لماذا تثير خدمات النقل الأوكرانية توتراً بدول الجوار؟ / صورة: Getty Images (Getty Images)
تابعنا

بعد أزمة حظر صادرات الحبوب التي هزت مؤخراً علاقة أوكرانيا بجوارها الأوروبي، ذلك إذ عمدت الحكومات البولندية والمجرية والسلوفاكية، منتصف شهر أبريل/نيسان الماضي إلى حظر استيراد الحبوب من أوكرانيا معللةً ذلك بسعيها لحماية محصولها وسوقها الداخلية من الاضطراب.

وتأتي أزمة أخرى لتخيّم على تلك العلاقات، على الأقل التي تربط كييف بوارسو، متمثلة في احتجاج أطلقه سائقو الشاحنات البولنديون الأسبوع الماضي، ضد ما وصفوه "المنافسة غير القانونية" لنظرائهم الأوكران، عمدوا من خلاله إلى إغلاق المعابر الحدودية البرية بين البلدين.

أغلقوا المعبر الحدودي!

يواصل سائقو الشاحنات وعمال شركات الشحن البولندية إغلاق أحد المعابر الحدودية البولندية الأوكرانية، ذلك كجزء من احتجاجهم على ما يعتبرونه تمييزاً غير عادل لنظرائهم الأوكران العاملين بالقطاع نفسه، مطالبين بإعادة فرض تصاريح دخول على الشاحنات الأوكرانية ومنعها من تقديم خدمات الشحن داخل الأراضي البولندية.

ومع اندلاع الحرب، في 24 فبراير/شباط، وبموجب اتفاق أوروبي، أعفت السلطات البولندية شركات الشحن الأوكرانية من التصاريح لدخول أراضي البلاد، ذلك ما مكّنهم من تقديم خدمات الشحن بأسعار أقل بكثير من الشركات البولندية. وقد مُدِّد هذا الاتفاق إلى حدود شهر يونيو/حزيران 2024.

وفي الوقت الحالي، يغلق العشرات من سائقي الشاحنات البولنديين المحتجين معبر دورهوسك الحدودي، ولا يسمحون إلا بعبور خمس شاحنات أوكرانية في الساعة فقط، ما ألزم هذه الشاحنات بالانتظار لما يقرب من ستة أيام أمام المعبر لدخول بولندا.

وفي تصريحاته لموقع "بوليتيكو" الأمريكي، أوضح ياكوب كوت، وهو مدير شركة شحن بولندية، عن امتعاضه هذا الوضع، قائلاً: "لا يمكننا تحمُّل هذا، لأنهم سوف يغمروننا بشاحناتهم الرخيصة وسائقيهم الرخيصين وكل شيء (...) ليس لديهم التكاليف نفسها التي لدينا في الاتحاد الأوروبي. (وبهذا) سيُقضى على الشركات البولندية".

رداً على هذا، أرسلت كييف مذكرة احتجاج إلى وزارة الخارجية البولندية، ادّعت فيها أن مطالب شركات الشحن المحتجة غير مبررة. وكإجراء تعويضي، ذكرت المذكرة، أنه سيُسمح للشركات البولندية مؤقتاً بإجراء عمليات النقل من أي دولة في الاتحاد الأوروبي إلى أوكرانيا من دون التصاريح ذات الصلة ومتطلبات المعايير البيئية للمركبة، هذا بدءاً من 8 مايو/أيار.

وفي هذا الصدد، قال وزير النقل والبنية التحتية الأوكراني ألكسندر كوبراكوف: "موقفنا لا لبس فيه: مثل هذا النقل لا يندرج تحت الاتفاق بين أوكرانيا والاتحاد الأوروبي بشأن نقل البضائع وليس ثنائياً، وبالتالي يتطلب تصاريح وهو ما سيُعفيهم منها".

ويرفض السائقون البولنديون الحل المقترح من الحكومة الأوكرانية، وهو ما أعرب عنه مدير شركة الشحن البولندي في تصريحاته لـ"بوليتيكو"، أن مقترح كييف "لن يغيّر شيئاً".

أزمة أخرى تُضاف

وتُضاف أزمة شركات الشحن إلى العلاقات الاقتصادية المتوترة أساساً بين وارسو وكييف، عقب زوبعة "حظر صادرات الحبوب الأوكرانية"، التي أقرتها الحكومة البولندية منتصف أبريل الماضي، استجابة لاحتجاجات مماثلة قادها مزارعون بولنديون. ليُضاف إليها فيما بعد، كلٌّ من سلوفاكيا والمجر.

وعلى الرغم من الدور الكبير الذي لعبته وارسو في دعم المجهود الحربي الأوكراني، إذ كانت بمنزلة مركز عبور رئيسي للأسلحة الغربية نحو الشرق، لكن شحنات الحبوب في الاتجاه الآخر أثارت غضب المزارعين البولنديين، الذين اشتكوا من إمكانية تعرّضهم لخسائر كبيرة جراءها.

وفي منتصف أبريل عقدت الحكومة البولندية اجتماعاً طارئاً قررت فيه حظر استيرادها المنتجات الزراعية من أوكرانيا بشكل مؤقت. وحسب ما أوضح مكتب رئيس الوزراء البولندي، فإن هذه الخطوة كانت "لحماية السوق الزراعية البولندية من اضطراب استقراره".

وفق تقرير لـ"بلومبيرغ"، يقبع هاجس انتخابي كبير وراء قرار الحكومة البولندية، مع اقتراب موعد الانتخابات العامة بالبلاد، المزمع إجراؤها في الخريف القادم. ذلك إذ يشكل المزارعون دائرة انتخابية مهمة لحزب القانون والعدالة الحاكم، والذي يمني النفس بالحكم لولاية ثالثة.

وفي وقت سابق، مطلع أبريل المنصرم، دفع غضب المزارعين من واردات الحبوب الأوكرانية وزير الزراعة البولندي هنريك كووالتشيك، إلى التنحي من منصبه.

على حين انتقدت المفوضية الأوروبية حظر الحبوب الأوكرانية، ووصفت القرار بأنه "غير مقبول" داعيةً على لسان المتحدثة باسمها ميريام غارسيا فيرير، في بيان، البلدان المعنية بالحظر إلى "التراجع عن هذه الخطوة الأحادية".

TRT عربي
الأكثر تداولاً