العالم يحبس أنفاسه منذ إعلان بوتين رفع مستوى تأهب قدرات الردع النووي الروسية (Getty Images)
تابعنا

قالت صحيفة "واشنطن بوست" الأمريكية في تقرير لها من إعداد ويليام ألبيركي، وفابيان هوفمان، إن الرئيس الروسي فلاديمير بوتين برّر هجومه غير الشرعي على أوكرانيا بالقول إن الأمر: "مسألة حياة أو موت، وهي مسألة مستقبلنا التاريخي كأمة".

وذكرت الصحيفة أن تلك الكلمات لم يجرِ اختيارها عشوائياً، بل كانت مرتبطة بالعقيدة النووية الروسية، وأضافت أنه "في يونيو (حزيران) 2020، نشرت روسيا وثيقة تحدد الظروف التي ستستخدم بموجبها الأسلحة النووية في الصراع، بما في ذلك (العدوان على الاتحاد الروسي باستخدام الأسلحة التقليدية عندما يكون وجود الدولة نفسه في خطر)".

ولفتت إلى أنه "من خلال ربط قضية أوكرانيا بوجود روسيا كدولة بحد ذاتها، فإن بوتين قد فتح الباب أمام استخدامٍ نوويٍ محتمل".

3 سيناريوهات للمخاطر النووية على أوكرانيا

وبالرغم من أنه من غير المرجح أن تستخدم روسيا الأسلحة النووية في أوكرانيا، إلا أن مخاطر استخدامها لا تزال قائمة، وفق الصحيفة التي حددت 3 سيناريوهات محتملة:

أولاً: يمكن أن يأذن بوتين باستخدام ضربة استعراضية نووية واحدة للإشارة إلى حزم روسيا بهذه المسألة، إذ من المحتمل أن تفجر روسيا رأساً نووياً منخفض القوة فوق منطقة غير مأهولة بالسكان ،على سبيل المثال البحر الأسود. لإظهار عزمها.

ثانياً: يمكن لبوتين أن يأذن باستخدام أسلحة نووية أصغر حجماً في ساحة المعركة، وربما لتدمير تجمع للجنود الأوكرانيين، لا سيما إذا كانت أوكرانيا قادرة على إجبار القوات الروسية على التراجع عن مواقعها بالقرب من كييف تجاه بيلاروسيا أو روسيا.

ثالثاً: يمكن أن يستخدم بوتين سلاحاً نووياً لتدمير هدف أوكراني ذي قيمة عالية ورمزية، مثل أوديسا أو لفيف، وبالتالي تدمير إرادة أوكرانيا في القتال.

وفي 26 مارس/آذار الماضي، قال دميتري ميدفيديف نائب رئيس مجلس الأمن الروسي، في تصريح إعلامي، إن هناك 4 حالات يمكن لروسيا أن تستخدم الأسلحة النووية فيها.

وسرد ميدفيديف هذه الحالات قائلاً: "تتمثل الأولى في تعرض روسيا لضربة صاروخية مع استخدام وسائل التدمير النووي. أما الحالة الثانية فهي استخدام مختلف الأسلحة النووية ضد روسيا أو حلفائها. والحالة الثالثة هي التعدي على البنية التحتية الحيوية، مما يؤدى إلى شل نشاط قوات الردع النووي الروسية. والحالة الرابعة تنفيذ عمل عدواني ضد روسيا أو حلفائها، مما يؤدى إلى تهديد وجود البلاد ذاتها، حتى بدون استخدام الأسلحة النووية، أي باستخدام أسلحة تقليدية".

كيف يمكن للغرب أن يمنع هذه السيناريوهات؟

وقالت "واشنطن بوست" إن الردع النووي لدى الدول الغربية لمنع تلك السيناريوهات من أن تتحقق يعتمد على عاملين اثنين هما: القدرات والمصداقية.

وأوضحت أنه يجب أن يكون لدى الدول الغربية أسلحة قابلة للاستخدام، وأن يعتقد خصومها أن لديها القدرة ومستعدة لاستخدامها، وإلا سيفشل الردع.

بالمقابل، أعاد بوتين القدرات النووية لروسيا منذ توليه السلطة في عام 2000. وفيما يتعلق بالمصداقية، لديه سجل حافل في استخدام التهديدات بالقوة والتهديدات باستخدام الأسلحة النووية للإكراه والردع، في حين يُظهر قادة الناتو ضبطاً نسبياً للنفس في الرسائل الموجهة إلى روسيا، مما يؤدي إلى شكوك حول مصداقية الردع النووي للحلف، وفق الصحيفة.

وتقول "واشنطن بوست" إن "بوتين يعتقد أن الغرب سيتراجع بدلاً من المجازفة والدخول بمواجهة، حتى وهو يقصف المدن ويقتل المدنيين ويقصف الممرات الإنسانية".

وترى الصحيفة أنه لردع بوتين، يجب على الناتو أن يوضح أن إدخال روسيا للأسلحة النووية في الصراع سيترتّب عليه تكاليف دبلوماسية واقتصادية وعسكرية تتضاءل مع أي شيء شهدناه في تاريخه بأكمله.

والواقع أن استخدام الأسلحة النووية سيؤدي إلى عزلة فورية؛ حتى للأصدقاء والشركاء السابقين، مثل الهند والصين، سينهون على الفور دعمهم الاقتصادي والدبلوماسي لروسيا، إذ يتوجب على الناتو أن يقود جهداً عالمياً لطرد روسيا بشكل فعال من المجتمع الدولي.

وترى الصحيفة أنه لاشك فإن الانخراط بعمل عسكري مباشر ضد روسيا ليس خالياً من المخاطر ويمكن أن يفتح الباب لمزيد من التصعيد، إلا أنّ ترك التهديد باستخدام الأسلحة النووية دون رد كجزء من هجوم غير قانوني على دولة مجاورة، أمر لا يمكن السكوت عنه، وسيكون إشارة إلى العالم بأن الغرب سيسمح للمعتدين بفعل ما يريدون إذا أطلقوا تهديدات نووية، مما يمهد الطريق لمزيد من الفظائع.

وختمت الصحيفة المقال بالقول إن: "الغرب إذا كان مهتماً بمنع بوتين من استخدام الأسلحة النووية في أوكرانيا، فسيتعيّن على الولايات المتحدة وحلف شمال الأطلسي أن يوضحا لروسيا استعدادهما للرد"، مضيفة "إنه لأمر فظيع أن ندافع عن عدم التصعيد في مواجهة التهديدات النووية، لكن المسار المعاكس قد يعني إذعاناً، وقد يؤدي ذلك إلى معاناة على نطاق لا يمكن تصوره".

TRT عربي - وكالات
الأكثر تداولاً