في 13 مارس/آذار، التقى الرئيس الأمريكي جو بايدن نظيريه البريطاني والأسترالي، ريشي سوناك وأنتوني ألبانيز، لتعزيز اتفاقية AUKUS الأمنية التي وضعت في الأساس لمواجهة الصين. / صورة: Reuters (Reuters)
تابعنا

في 13 مارس/آذار، التقى الرئيس الأمريكي جو بايدن نظيريه البريطاني والأسترالي، ريشي سوناك وأنتوني ألبانيز، لتعزيز اتفاقية AUKUS الأمنية التي وضعت في الأساس لمواجهة الصين.

في الواقع، يعد تعزيز الاتفاقية طريقاً لتمكين أستراليا من الحصول على غواصات نووية، ودمج أسطولها البحري مع البحرية الأمريكية والمملكة المتحدة وهو إجراء يهدف إلى تعزيز التحالف الذي تقوده الولايات المتحدة بهدف معلن وهو ضمان إبقاء منطقة المحيطين الهندي والهادئ منطقة "حرة ومفتوحة".

من جانبها، حذرت بكين الدول الثلاث من "السير في طريق خطير" بعد الاجتماع الثلاثي، كما حذر الرئيس شي جين بينغ مؤخراً من الاستراتيجية التي تقودها الولايات المتحدة في منطقة المحيطين الهندي والهادئ والتي تهدف، وفق قوله، إلى احتواء وقمع الصين وذلك في معرض خطابه أثناء المؤتمر الشعبي الوطني السنوي في الصين.

ينظر بعض المراقبين إلى "AUKUS" على أنها محاولة لحماية النظام العالمي الذي تقوده الولايات المتحدة وتعزيز الهيمنة الأمريكية في منطقة تزداد أهمية على المستوى العالمي. فقد أشارت واشنطن وشركاؤها الإقليميون إلى مخاوف بشأن مساعي الصين المتعلقة بعسكرة بحر الصين الجنوبي والشرقي، فضلاً عن غزو محتمل لتايوان. ورداً على ذلك، أخذت الولايات المتحدة تركز على القوة العسكرية الحاسمة والشراكات الدفاعية مع شركائها الإقليميين.

هؤلاء الشركاء، ومنها الهند واليابان وأستراليا الذين يخشون المشروع العسكري الإقليمي للصين، يزيدون من قدراتهم الدفاعية. وتحاول واشنطن أيضاً الاستعانة بمصادر خارجية للتطوير العسكري، حيث تنشئ الشركات الأمريكية قدرات تصنيع الأسلحة داخل أراضي شركائها مثل كوريا الجنوبية وأستراليا.

يذكر أن هناك تعاوناً معمق مع الحلفاء الغربيين مثل كندا وأستراليا والمملكة المتحدة، بشأن مواجهة الصين من خلال تحالفات مثل Quad و AUKUS، والتي تعد مكونات مهمة في النظام الأمني الذي تقوده الولايات المتحدة.

تعمل الولايات المتحدة بشدة على كبح صعود الصين كمنافس تجاري، إذ واصلت إدارة جو بايدن العديد من سياسات دونالد ترمب الحمائية ضمن الحرب التجارية التي بدأها مع بكين عام 2018 إد فرضت واشنطن العديد من الإجراءات لمنع الصين من الوصول إلى تقنيات حساسة من قبيل أشباه الموصلات.

بالإضافة إلى التعريفات الجمركية، حاول البيت الأبيض وضع استراتيجية تعطي الأولوية للاستثمارات المحلية في الصناعة والبنية التحتية الأمريكية على صعيد التنافس مع بكين.

وبينما تعطي إدارة بايدن الأولوية للشراكات الدفاعية لاحتواء الصين، فإنها قد تخسر بشكل أكبر أمام الصين بناءً على استراتيجيتها الاقتصادية في المنطقة ورغبات شركائها في دعم العلاقات التجارية مع بكين.

