لماذا تلاحق إسرائيل الصحفيين في غزة؟ / صورة: AFP (AFP)
تابعنا

منذ اليوم الأول للعدوان الإسرائيلي على غزة، كان الصحفيون أحد أهداف القصف العشوائي لطيران الاحتلال. وهو ما أسقط نحو 50 شهيداً لواجب تغطية الأحداث الدائرة في القطاع، وفي حالات أخرى قتلت جميع أفراد عائلاتهم، كما حدث لمراسل قناة الجزيرة وائل الدحدوح، الذي فقد أسرته بأكملها يوم 25 أكتوبر/تشرين الأول.

ويرى عدد من المراقبين، أن استهداف الجيش الإسرائيلي للصحفيين في غزة، هي محاولة منه لمنع نقل مشاهد المجازر التي يرتكبها في حق الفلسطينيين. وهو ما يؤكده تذمّر حكومة تل أبيب المتواصل من المراسلين الدوليين العاملين في القطاع، وفي أحدث أشكال التضييق عليهم، اتهمتهم بـ"التواطؤ" مع أفراد المقاومة.

اتهامات وتهديدات

وفي رسالة نشرها على حسابه بموقع إكس، يوم الخميس، وبّخ وزير الإعلام الإسرائيلي شلومو كارهي، وسائل إعلام دولية، من بينها نيويورك تايمز وسي إن إن ووكالة أسوشيتد برس ورويترز، لما سمّاه "تواطؤ" مراسلي هذه الوسائل مع المقاومة الفلسطينية.

واتهم الوزير الإسرائيلي وسائل الإعلام المذكورة، بتوظيف مراسلين كانوا على علم مسبق بمعلومات عن هجوم "طوفان الأقصى"، الذي شنته حماس في 7 أكتوبر/تشرين الأول الماضي. وكتب كارهي: "قد نما إلى علمنا أن بعض الأفراد داخل مؤسستكم، بما في ذلك المصورون وغيرهم، كان لديهم معرفة مسبقة بهذه الأعمال المروّعة، وربما حافظوا على علاقة مثيرة للقلق مع الجناة".

واتهمت الرسالة الإسرائيلية، التي اطلعت عليها صحيفة بوليتيكو المصورين الصحفيين بالوصول إلى حدود إسرائيل "إلى جانب إرهابيي حماس، وتوثيق مقتل مدنيين إسرائيليين، وإعدام جنود من دون محاكمة وعمليات اختطاف في غزة"، مطالباً بـ"الرد على هذا الموقف المزعج".

وتأتي رسالة كارهي تفاعلاً مع تقرير نشرته إحدى المنظمات غير الحكومية، تدعى "Honest Reporting"، التي تساءلت عن إذا ما كان صحفيو وسائل الإعلام الدولية على علم مسبق بالهجوم ارتباطاً بتغطيتهم للحدث خلال ساعاته الأولى.

وفي تفاعلات أكثر حدة مع تلك الادعاءات، ذهب مكتب رئيس الوزراء الإسرائيلي بنيامين نتنياهو إلى القول إن الصحفيين "شركاء في جرائم ضد الإنسانية". واتهم زعيم الوسط الإسرائيلي بيني غانتس الصحفيين بأنهم "كانوا في مسرح المذبحة، ولكنهم اختاروا الوقوف متفرجين".

هذا يعرّض الصحفيين للخطر!

ورفضت وسائل الإعلام هذه الاتهامات التي وجهتها لها الحكومة الإسرائيلية. وفي بيان لها، وصفت صحيفة نيويورك تايمز، ما قاله كارهي بـ"غير الصحيح والشائن", وأضافت أنه "من التهور إطلاق مثل هذه الادعاءات، ما يعرض صحفيينا الموجودين على الأرض في إسرائيل وغزة للخطر".

وأوضحت رويترز، في بيان أيضاً، أنها حصلت على صور الهجوم عن طريق "اثنين من المصورين المستقلين المقيمين في غزة، اللذين كانا على الحدود صباح يوم 7 أكتوبر/تشرين الأول"، كما أن "الصور التي نشرتها رويترز التقطت بعد ساعتين من إطلاق حماس صواريخ على جنوب إسرائيل، وبعد أكثر من 45 دقيقة من إعلان إسرائيل أن مسلحين عبروا الحدود".

ونفت وكالة أسوشيتد برس أنها كانت "على علم بهجمات 7 أكتوبر/تشرين الأول قبل وقوعها"، مشددة على أن "الصور الأولى التي تلقتها عن طريق صحفي مستقل، تظهر أنها التقطت بعد أكثر من ساعة من بدء الهجمات"، كما "لم يكن أي من موظفي الأسوشيتد برس على الحدود وقت الهجمات، ولم يعبر أي من موظفي الأسوشيتد برس الحدود في أي وقت".

شهداء الصحفيين في تزايد

ومنذ الأيام الأولى للعدوان الإسرائيلي على غزة، كان الصحفيون إحدى أبرز ضحاياه. وأعلن المكتب الإعلامي الحكومي في قطاع غزة، الثلاثاء، ارتفاع عدد الصحفيين الذين استشهدوا بالحرب الإسرائيلية على غزة إلى 48 صحفياً.

وقال المكتب في بيان: "استشهاد الصحفي العامل بإذاعة الأقصى (محلية) يحيى أبو منيعة يرفع عدد الشهداء الصحفيين إلى 48 منذ بداية العدوان" في 7 أكتوبر/تشرين الأول الماضي. كما نشرت إذاعة صوت الأقصى، في بيان لها، "الزميل الصحفي يحيى أبو منيع الذي استشهد في القصف الصهيوني بمدينة غزة".

ويرجح مراقبون تعمّد إسرائيل استهداف الصحفيين، معللين ذلك بالقصف المدفعي الإسرائيلي الذي تعرّض له تجمّع للصحفيين كانوا يغطون الأحداث جنوب لبنان، يوم 13 أكتوبر/تشرين الأول المنصرم. وهو ما أدى لاستشهاد مصور وكالة رويترز عصام عبد الله، وإصابة ستة صحفيين آخرين.

وفي وقت سابق، رفض الجيش الإسرائيلي منح ضمانات لحماية الصحفيين في أثناء تغطيتهم الحرب في غزة. وكانت كل من وكالتي رويترز وفرانس برس، قد راسلتا الجيش الإسرائيلي، يوم 27 أكتوبر/تشرين الأول، طلباً لضمانات أمنية لحماية صحفييهما، وهو ما قابلته تل أبيب بالرفض.

واحتجاجاً على هذا الواقع، وقّع أزيد من 750 صحفياً وصحفية، يشتغلون في عشرات وسائل الإعلام الأمريكية والدولية رسالة يدينون فيها قتل إسرائيل الصحفيين، كما يستنكرون تحيز المؤسسات الإعلامية في تغطيتها للحرب في غزة، حسب ما ذكرته واشنطن بوست الأمريكية.

وفي بلاغ لها، طالبت "لجنة حماية الصحفيين" (CPJ) بحماية الصحفيين العاملين في تغطية الحرب في غزة. وقال شريف منصور، منسق برنامج الشرق الأوسط وشمال إفريقيا في لجنة حماية الصحفيين: "تشدد لجنة حماية الصحفيين على أن الصحفيين هم مدنيون يقومون بعمل مهم خلال أوقات الأزمات ويجب ألا يُستهدفوا من الأطراف المتحاربة".

TRT عربي
الأكثر تداولاً