تابعنا
اشتهر إسماعيل هنية بخطبه القوية وفصاحته اللغوية، وقد ساعده على ذلك اهتمامه ودراسته للأدب العربي، إذ كانت له خطب قوية داخل الجامعة الإسلامية، فقد استطاع استمالة عديد من الطلاب الفلسطينيين إلى صفوف الكتلة الإسلامية.

يُعتبر إسماعيل هنية أحد أبرز القياديين السياسيين في فلسطين، وأحد رموز حركة المقاومة الإسلامية حماس، تقلد عديداً من المناصب القيادية، أبرزها رئيس المكتب السياسي لحركة حماس. فمن يكون إسماعيل هنية؟ ولماذا تعرض لعديد من محاولات الاغتيال؟

ولادة ونشأة إسماعيل هنية

وُلد إسماعيل عبد السلام أحمد هنية، المكنى بـ"أبو العبد"، في الثالث والعشرين من شهر يناير/كانون الثاني سنة 1962، أو سنة 1963، حسب اختلاف الروايات. في أحد مخيمات اللاجئين الفلسطينيين داخل مدينة غزة، حيث نزحت إليه أسرته من مدينة عسقلان بعد احتلال معظم أراضي فلسطين لصالح إقامة الكيان الصهيوني (إسرائيل)، وهي الفترة التي عُرفت في فلسطين والعالم الإسلامي باسم "النكبة".

نشأ هنية في أسرة فلسطينية محافظة، وعاش الحرمان في طفولته بسبب كثرة تنقل عائلته نتيجة الاضطهاد والتضييق الذي تمارسه قوات الاحتلال الإسرائيلي ضد الفلسطينيين.

قضى إسماعيل هنية سنوات طفولته في مخيم الشاطئ للاجئين، الواقع في غرب مدينة غزة. ويفتخر هنية باستمرار بكونه وُلد وترعرع في مخيم الشاطئ في غزة، إذ قال في أحد خطبه لما كان رئيساً للوزراء: "بصفتي رئيساً للوزراء، أتشرف بالعيش في مخيم الشاطئ للاجئين"، خصوصاً أن أستاذه وشيخه الشهيد أحمد ياسين وُلد هو أيضاً داخل نفس المخيم.

دراسة وتكوين إسماعيل هنية

التحق إسماعيل هنية في سنواته الأولى بالكتاب القرآني من أجل حفظ القرآن الكريم وتعلم علومه وقواعد التجويد والترتيل وحسن التلاوة والمقامات الصوتية.

بعد وصوله إلى السن القانونية لدخول المدرسة الابتدائية، التحق بمدرسة تابعة لوكالة الأمم المتحدة لإغاثة وتشغيل اللاجئين الفلسطينيين (الأونروا)، ودرس فيها المرحلة الابتدائية والمتوسطة (الإعدادية) حتى تخرج فيها.

ثم التحق بعد ذلك بمعهد الأزهر الديني حتى تحصّل منه على شهادة الثانوية العامة (البكالوريا)، قبل أن يلتحق بكلية التربية التابعة للجامعة الإسلامية في مدينة غزة سنة 1987، حيث حصل فيها على شهادة البكالوريوس (الإجازة) في تخصص الأدب العربي.

النشاط الطلابي لإسماعيل هنية

عُرف إسماعيل هنية بنشاطه الطلابي الواسع، لما كان طالباً في الجامعة الإسلامية بغزة، حيث انضم إلى صفوف الكتلة الإسلامية في فلسطين، التي تُعتبر الجناح الطلابي لجماعة الإخوان المسلمين، التي انبثقت منها حركة حماس في ما بعد سنة 1987.

وهو تنظيم طلابي فلسطيني ينشط في الجامعات الفلسطينية، ويتبنى التصور الإسلامي الشامل القضايا المتعلقة بالجانب التعليمي والتربوي والاجتماعي، وفق تصورات جماعة الإخوان المسلمين، قبل أن تنفصل حماس عن الأخيرة سنة 2017.

اشتهر إسماعيل هنية بخطبه القوية وفصاحته اللغوية، وقد ساعده على ذلك اهتمامه ودراسته للأدب العربي، إذ كانت له خطب قوية داخل الجامعة الإسلامية، فقد استطاع استمالة عديد من الطلاب الفلسطينيين إلى صفوف الكتلة الإسلامية.

كما عمل عضواً في مجلس طلبة الجامعة الإسلامية في مدينة غزة لمدة عامين، خلال الفترة الممتدة بين عامَي 1983 و1984، قبل أن يجري انتخابه رئيساً لمجلس الطلبة في ذات الجامعة سنة 1985.

