تحتوي الميركافا أيضاً على نظام حماية نشط يعترض الصواريخ المضادة للدبابات قبل وصولها، ولديها القدرة على استهداف الأهداف المتحركة. / صورة: AFP (Jack Guez/AFP)
تابعنا

بعد الهزيمة القاسية التي تكبدها جيش إسرائيل في حرب أكتوبر/تشرين الأول 1973، اتخذ قرار حاسم وحيوي بضرورة تطوير دبابة إسرائيلية خالصة تلبي احتياجاتها العسكرية. كان الهدف الرئيسي لهذه الدبابة المرتقبة هو حماية حياة طاقمها، إذ إن الدبابات التي دُمرت في تلك الحرب لم تكن إسرائيلية بالكامل، بل كانت من صنع بريطاني وأمريكي جرى تعديلها قليلاً لتناسب احتياجات إسرائيل. ولذلك، جرى تصميم وتصنيع دبابة ميركافا بالكامل في إسرائيل.

بناءً على ذلك، أنشأت إسرائيل لجنة خاصة بقيادة الجنرال إسرائيل تال، القائد السابق للقوات الإسرائيلية، للإشراف على تطوير الدبابة المنتظرة. كان الهدف من الدبابة أن تكون مناسبة تماماً للتضاريس في إسرائيل والدول المجاورة. كما كان مطلباً أساسياً أن تكون مدرعة بالكامل ضد الأسلحة المضادة للدبابات، مما يعني أنها يجب أن تكون قادرة على تجاوز أي تحدٍ يمثله العدو وتصيب أي هدف بغض النظر عن مسافته أو صغره.

وفي عام 1974، اكتملت التصاميم الأولية وبناء النماذج التجريبية. بعد سلسلة قصيرة من التجارب، بدأ العمل في تجهيز مصنع الذخائر في تل هشومير للبناء والتطوير بدوام كامل. وبعد اكتمال المنشآت الجديدة، كُشف عن ميركافا للجمهور في مجلة "International Defense Review" الدورية. وجرى نشر الصور الرسمية الأولى للدبابة في المجلة العسكرية الأمريكية في 4 مايو/أيار 1977. واعتمد الجيش الإسرائيلي الدبابة رسمياً في ديسمبر/كانون الأول 1979.

تسمية الدبابة الميركافا

استغرقت اللجنة المسؤولة عن تصميم الدبابة وقتًا طويلاً في اختيار اسم مناسب لها. فهم يدركون أن اسم الدبابة يحمل أهمية كبيرة، فإنه يجب أن يكون مخيفاً ومرعباً لقلوب الأعداء، بجانب قدراتها القتالية الفائقة. وبعد تفكير طويل، انتهت اللجنة إلى اسم "الميركافا". وعلى الرغم من أن كلمة "الميركافا" تعني ببساطة "المركبة" بالعربية، فإنها تحمل معاني دينية من الكتاب المقدس. في اللغة القديمة، تعني "الميركافا" عربة الرب، وبالتالي، تعتبر الدبابة المبتكرة بمثابة "عربة الرب" التي تجوب الصحراء لتفرض هيبة الرب.

قدرات ومواصفات خارقة لدبابة ميركافا

تعتبر الميركافا دبابة معقدة ومتطورة للغاية، إذ تتضمن تقنيات متقدمة لحماية طاقمها في ساحة المعركة. توضع مقصورة القتال والبرج في الجزء الخلفي من الدبابة، ويتميز البرج بشكل بيضاوي يوفر حماية من التهديدات، ويعتبر الهيكل الرئيسي للدبابة الذي يوفر الحماية للطاقم، ويضم ناقل الحركة وخزانات الوقود.

تتميز الميركافا بوجود محركها في الجزء الخلفي، وهذا يختلف عن معظم الدبابات التي تحتوي على محركات في الجزء الأمامي. وهذا الاختلاف يوفر حماية إضافية للطاقم، إذ يعمل حاجزاً بين مقصورة الطاقم والنيران القادمة.

تعتبر الميركافا أول دبابة في العالم تحتوي على نظام متقدم من الذكاء الصناعي يدير مهام الدبابة، مما يقلل من عبء العمل على الطاقم ويساعد في تحديد الأهداف بدقة عالية. وأُدمج الذكاء الصناعي في نظام إدارة ساحة المعركة.

تحتوي الميركافا أيضاً على نظام حماية نشط يعترض الصواريخ المضادة للدبابات قبل وصولها، ولديها القدرة على استهداف الأهداف المتحركة، وأظهرت قدرات ممتازة في استهداف الطائرات الهليكوبتر التقليدية.

تطوير الدبابة ميركافا

حُسّن الإصدار الأحدث من دبابة "ميركافا"، وهي "ميركافا 4"، بدرع جديدة تفوق النسخة السابقة، وأعيد تصميمها لتزويدها بمحرك جديد في الأمام وتوفير محرك ثابت. كما جرى تزويدها بدروع قابلة للتشكيل لمواجهة التهديدات المحددة وجرى أيضاً تحسين قاع هيكلها لتوفير حماية أفضل ضد الألغام الأرضية.

جُهزت الدبابة "ميركافا 4" بنظام متقدم لتدمير الصواريخ والصواريخ المضادة للدبابات، ويتضمن نظاماً متقدماً للإنذار و الكشف عن التهديدات، بالإضافة إلى نظام لحماية من الصواريخ المطلقة من الجو.

