2026.

والهدف الآخر للبرنامج هو زيادة عائدات السياحة من خلال تحقيق قرابة 180 مليار دولار من الدخل السياحي في الفترة 2024-2026 إلى أن تصبح أكبر دولة سياحية في أوروبا، ويمكن لتركيا، التي لم تغلق قطاع السياحة خلال فترة الوباء وطوّرت السياحة الصحية مقارنة بالجهات الأوروبية، تحقيق مزيد من الأرباح في هذا المجال خلال السنوات المقبلة.

ويسعى البرنامج كذلك إلى تسريع إعادة إعمار المناطق المتضررة بعد الزلزال، وإعداد تركيا لمواجهة الكوارث الطبيعية، وفي واقع الأمر يركز البرنامج في كثير من الأحيان على تسريع أنشطة البناء بعد الزلزال ومساعدة الأشخاص المتضررين، إذ تتوقع الجهات الرسمية تخصيص إنفاق إجمالي قدره 105 مليارات دولار لبناء منطقة الزلازل بين عامَي 2024-2026.

وفي مجال الكوارث الطبيعية يعمل البرنامج على جعل المؤسسات العامة أكثر استعداداً، إذ إنّه من المتوقع أن تحدث الكوارث الطبيعية بشكل متكرر أكثر في السنوات المقبلة بسبب تغير المناخ، فمن المقرر أن يتخذ الجمهور تدابير جديدة، في مقدّمتها الانتهاء السريع من التحول الحضري، وزيادة تنسيق عمل المؤسسات العامة والاستجابة بشكل أسرع للكوارث.

وبشكل عامّ يرتكز البرنامج متوسط ​​المدى (2024-2026) على مكافحة التضخم، ويعطي الأولوية للتحوّل التكنولوجي، ويهدف إلى جعل الاستقرار المالي دائماً، ويهدف إلى الاستجابة بشكل أكثر فاعلية للكوارث، واعتماداً على الاتجاه الاقتصادي العالمي الحالي جرى تصميم وتنفيذ البرنامج متوسط ​​المدى لجعل الاقتصاد التركي أكثر قابلية للتنبؤ به.

جميع المقالات المنشورة تعبر عن رأي كتّابها ولا تعبر بالضرورة عن TRT عربي.

TRT عربي
الأكثر تداولاً