تركت جيشاً يعاني القصور.. ما الأخطاء التي أدّت لاستقالة وزيرة دفاع ألمانيا؟ / صورة: Reuters (Reuters)
تابعنا

أعلنت وزيرة الدفاع الألمانية كريستين لامبرخت استقالتها يوم الاثنين بعد أسبوعين من تعرضها لانتقادات متزايدة بشأن استجابة ألمانيا للحرب في أوكرانيا، فضلاً عن سلسلة طويلة من الإخفاقات خلال فترة توليها المنصب. وتركت استقالتها الباب مفتوحاً في برلين حول خلافتها في خضم الحرب في أوكرانيا والضغط على ألمانيا للمساهمة بمزيد من المعدات العسكرية الثقيلة في الصراع.

وقالت لامبرخت في البيان الذي نشرته "طلبت اليوم من المستشار الاتحادي التنحي عن منصب وزير الدفاع الاتحادي. تركيز وسائل الإعلام، على مدى شهور، على شخصي لا يسمح بالكاد بتقديم تقارير ومناقشات موضوعية حول الجنود والقوات المسلحة ومسار السياسة الأمنية لصالح المواطنين الألمان".

فيما أثارت رسالة الاستقالة المزيد من الانتقادات لامبرخت لإلقاء اللوم على وسائل الإعلام في استقالتها. وجاء في تعليق في صحيفة هاندلسبلات الألمانية "إنها لا تعرف حتى كيف تستقيل"، متهمةً إياها بتوجيه أصابع الاتهام إلى الصحافة وليس إلى أخطائها. وكذلك عبرت وسائل الإعلام الأخرى عن نفسها بعبارات مماثلة.

من جانبه، شكر المستشار الألماني أولاف شولتز الوزيرة لامبرخت على عملها وقال إن اليوم ليس هو اليوم المناسب للحديث عن الخلافة. وكانت نائبة المتحدث باسم الحكومة كريستين هوفمان قد ذكرت في وقت سابق أن اسم خليفة لامبرخت سيُعرف "قريباً"، دون إعطاء مزيد من التفاصيل.

ومنذ توليها منصب وزيرة الدفاع الألمانية في ديسمبر/كانون الأول 2021، تعرّضت كريستين لامبرخت (57 عاماً)، عضو الحزب الاشتراكي الديمقراطي الذي ينتمي إليه المستشار شولتز، لانتقادات شديدة زادت حدتها في الآونة الأخيرة بسبب تعليقاتها المثيرة للجدل حول الحرب في أوكرانيا وفشل إدارتها في وضع وتيرة مشروع ضخم لتحديث الجيش.

إليكم في هذا التقرير أبرز الهفوات والأخطاء التي أدت إلى استقالة وزيرة الدفاع الألمانية كريستين لامبرخت:

فيديو العام الجديد

تعرضت لامبرخت لوابل من النقد في وقت سابق من هذا الشهر بعد أن نشرت خطاب العام الجديد على وسائل التواصل الاجتماعي، والذي جرى تصويره خلال احتفالات رأس السنة في برلين. ووسط ضجيج الألعاب النارية للعام الجديد في الخلفية والتي جعلت من الصعب سماعها، راجعت لامبرخت العامَ.

وأشارت لامبرخت، في رسالتها المصورة، إلى أن حرباً تدور رحاها حالياً في أوروبا، وقالت إن هذا قد منحها العديد من الانطباعات واللقاءات مع العديد من الأشخاص الذين أرادت أن تشكرهم.

وفور نشره، بدأ يُنظر إلى الفيديو على أنه علامة على عدم اللباقة وأيضاً على عدم فهم لامبرخت للمسؤولية التي تنطوي عليها المهنة التي كانت مسؤولة عنها، وبدأت معه حلقة جديدة من مسلسل إخفاقات الوزيرة التي تتلقفها وسائل الإعلام المحلية والعالمية بلهفة.

5000 خوذة إلى أوكرانيا

لطالما كان تولي حقيبة الدفاع الألمانية مهمة صعبة في وقت السلم، لكنها أصبحت أكثر صعوبة في زمن الحرب الأوكرانية التي وُجهت بسببها انتقادات لأشهُر بسبب ما يقول النقاد إنه رد فعل ألمانيا المترنح على الصراع في أوكرانيا.

