وتُعتبر مصر ولبنان واليمن والكويت والأردن والسودان والعراق وسوريا وليبيا أكثر الدول العربية تضرراً في الوطن العربي. / صورة: المرصد اليمني للألغام (المرصد اليمني للألغام)
تابعنا

منذ عدة أيام، وفي اليوم العالمي للتوعية بمخاطر الألغام والمساعدة على مكافحتها، أصدرت بعثة الأمم المتحدة في ليبيا بياناً، من أهم ما جاء فيه أن أكثر من 15 مليون متر مربع لا تزال ملوثة بالذخائر المتفجرة في جميع أنحاء ليبيا.

ويستكمل البيان "أن الاستخدام العشوائي للأسلحة في المناطق الآهلة بالمدنيين خلال النزاعات الأخيرة، جعل المناطق الحضرية نفسها لم تعد مستثناة من انتشار المتفجرات من مخلفات الحرب. كما تعيق مخلفات النزاع هذه الوصول الآمن إلى التعليم والرعاية الصحية والتنمية، وتتسبب في القتل أو الإصابة بعد فترة طويلة من توقف القتال، مما يشكل تهديداً يومياً للحياة وسبل العيش".

وذكرت البعثة أن 19 شخصاً قُتلوا خلال عام 2022 بسبب مخلفات الحرب في البلاد من بينهم، 14 طفلاً.

%40 من الألغام في البلاد العربية

يقول اللواء دكتور محمد علّام سيد، من مصر في مقال له بمجلة آراء الخليجية إن الألغام الأرضية في العالم تُقدر بنحو 110 ملايين لغم، 40% منها في الدول العربية، كما توجد مخزونات مساوية تنتظر زراعتها أو تدميرها. واستُخدمت الألغام على نطاق واسع في معظم الحروب إن لم يكن كلها منذ الحرب العالمية الثانية، كما نشرت كل من القوات العربية والإسرائيلية الألغام الدفاعية خلال حروبها المختلفة في أعوام 1948، 1956، 1967 و1973. وتُعتبر مصر ولبنان واليمن والكويت والأردن والسودان والعراق وسوريا وليبيا أكثر الدول العربية تضرراً في الوطن العربي.

ويشير علّام إلى نقطة وهي "أن تكلفة زراعة اللغم تتراوح ما بين 3 دولارات و30 دولاراً فيما تكلفة إزالته تتراوح ما بين 300 و1000 دولار"، وربما هذا هو السبب الرئيسي في تخاذل الدول في إزالة مخلفاتها الحربية منذ الحرب العالمية الثانية حتى الآن. أما السبب الآخر هو انعدام المخصصات في الدول العربية لإزالة الألغام ولكن بعض الدول استطاعت الحصول على دعم من دول عربية مثل اليمن، ودول أخرى مثل مصر استطاعت الضغط على طرفي الحرب الألمان والإنجليز ليقدموا أموالاً وبعثات وخرائط لإزالة ما زرعت يداهم من ألغام في أربعينيات القرن الماضي.

ليبيا.. الأطفال هم الضحايا

تعد ليبيا واحدة من الدول العربية التي تأثرت بالحرب العالمية الثانية ، ولا تزال لديها مخلفات متفجرات تعود إلى تلك الفترة، وحسب "مرصد الألغام الأرضية" قتلت الألغام 3252 شخصاً على الأقل منذ تلك الحرب. وفي عام 2011 ومع الثورة على نظام الرئيس السابق القذافي، استولى المقاتلون والمدنيون المعارضون على ملايين الألغام التي كانت بحوزة حكومة القذافي بعد أن تُركت مراكز التخزين بلا حراسة. الألغام التي اكتُشفت في طرابلس مايو/آيار سوفيتية وروسية الصنع، تضمنت طرزاً حديثة لم تُسجل سابقاً في ليبيا ما يوحي بأنها دخلت البلاد في السنوات الأخيرة، حسب هيومن رايتس ووتش.

وفي مارس/آذار العام الماضي قالت ستيفاني ويليامز مستشارة الأمين العام للأمم المتحدة بشأن ليبيا- على تويتر، إن أكثر من مليون متفجر من مخلفات الحرب أزيلت منذ عام 2011، وجاءت تغريدتها الداعمة بعد مقتل طفلَين وإصابة ثالث جرّاء إنفجار لغم في مدينتي بنغازي وسرت قبلها بأسبوع.

منذ عام 2011، استثمرت الولايات المتحدة أكثر من 53 مليون دولار في أنشطة تدمير الأسلحة التقليدية في ليبيا أسهمت في إزالة الألغام الأرضية والعبوات الناسفة والذخائر غير المنفجرة، كما أسهمت في تسهيل التنسيق في قطاع إزالة الألغام، وتدمير الأسلحة التقليدية المتقدمة بما في ذلك أنظمة الدفاع الجوي المحمولة.

استهدف التمويل الأمريكي ثلاث منظمات لإزالة الألغام في جميع أنحاء ليبيا كانت نتيجته تطهير أكثر من 60,000 من المواد المتفجرة منذ عام 2011. بالإضافة إلى ذلك تقديم برامج للتوعية بمخاطر الذخائر المتفجرة لأكثر من 10,000 مدني ليبي في المجتمعات المعرضة للخطر، وذلك لإنقاذ الأرواح ومنع الإصابات من خلال التحذير من أخطار المتفجرات ومن خلال نشر المعلومات حول كيفية الاتصال بالسلطات التي يمكنها إزالة مخاطر المتفجرات بأمان.