خلال هذه الفترة شهدت الجامعة الإسلامية مواجهات وملاسنات حادة بين طلبة الكتلة الإسلامية وأعضاء الشبيبة الفتحاوية -بقيادة محمد دحلان آنذاك- التي تمثل الذراع الطلابية لحركة فتح، إذ رغب كل طرف في السيطرة على النضال الطلابي داخل الحرم الجامعي.

اعتقال وسجن إسماعيل هنية

اعتُقل إسماعيل هنية أكثر من مرة بسبب نشاطاته السياسية والنضالية داخل وخارج الجامعة الإسلامية التي أزعجت قوات ومخابرات الاحتلال الإسرائيلي، فقد اعتُقل لأول مرة في سنة 1987، التي شهدت الانتفاضة الفلسطينية الأولى، أو ما يصطلح عليها بـ"انتفاضة أطفال الحجارة"، التي انطلقت شرارتها الأولى في مدينة جباليا شمال قطاع غزة، بتاريخ 8 ديسمبر/كانون الأول سنة 1987.

قضى هنية نحو 20 يوماً في سجون الاحتلال الإسرائيلي، قبل أن يُفرَج عنه، إلا أنه اعتُقل مرة ثانية سنة 1988، حيث قضى في السجن أكثر من 6 أشهُر اعتقالاً إدارياً.

جرى اعتقاله مجدداً وللمرة الثالثة في سنة 1989 بتهمة الانضمام إلى حركة المقاومة الإسلامية حماس، وقيادة جهاز الأمن الخاص بالحركة، واستمرت مدة اعتقاله أكثر من 3 سنوات، قبل أن يُفرج عنه في ما بعد.

وبعد انتهاء فترة اعتقاله نفَت سلطات الاحتلال الإسرائيلي هنية في 17 ديسمبر/كانون الأول سنة 1992 برفقة 415 فلسطينياً إلى منطقة مرج الزهور جنوب لبنان، إلا أنه عاد إلى قطاع غزة بعد أن أمضى سنة كاملة في الإبعاد (المنفى)، وجرى الإفراج عنه بسبب اتفاقية أوسلو.

المناصب القيادية لإسماعيل هنية

تقلَّد إسماعيل هنية عديداً من المناصب والمسؤوليات خلال مساره النضالي، إذ جرى انتخابه سنة 1983 عضواً في مجلس طلبة الجامعة الإسلامية بغزة لمدة سنتين، قبل أن يجري تعيينه رئيساً للمجلس الطلابي التابع لذات الجامعة سنة 1985.

إلى جانب نشاطه النضالي، نشط إسماعيل هنية في مجال الرياضة أيضاً، إذ كان ينظم عديداً من الأنشطة الرياضية داخل الجامعة الإسلامية وفي مخيم الشاطئ بقطاع غزة.

كما عُيّن عضواً بارزاً داخل الهيئة الإدارية العليا في الجامعة الإسلامية بمدينة غزة، قبل أن يُعيَّن في منصب أمين سِرّ مجلس أمناء الجامعة، ثم مديراً للشؤون الأكاديمية داخل ذات الجامعة، وشغل قبله منصب مدير الشؤون الإدارية.

عُيّن إسماعيل هنية بعد ذلك عضواً في مجلس أمناء الجامعة الإسلامية بمدينة غزة، قبل أن يجري تعيينه رئيساً لنادي الجامعة الإسلامية، إذ استمر في هذا المنصب أكثر من 10 سنوات.

المسار السياسي لإسماعيل هنية

انضم إسماعيل هنية في فترة شبابه إلى الكتلة الإسلامية التي كانت تمثل الجناح الطلابي لجماعة الإخوان المسلمين داخل الجامعات الفلسطينية، لما كان طالباً جامعياً في الجامعة الإسلامية بمدينة غزة المحاصرة.

تحولت هذه الكتلة الإسلامية في ما بعد إلى حركة المقاومة الإسلامية المعروفة اختصاراً باسم حماس، إذ انضم إليها هنية في أيامها الأولى بعد التأسيس على يد الشيخ الراحل أحمد ياسين. وترأس هنية خلال هذه الفترة جهاز الأمن الخاص داخل الحركة.

بعد خروج مؤسس حركة المقاومة الإسلامية حماس، أحمد ياسين، من سجون الاحتلال الإسرائيلي، جرى تعيين إسماعيل هنية في منصب مدير مكتب الشيخ أحمد ياسين سنة 1997، حيث تعززت العلاقة بين الطرفين بشكل سريع. كما عُيّن أيضاً رئيساً للكتلة الإسلامية داخل الجامعة الإسلامية شمال قطاع غزة المحاصر، قبل أن يترأس قائمة التغيير والإصلاح في شهر ديسمبر/كانون الأول سنة 2005، التي تمكنت من حصد أغلبية برلمانية داخل المجلس التشريعي الفلسطيني خلال الانتخابات التشريعية التي أُجريت في مطلع شهر يناير/كانون الثاني سنة 2006.