على الرغم من فشل الاستثمارات الأمريكية في المحيطين الهندي والهادئ في الفترة السابق، فقد أعلنت حكومة الولايات المتحدة في أوائل مارس/آذار أنها ستقدم مليارات الدولارات لدول المحيط الهادئ على مدار العشرين عامًا القادمة. وهذا يدل على أن واشنطن تعلم أنها بحاجة إلى خطة اقتصادية طويلة المدى للمنطقة في حال أرادت احتواء بكين.

وحاولت الولايات المتحدة حمل أوروبا على مساعدتها في احتواء الصين، إلا أن الاتحاد الأوروبي قد آثر نهج "المنافسة والتعاون" مع بكين، إذ وضعت ألمانيا العلاقات الاقتصادية مع الصين على رأس قائمة أولوياتها. من جانبها، ترى برلين أن هذه العلاقات أكثر أهمية من أي وقت مضى بسبب أزمة تكلفة المعيشة في أوروبا، والتي أضرت أيضاً بقطاع التصنيع الألماني.

وبالرغم من أن الضغط الأمريكي تسبب في توقف بعض دول الاتحاد الأوروبي عن استخدام التكنولوجيا الصينية، كما حدث عندما فرضت هولندا قيوداً على أشباه الموصلات الصينية في 9 مارس/آذار، فإن رغبة الاتحاد الأوروبي في الاستمرار في التعامل مع الصين طغت على هذا الأمر على ما يبدو. وربما يكون الخلاف الرئيسي الوحيد بين الاتحاد الأوروبي والصين، وفقاً لاستراتيجية السياسة الخارجية لبروكسل في منطقة المحيطين الهندي والهادئ، هو تلك المتعلق بحقوق الإنسان.

حتى إن الدول التي لديها وجود عسكري أكثر نشاطًا في المحيطين الهندي والهادئ، وبالتحديد فرنسا والمملكة المتحدة، تعتبر حذرة إلى حد ما بشأن اتباع نهج الولايات المتحدة بالكامل. وتتعلق زيارة الرئيس الفرنسي إيمانويل ماكرون للصين جزئياً بإشراك الصين في إنهاء حرب أوكرانيا، وتسليط الضوء على أولويات أوروبا لاستعادة الأمن في القارة، وهو الأمر الذي يدل على أن باريس ترى في بكين شريكاً مهماً في تحقيق ذلك.

تعد المملكة المتحدة حالياً شريكاً جوهرياً في جهود واشنطن لإبقاء الصين تحت السيطرة. ومع ذلك، على مدى السنوات القليلة الماضية، كانت لندن متأرجحة بين التشدد مع الصين والتأكيد على أهمية العلاقات الاقتصادية معها، حيث تعد بكين أكبر مصدر لوارداتها. من هنا، دعا ريشي سوناك مؤخراً إلى "البراغماتية القوية" تجاه بكين، والذي يبدو أنه موقف يحابي الصقور في لندن والذين فضلوا أن يقفوا في صف الولايات المتحدة بشأن التعاطي مع الصين.

علاوة على ذلك، تمر المملكة المتحدة بعدد من التغييرات السياسية، بما في ذلك الشكوك المتزايدة حول قدرتها على الالتزام بوجود بحري في المحيطين الهندي والهادئ نظراً لدعمها القوي لأوكرانيا. لذا لن يكون مفاجئاً إذا تخففت لندن من التزاماتها نحو رؤية واشنطن تجاه الصين.

الأهم من ذلك، يجب على واشنطن أن تتعامل أيضاً مع حقيقة أن بكين لديها وجود اقتصادي قوي في منطقة المحيطين الهندي والهادئ، حتى بين حلفاء الولايات المتحدة هناك.