تتميز الدبابة بمدفع متطور بقطر 120 ملم للحفاظ على ضغط أعلى، مما يعزز السرعة. يتيح تصميمها نقل ما يصل إلى 6 جنود بالإضافة إلى طاقمها المؤلف من 4 أفراد.

تحتوي "ميركافا 4" على نظام حماية نشط يستخدم أجهزة استشعار ورادارات للكشف عن التهديدات والتصدي لها.

قدرة الدبابة ميركافا على المناورة

تتميز الدبابة أيضاً بدروع قابلة للتعديل والترقية بسهولة، مما يسمح لها بالتكيف مع الظروف المتغيرة والاستعداد لمواجهة أي تهديد.

تتضمن "ميركافا 4" نظاماً متقدماً للتحكم في الحرائق يتكون من محدد مدى بالليزر وتصوير حراري، بالإضافة إلى نظام استهداف محوسب، مما يسمح للطاقم بالتفاعل بدقة وسرعة مع الأهداف، حتى في ظروف الإضاءة المنخفضة أو المحجوبة.

تحتوي الدبابة على أجهزة استشعار محدثة وتتمتع بقدرة على رؤية الواقع الافتراضي، مما يسمح بمشاهدة واسعة تصل إلى 360 درجة من خلال درعها. كما يمكن تركيب بكرات ألغام في الجزء الأمامي من هيكلها. وتحتوي أيضاً على نظام إدارة المعركة، مما يسهل على الطاقم تخطيط المهام وتقدير الوضع المحيط بالدبابة.

تضم "ميركافا 4" نظام تعليق مائي هوائي يسمح للدبابة بتعديل ارتفاع الركوب، مما يساعدها على الحفاظ على استقرارها عند تجاوز العقبات والتضاريس الصعبة. يتمتع النظام أيضاً بقدرة على التحكم في توازن الدبابة في أثناء الحركة لتحقيق أداء متفوق في جميع الظروف.

جرى أيضاً الاهتمام بالراحة في تصميم الدبابة، بتوفير مساحة للجنود للتحرك والتمدد داخلها. وتضاف إلى ذلك، ميزة فريدة تتمثل في مدفع هاون جانبي. يتيح هذا المدفع للدبابة إطلاق قذائف الهاون دون الحاجة إلى رؤية مباشرة للهدف، مما يتيح القدرة على استهداف الأعداء الموجودين على جوانب الدبابة أو خلف تلة قريبة.

تدمير الدبابة ميركافا

ظهرت الدبابة المدمرة "ميركافا" لأول مرة في حرب لبنان عام 1982، وصُنفت أحد أفضل الأسلحة في العالم. ومع ذلك، تعرضت أرتال الدبابات لخسائر كبيرة في مواجهة مشاة حزب الله والقذائف المضادة للدبابات في طرازها الأول.

بعد ذلك، عقدت اللجنة المشرفة اجتماعاً وقررت تسمية الطراز الأول بـ "ميركافا 1"، وهذا يشير إلى بداية سلسلة من أجيال الميركافا. وبسرعة، ظهر الجيل الثاني "ميركافا 2" في عام 1983، وبعد 7 سنوات ظهرت النسخة الثالثة، ثم جرى تطوير "ميركافا 4" في النهاية. أجريت تحسينات في المدفعية بزيادة قطر المدفع وتعزيز سمك الدروع.

بعد حرب لبنان، استخدمت إسرائيل الدبابة الميركافا للتعامل مع الانتفاضة الفلسطينية الثانية في عام 2000. استُخدمت الدبابة لنقل الجنود في الأحياء السكنية لحمايتهم من رشقات الحجارة. وعلى الرغم من استخدام إسرائيل لأقوى أسلحتها لقمع الانتفاضة، فإن قوة الميركافا كانت تعيق حركتها ومرونتها. لا يمكن مطاردة فتى يلقي حجارة ثم يهرب إلى أزقة ضيقة بدبابة. ووجود الميركافا بصفة مستمرة أمام عيون المقاومة الفلسطينية دفعها إلى استكشاف نقاط ضعفها وكيفية مواجهتها.

في عام 2002، جرى تفجير دبابة "ميركافا" قرب مستوطنة "نتساريم" في جنوب قطاع غزة، حيث ارتطمت الدبابة بلغم ثقيل ودُمرت بالكامل، وقُتل أربعة جنود في الانفجار. كانت هذه أول دبابة رئيسية تدمر خلال الانتفاضة الثانية.

جرى تدمير دبابة ميركافا 2 أو ميركافا 3 في نفس المنطقة بعد شهر، مما أسفر عن مقتل ثلاثة جنود آخرين. وجرى تدمير دبابة ثالثة من طراز ميركافا 2 أو 3 بالقرب من معبر كيسوفيم، مما أسفر عن مقتل جندي وإصابة اثنين آخرين. وبعد سبعة أشهر من الهجوم الأول، استهدفت كتائب القسام دبابة ميركافا أخرى في مدينة رفح الحدودية.

خلال حرب لبنان في عام 2006، جرى تدمير خمس دبابات ميركافا، وجرى أيضاً تدمير عديد من الدبابات الميركافا خلال العدوان على قطاع غزة في عام 2008 وفي مارس/آذار 2020.

آخر معركة شهدت هزيمة الدبابة الميركافا كانت في عملية "طوفان الأقصى"، إذ نشرت كتائب عز الدين القسام صوراً لاستيلاءهم على دبابة إسرائيلية وحرقها في غلاف غزة.

TRT عربي
الأكثر تداولاً