أصبح الخنزير البري يمثل تهديداً للتنوع الطبيعي للولايات المتحدة. (Others)
تابعنا

تعد الخنازير البرية حيوانات دخيلة على النظام الإيكولوجي الأصلي للولايات المتحدة، إذ لم تكن تعيش بالجزء الشمالي للقارة قبل الاكتشاف الأوروبي لها وغزوها فيما بعد. وترجح الدراسات أن تكون الهجرات الأوروبية جلبت معها فصيلة الخنازير الأوراسية إلى الأراضي الأمريكية، في مطلع القرن 16م.

اليوم، أصبحت هذه الحيوانات البرية تمثل تهديداً للنظام الإيكولوجي الأمريكي، حسبما يحذر منه خبراء البيئة. كما يدق مسؤولو قطاع الزراعة ناقوس الخطر، بشأن إفسادها المحاصيل الزراعية، وتسببها بخسائر بملايين الدولارات للمزارعين. إضافة إلى هذا، تسود مخاوف من قدرة هذه الحيوانات على نشر أمراض، قد تحدث مشكلات للصحة العامة.

تهديد للنظام الإيكولوجي وناشر للأمراض

تشهد الولايات المتحدة اليوم تزايداً مهولاً في أعداد الخنازير البرية، إذ يبلغ عددها نحو 6 مليون رأس، منتشرة في براري 35 ولاية على الأقل. هذه الأعداد مرجحة للتضاعف، لأن أنثى الخنزير يمكنها البدء في التكاثر في عمر ثمانية شهور، وتضع ما بين 4 إلى 12 خنانيص (صغار الخنزير) في كل حمل.

ويمثل انتشار هذه الحيوانات في الغابات الأمريكية تهديداً للنظام الإيكولوجي فيها. وحسب استقصاء للخبير البيئي ماركوس لاشلي، فإن المناطق التي تنتشر فيها الخنازير البرية في الولايات المتحدة، أقل تنوعاً حيوانياً ونباتياً بنسبة 26% من نظيرتها الخالية من هذا الحيوان.

وبحسب الخبير، فإن هذا الرقم يمثل مشكلة كبيرة ارتباطاً بالتكاثر الكبير لهذه الحيوانات خلال العقود الأخيرة. ذلك إذ تقدر الدراسات الحديثة، أنه منذ الثمانينيات تضاعف عدد الخنازير في الولايات المتحدة ثلاث مرات تقريباً، وتوسع من 18 إلى 35 ولاية.

هذا وتعد الخنازير حيوانات قارتة (تقتات على النباتات واللحوم)، غير أن الأغذية من أصل نباتي تمثل 90% من نظامها الغذائي. ووثق خبراء البيئة الأمريكيون في سواحل كارولاينا الجنوبية حفر الخنازير الوحشية أماكن كانت السلاحف البحرية تطمر فيها بيضها، لأكل البيض، مما قلل في بضع سنوات تكاثر بعض أنواع السلاحف المهددة بالانقراض إلى الصفر.

وتقتل الخنازير الوحشية القوارض والغزلان والطيور والثعابين والضفادع والسحالي والسمندل، لتقتات على لحومها. وهو ما يرجع إليه الخبير البيئي ماركوس لاشلي، انخفاض التنوع الحيواني الذي تعرفه مستعمرات هذه الحيوانات الدخيلة على النظام البيئي الأمريكي.

إضافة إلى هذا، تسود مخاوف داخل المجتمع العلمي الأمريكي من أن تشكل هذه الحيوانات تهديداً للصحة العامة، بقابلية نقلها للأمراض وتمريرها إلى الإنسان. ووفق وزارة الزراعة الأمريكية، يمكن أن تحمل الخنازير الوحشية مجموعة من الفيروسات والجراثيم، من بينها تلك التي تسبب داء البريميات وداء المقوسات وأنفلونزا الخنازير والسالمونيلا والتهاب الكبد الفيروسي.

وفي هذه الظروف، يوجد احتمال آخر أن تمثل هذه الخنازير منشئاً لأمراض معدية جديدة، لم يعرفها الانسان من قبل. وهو ما تؤكده عالمة الأحياء في وزارة الفلاحة الأمريكية فيينا براون، لمجلة "ناشونال جيوغرافيك"، بقولها: "تعتبر الخنازير بشكل عام نوعاً من الأوعية المختلطة، لأنها عرضة للفيروسات البشرية، مثل فيروس الإنفلونزا، والتي عندما يصاب بها الخنازير، يمكنها التحور إلى فيروس جديد".

ومنه تخلص عالمة الأحياء الأمريكية، إلى أن "خطر تعرض الإنسان للعدوى من الخنازير أكبر مقارنة بما هو عليه من أنواع الحياة البرية الأخرى، ويرجع ذلك جزئياً إلى طبيعتها الاجتماعية، وقربنا منها، كما إلى أعدادها الهائلة".


أضرار بالملايين لقطاع الزراعة

وتبقى المحاصيل الزراعية الوجبة المفضلة للخنازير الوحشية، وحسب وزارة الفلاحة الأمريكية، تصيب هذه الأنواع البرية المحاصيل الزراعية بأضرار كبيرة، نتيجة أكلها المزروعات كما تخريبها الأراضي الزراعية عبر حفرها الحقول بحثاً عن جذور الأشجار المثمرة. وهذه الأضرار تشمل أيضاً تربية الماشية، عبر تخريب المراعي ونقل الأمراض إلى حيوانات المزرعة.

وفي سنة 2018، تسببت هذه الخنازير في خسائر للمزارعين الأمريكيين، بلغت قيمتها ما بين 1.5 و2.5 مليار دولار، نتيجة ارتفاع أعدادها منذ بداية الألفية الثالثة بنحو 30%، وتوسع المساحة التي تشغلها بنحو 40%، وهو ما يصعب عملية مكافحتها ويزيد تأثيرها الاقتصادي المضر.

وفي حديث لشبكة "إس إن بي سي" الأمريكية، قال أحد المزارعين من منطقة تكساس: "إنهم ينبشون الجذور ويصنعون الثقوب في حقول القطن، أما محاصيل الذرة والأرز فالوضع لا يقل سوءاً (...) في الماضي كنا نصادف خنزيراً أو خنزيرين فنصطادهم، اليوم لا يمكن محاصرتهم لأعدادهم الكثيرة للغاية".

وتنفق الإدارة الأمريكية سنوياً ملايين الدولارات لمكافحة أضرار الخنازير البرية، وفي سنة 2014 خصص الكونغريس ميزانية 20 مليون دولار لهذا الغرض. ورفع الرئيس الأمريكي السابق دونالد ترامب هذا الرقم ليصل 30 مليون دولار، ثم إلى 100 مليون دولار في سنة 2018.

TRT عربي
الأكثر تداولاً