تمكّن إسماعيل هنية من نَيل منصب رئيس الحكومة الفلسطينية بعد نجاح حركة حماس في تشكيل الحكومة في شهر فبراير/شباط عام 2006، إلا أن رئيس السلطة الفلسطينية محمود عباس أقال يوم 14 يونيو/حزيران سنة 2007 هنية من منصب رئيس الوزراء، بعد فرض كتائب الشهيد عز الدين القسام (الجناح العسكري لحركة حماس) سيطرتها الشاملة على مراكز الأجهزة الأمنية في قطاع غزة بسبب انفلات أمني دام شهوراً في القطاع.

وقد رفض هنية ورفاقه في الحركة قرار أبو مازن، إذ اعتبره "قراراً غير دستوري ومتسرعاً"، وواصل رئاسة ما أصبح يسمى بـ"الحكومة المقالة" التي واصلت أعمالها في قطاع غزة إلى غاية مطلع شهر يونيو/حزيران سنة 2014.

لكن إسماعيل أعلن تنازله عن رئاسة الحكومة سعياً منه إلى إنهاء حالة الانقسام السياسي بين مختلف الفصائل الفلسطينية، وتمهيد الطريق أمام حكومة وفاق وطني، عوض وجود حكومتين منفصلتين، واحدة في الضفة الغربية والثانية في قطاع غزة.

وقد وقَّع إسماعيل هنية في منزله بمخيم الشاطئ سنة 2014 على ما سمي باتفاق الشاطئ، الذي أنهى أكثر من 7 سنوات من الانقسام السياسي الفلسطيني. ونتج عن هذا التوافق بروز حكومة وطنية شاملة، ترأسها الأكاديمي الفلسطيني رامي الحمد الله.

وفي السادس من شهر مايو/أيار سنة 2017 جرى انتخابه رئيساً للمكتب السياسي لحركة حماس من طرف مجلس الشورى التابع لحركة المقاومة الإسلامية، خلفاً لزميله خالد مشعل، في انتخابات أُجريت عن طريق الربط التليفزيوني (الفيديو كونفرنس) -بين قطاع غزة وقطر حيث يقيم بعض قادة حماس- بسبب إغلاق معبر رفح.

محاولات الاغتيال إسماعيل هنية

تعرَّض رئيس المكتب السياسي لحركة المقاومة الإسلامية حماس لعديد من محاولات التصفية والاغتيال، وهذه أبرزها:

في عام 2003 تعرَّض هنية لأول عملية اغتيال، حيث نفذت طائرة صهيونية غارة جوية على بعض قادة حماس، مما أدى إلى إصابة هنية في يده بالإضافة إلى جروح طفيفة خلال الغارة الإسرائيلية التي استهدفت مؤسس الحركة الراحل أحمد ياسين.

وفي 20 أكتوبر/تشرين الأول 2006، عشية انتهاء القتال بين فصائل فتح وحماس، اشتعلت النيران في موكبه في غزة وأُضرمت النيران في إحدى السيارات، لكن هنية لم يُصَب بأذى. وقالت مصادر في حركة حماس إنّ ما حدث لم يكن "محاولة اغتيال"، فيما أشارت مصادر في داخل السلطة الوطنية الفلسطينية إلى أن المهاجمين هم أقارب أحد نشطاء حركة فتح، الذي قُتل في اشتباك مع مجموعة من عناصر حماس.

في 15 ديسمبر/كانون الأول 2006 وقع ضحية لمحاولة اغتيال فاشلة بعد إطلاق النار على موكبه، مما أدى إلى وفاة أحد رفاقه، عبد الرحمن نصار، البالغ من العمر 20 عاماً، فضلاً عن إصابة 5 من رفاقه، بينهم نجله عبد السلام، ومستشاره السياسي أحمد يوسف. ووجهت حركة حماس أصابع الاتهام إلى قوات الحرس الرئاسي، خصوصاً الفرقة الأمنية 17 التابعة لحركة فتح بقيادة محمد دحلان، الذي كان هو المسيطر عليها وقتذاك.

وفي تاريخ 28 يونيو/حزيران 2014 في أثناء معركة "العصف المأكول" أو معركة "الجرف الصامد" وفق الرواية الإسرائيلية، قصفت طائرات الاحتلال الإسرائيلي منزل إسماعيل هنية، الواقع في مخيم الشاطئ للاجئين الفلسطينيين غرب مدينة غزة، بعدة صواريخ، مما أدى إلى تدمير المنزل بالكامل، بهدف اغتياله، إلا أنه لم يُصَب بأيّ أذى.

TRT عربي
الأكثر تداولاً