من ناحية أخرى، لدى اليابان مشاكل دبلوماسية مع الصين بشأن بعض المجالات المتنازع عليها. ليس فقط ما يتعلق بتايوان، ولكن أيضاً جزر سينكاكو، التي تديرها اليابان ولكن تطالب بها الصين، وتسميها دياويو. ومع ذلك، من غير المرجح أن تعارض طوكيو بكين، بالشكل الذي تريده واشنطن، وذلك لأن لديها الكثير من العلاقات الاقتصادية التي تجمعهما معاً. ومن الخطأ أن يتعامل السياسيون في واشنطن مع اليابان وكأنها تريد مواجهة الصين بشكل مباشر.

ورغم أن أستراليا قد قطعت التزاماً أكبر بمشروعات دفاعية بقيادة الولايات المتحدة، فمن المهم أن نتذكر أن الصين هي الشريك التجاري الأكبر لكانبيرا، وقد قطع البلدان شوطاً كبيراً في تهدئة المشكلات التجارية بينهما مؤخرا.

وقد وجهت كانبيرا ضربة إلى واشنطن عندما شددت على أنها لن تتدخل إذا اندلع صراع حول تايوان، على الرغم من التزاماتها بـ "AUKUS"، مما كشف أن الولايات المتحدة قد تعاني من أجل التأثير بشكل كامل على حلفائها للقبول باحتواء الصين.

وبينما تركز واشنطن على القوة الصلبة للردع في الوقت الحالي، إلا أن نفوذ الصين الاقتصادي في المنطقة آخذ في الازدياد. فمنذ عام 2009، أصبحت الصين أكبر شريك تجاري لرابطة دول جنوب شرق آسيا (ASEAN). كما وصلت التجارة الثنائية بين الصين ونيودلهي أيضاً إلى رقم قياسي بلغ 136 مليار دولار في عام 2022 بالرغم من كل الحديث عن التوترات بينهما.

أدت تجارة الصين مع الدول الآسيوية، وبخاصة من خلال الشراكة الاقتصادية الإقليمية الشاملة (RCEP)، إلى خفض التعريفات الجمركية على الإلكترونيات الرخيصة والسلع الاستهلاكية الأخرى التي تحظى بشعبية في جميع أنحاء آسيا. نظراً لحربها التجارية مع الصين، فإن الولايات المتحدة ليست جزءاً من الاتفاقية وهو الأمر الذي يحد من القوة الاقتصادية للولايات المتحدة.

من ناحية أخرى، يوجد بعض المشاكل حول الإطار الاقتصادي الهندي والمحيط الهادئ (IDEF)، الذي أعلنته الولايات المتحدة في مايو 2022 لتعزيز وجودها الاقتصادي في المنطقة، لأنه لا يقدم تخفيضات في التعريفات مثلما تفعل الصين. و يركز على أشياء مثل معايير العمل والطاقة النظيفة وسلاسل التوريد بدلا من ذلك.

قد تشعر بعض الدول في منطقة المحيطين الهندي والهادئ بالقلق على استقرار المنطقة جراء سياسات واشنطن التي تركز على قضايا الدفاع تحديدا. بعد التوقيع على اتفاقية AUKUS، قالت إندونيسيا إنها قلقة من أن الاتفاقية قد تشعل سباق تسلح في المنطقة وتجبر الغواصات على المرور عبر مياهها.

في النهاية، قد لا تكون الولايات المتحدة قادرة على تقديم بديل جيد للهيمنة الاقتصادية للصين، ما يجعل هذا الأمر مهمة الولايات المتحدة في الحصول على الدعم الكامل من شركائها أمر صعبا، ويزيد من خطر حدوث مزيد من الاستقطاب في المحيطين الهندي والهادئ وتجاهل القضايا المهمة مثل تغير المناخ.

وبينما قد يُنظر إلى واشنطن على أنها شريك أمني جدير بالثقة، قد تتصرف دول المنطقة بناء على سياسة تعدد الأطراف وهو أمر يعكس أننا أصبحنا نعيش في عالم متعدد الأقطاب.

جميع المقالات المنشورة تعبر عن رأي كتّابها ولا تعبر بالضرورة عن TRT عربي.

TRT عربي
الأكثر تداولاً