تعد  قذائف اليورانيوم المنضب أحد أقوى تكنولوجيات القذائف المضادة للدروع / صورة: Reuters (Alexander Ermochenko/Reuters)
تابعنا

في وقت أعلنت فيه كل من ألمانيا والولايات المتحدة موافقتها على تسليم عدد من دبابات "ليوبارد" و"أبرامز" لقوات أوكرانيا، وفي إطار مساعدتها عسكرياً على صد الهجوم الروسي الذي تتعرض له أراضيها. حذّرت موسكو خصمها كييف من استخدام قذائف اليورانيوم المنضب، التي تسمح لها تلك الدبابات الغربية بإطلاقها.

وصرحت الدبلوماسية الروسية على لسان رئيس وفدها في محادثات فيينا كونستانتين جافريلوف، بأن استخدام كييف لقذائف اليورانيوم من دبابات "ليوبارد 2 " سيُعد استخداماً للقنابل النووية القذرة. ودعا الدبلوماسي الروسي نظراءه الغربيين إلى "وقف الاستفزاز النووي" تحسباً لعدم تدحرج النزاع إلى حرب نووية.

وتعتبر قذائف اليورانيوم إحدى أقوى تكنولوجيات القذائف المضادة للدروع، إذ يشاع تلقيبها بـ"الرصاصة الفضية"، لما تمتاز به من قدرات فائقة على اختراق مدرعات العدو. وهو ما يدفع إلى التساؤل حول خصائص هذا السلاح وكيفية تصنيعه واستعماله، كذلك قدرته على التأثير في مجريات الحرب الأوكرانية.

الرصاصة الفضية

تعد قذائف اليورانيوم المنضب أقوى القذائف المضادة للدروع، إذ يعتمد هيكلها على عنصر اليورانيوم الثقيل (U235) في تصنيعه، والذي يعد أكثر كثافة من الرصاص وبالتالي قوة أكبر أثناء الاصطدام.

ويتكون اليورانيوم في الطبيعة من نظيرين؛ U238 الأخف وU235 المشع والثقيل الذي يستخدم في صناعة القنابل. بينما لا يمثل النظير الأثقل فيها سوى نسبة 0.72%، ما يدفع العلماء إلى القيام بسلسلة عمليات كميائية وفيزيائية من أجل الحصول على كميات أكبر منه، وهو ما يسمى بـ"التنضيب".

وتكمن قوة قذائف اليورانيوم في اختراق الدروع بخاصية "الشحذ الذاتي"، وذلك باحتراق أطرافها أثناء عملية الإطلاق وخلال مسارها نحو الهدف، ما يجعل رأسها مدبباً أكثر وقادراً على الغوص في الحواجز المعدنية مهما بلغ سمكها.

وعلى الرغم من تطور تقنية هذه القذائف فهي ليست جديدة بشكل كامل، إذ يعود أول تجريب لها إلى سنوات السبعينيات، وجرى استخدامها في المعارك خلال حرب الخليج الثانية وحرب كوسوفو. وتملك الولايات المتحدة نوعين من الدبابات القادرة على إطلاق قذائف اليورانيوم، وهي "أربامز إم-1" و"ثاندربولت إيه-10". هذا بالإضافة إلى دبابة "ليوبارد 2" الألمانية.

بالمقابل، يرى خبراء البيئة والصحة العامة خطورة كبيرة في استخدام مثل هذه القذائف، على الرغم من محدودية حجمها وقوتها التفجيرية. وهو ما يوضحه ديفيد برينر، اختصاصي التأثيرات البيولوجية للإشعاع من كلية الصحة العامة بجامعة كولومبيا، قائلاً: "من الواضح أن هناك مشكلتين، هما: الإشعاع والسميَّة".

وبالتالي، فاليورانيوم المنضب خطير من ناحيتين، أولاً نشاطه الإشعاعي إذ يُحدِث تسرباً لأشعة ألفا وبيتا وغاما، التي تخترق جسم الإنسان وتتسبب له في تسمم إشعاعي وسرطنات. وثانياً، لأن اليورانيوم مادة سامة قوية، فتسربها لموارد المياه وانتشارها في التربة قد يمثل مشكلة صحية عويصة.

اليورانيوم المنضب في أوكرانيا؟

بعد نقاش طويل وشد وجذب، نالت أوكرانيا أخيراً الموافقة المبدئية من برلين وواشنطن على تسليمها كلاً من دبابات "ليوبارد 2" و"أبرامز إم1". هذا في إطار إعداد كييف لمواجهة هجوم روسي كاسح، توارد أنباء عن إعداده واحتمال إطلاقه مع حلول الربيع.

وإثر هذه الموافقة الأمريكية-الألمانية، قلل الكرملين من أثر هذه المساعدات على مسار الحرب، وهو ما عبر عنه المتحدث باسمه ديميتري بيسكوف، قائلاً: "من الناحية التكنولوجية، الخطة فاشلة. إن ذلك مبالغة في تقدير الإمكانات التي ستُضاف إلى الجيش الأوكراني. هذه الدبابات ستحترق مثل سواها. إنها باهظة الثمن فحسب".

لكن بالمقابل، حذّرت الدبلوماسية الروسية من تزويد أوكرانيا بقذائف اليورانيوم المنضب، معتبرة ذلك استفزازاً نووياً.

فيما لا يزال معروفاً إذا ما كانت الولايات المتحدة وألمانيا ستسلم كييف ذخيرة اليورانيوم المنضب، إذ يتكتم البلدان عن الإفصاح عن موقفهما بشأن ذاك. وهو ما أبرزه مسؤول حكومي أمريكي كبير، بتجنبه الرد على سؤال الصحفيين حول الموضوع، متعذراً بأنها "مسائل تقنية لا يمكنه الخوض فيها".

TRT عربي
الأكثر تداولاً