مصر.. ألغام فوق آبار غاز

يقول مرصد الألغام الأرضية أن برنامج مكافحة الألغام في مصر يسير ببطء شديد منذ عام 2007.

وتعتبر مصر أكثر الدول العربية تضرراً وامتلاءً بمخلفات المتفجرات، ففي عام 1942 وقعت معركة العلمين بين إنجلترا، التي كانت تحتل مصر، وبين ألمانيا، ودارت معظم المعركة في المنطقة بين منخفض القطارة ومدينة العلمين عند ساحل البحر المتوسط، بجانب مناطق أخرى حول مدينة مرسى مطروح والسلوم بالقرب من الحدود الليبية. وفي ذاك الوقت زرعت القوات المتحاربة مساحات شاسعة من الأراضي المصرية في الصحراء الغربية بالألغام الأرضية وقذائف الطيران والقنابل، تقدرها تصريحات رسمية بنحو 22% من مساحة البلاد. والخطير أنه لا يُعرف اماكنها على وجه الدقة، بجانب أنها أراض تمتليء بآبار نفط وغاز وتنتظر التنقيب.

لكن تصريحات رسمية وتقارير دولية تقدر وجود 22.7 مليون لغم أرضي ومتفجرات أخرى من مخلفات الحرب على الأراضي المصرية، أى ما يعادل 20% من إجمالي عدد الألغام المزروعة حول العالم، منها 5.5 مليون لغم في سيناء والصحراء الشرقية.

وحسب تصريح اللواء محروس الكيلاني رئيس الأمانة العامة لإزالة الألغام، فإن بريطانيا قدمت في بداية التسعينات خرائط مواقع تمركز القوات البريطانية في أثناء الحرب وأماكن زراعة الألغام لتأمينها. وما تلقته مصر من مساعدات يبلغ 14 مليون دولار أمريكي، قدمت منها بريطانيا 511 ألفاً و226 دولاراً، منها 491 ألفاً و596 دولاراً من وزارة التنمية الدولية، و19 ألفاً و630 دولاراً من مؤسسة لإزالة الألغام، وذلك على مدى السنوات العشر الأخيرة. في حين قدمت ألمانيا ماقيمته مليونيَن وستة وثمانين ألفاً و918 دولاراً، ونيوزيلندا 137 ألفاً و837 دولاراً. وبدأ العمل لإزالة الألغام في عام 2007.

ومع عام 2014، بدأت الحكومة المصرية في التركيز على أرض العلمين وحشد الجهود الدولية وذلك بهدف إقامة مشروع العلمين الجديد ومحطة الضبعة النووية، وبالفعل نسقت وزارة التعاون الدولي مع الإتحاد الأوربي مشروع "دعم تنمية الساحل الشمالي الغربي وخطة إزالة الألغام-المرحلة الثانية" والذي يموله الاتحاد الأوروبي في مدينتي العلمين ومطروح بمنحة قدرها 4 مليون و700 ألف يورو.

اليمن.. حياة متوقفة وخطر يتجدد

زرعت ميليشيا الحوثيين 37 حقلاً من الألغام، كل حقل يضم آلافاً من الألغام الفردية والجماعية والمركبة، المنتشرة في 251 منطقة ضمن نطاق 16 مديرية من مديريات المحافظة البالغة 26 مديرية بمساحة 594 كيلومتراً.

كما أن أعداد قتلى الألغام وصلت إلى 56 شخصاً، بينهم 20 طفلاً، و7 نساء، فيما أصيب 31 شخصاً، من بينهم 9 أطفال، منذ 18 يناير/كانون الثاني 2018، كما أجبرت الميليشيات عشرات الأسر على النزوح من منازلها في المدينة، وفخختها بألغام ومتفجرات، خصوصاً في حي 7 يوليو والزهور بمديرية الحالي، حسب مؤسسة رصد للحقوق والحريات. ويذكر التقرير أن مسلحي الحوثي نفذوا عمليات يسمونها «إحياء الألغام»، وهو اختراع يُعيدون به زراعة ألغام جديدة في أماكن الألغام نفسها التي انفجرت، وأوقعت ضحايا بين المدنيين.

ومنذ نهاية يونيو/حزيران 2018 حتى الآن، أزال مشروع "مسام" لنزع الألغام التابع لمركز الملك سلمان للإغاثة بالتعاون مع الأمم المتحدة، 394 ألف لغم وقطعة متفجرة وعبوة ناسفة في عديد من المحافظات اليمينة.

الاتفاقيات الدولية

معاهدة أوتاوا هي اختصار للحملة الدولية لحظر الألغام الأرضية والتي انطلقت عام 1997،دخلت حيز التنفيذ في مارس/آذار 1999، يوافق الموقعون عليها على أنهم لن يستخدموا أو يخزنوا أو ينتجوا أو يتاجروا في الألغام المضادة للأفراد، وانضمت 164 دولة إلى المعاهدة حتى الآن.

يقول الدكتور محمد علام إن الاتفاقية أدت إلى توقف فعلي للإنتاج العالمي وانخفاض ملحوظ في انتشارها، وجرى تطهير آلاف الكيلومترات في 30 دولة، فيما أعلنت 30 دولة أنها خالية تماماً من هذه الأسلحة، وفي المؤتمر الثالث حول الاتفاقية في موزمبيق 2014 تحددت خطة عمل تُلزم الدول مساعدة الضحايا وتدمير المخزون وإزالة الألغام بحلول عام 2025.

TRT عربي