حتى قبل بدء الحرب، وتحديداً في يناير/كانون الثاني 2022 عندما كانت القوات الروسية تتحرك بالفعل على طول الحدود، تعرضت لامبرخت للسخرية بعد إعلانها أن ألمانيا سترسل 5000 خوذة إلى كييف، في وقت كانت فيه الحكومة الأوكرانية تسعى إلى الحصول على أسلحة ثقيلة لردع موسكو.

ونظراً لحجم التهديد الروسي، أدى الإعلان عن الخوذات إلى الرسوم الكاريكاتورية. علاوة على ذلك، كانت الخوذات بطيئة في الوصول، وكانت الحرب قد بدأت بالفعل. جرى نسيان مسألة الخوذات المثيرة للجدل إلى حد ما في وقت لاحق بعد إرسال برلين مساعدات عسكرية متتالية إلى أوكرانيا.

رحلة الهليكوبتر

بعد هفوة الخوذات مطلع العام الماضي، تصدرت الوزيرة لامبرخت الصحف في مايو/أيار 2022 بعد انتشار قصة ما أصبح يعرف باسم "قضية الهليكوبتر". وهي القصة التي انتشرت على نطاق واسع في الصحافة المحلية التي كالت موجات كبيرة من السخط على الوزيرة التي اصطحبت ابنها البكر البالغ من العمر 21 عاماً في رحلة مروحية عسكرية في طريقهما لقضاء عطلة عائلية في شمال ألمانيا.

وأصبحت الرحلة علنية عندما نشرت صورة على إنستغرام تبين أن الوزيرة قد التقطت نفسها. وعلى الرغم من تصريح الوزارة بأن لامبرخت قد تقدمت بطلب للحصول على إذن ودفعت التكاليف بنفسها، لكن المنتقدين قالوا إنها أظهرت سوء تقدير.

وشككت وسائل إعلام ألمانية في الحكمة من هذه الخطوة، حيث قالت مجلة دير شبيجل إنها "أثارت بعض الدهشة". فيما سألت صحيفة بيلد اليومية عما إذا كانت العطلة ضرورية على الإطلاق في خضم الأزمة الأوكرانية.

فشل ذريع في مهمة تحديث الجيش

كشفت بداية الحرب الأوكرانية في أواخر فبراير/شباط 2022 بأن القوات المسلحة الألمانية، المعروفة باسم Bundeswehr، تعاني من ضعف حاد في التجهيز بعد سنوات طويلة من الإهمال وبخاصة من المعدات القديمة التي تعمل بشكل سيئ، ما يجعله غير قادر على أداء واجباته أمام الناتو إلا في نطاق محدود جداً.

الأمر الذي دفع المستشار الألماني للإعلان عن خطط "غير مسبوقة" لإطلاق استثمار ضخم بقيمة 100 مليار دولار من أجل تطوير الجيش الألماني وإعادة معداته العسكرية إلى المستوى الاعتيادي. وهنا تحديداً أدينت لامبرخت لفشلها في تنفيذ هذه الخطط الرامية إلى تحسين الجيش الألماني سيئ التجهيز.

وفي ديسمبر/كانون الأول، رفضت لامبرخت الاقتراحات القائلة بأن الحكومة كانت بطيئة للغاية في المضي في حملة الإنفاق. وقالت إن المسؤولين تحركوا بسرعة لكن "مثل هذه المشاريع يجب التفاوض عليها بعناية، هذه أموال ضريبية".

ومع اشتداد الجدل طويل الأمد حول حالة القدرات الدفاعية الألمانية الشهر الماضي عندما خرجت عدة دبابات مشاة من طراز بوما من الخدمة خلال تدريبات عسكرية حديثة، بدأت الدعوات المطالبة باستقالة لامبرخت تظهر من صفوف المعارضة ومن الصحف الرائدة في البلاد، قائلة إنه في زمن الحرب هناك حاجة إلى شخص أكثر كفاءة لهذا المنصب.

TRT عربي
الأكثر تداولاً