تكاد تشعل حرباً في القرن الإفريقي… ما جذور التوترات بين الصومال وإثيوبيا؟ / صورة: Reuters (Feisal Omar/Reuters)
تابعنا

في تصريحات صحفية له، يوم الثلاثاء، حذّر الرئيس الصومالي حسن شيخ محمود، إثيوبيا من التمادي في تطبيق الاتفاق الذي وقّعته مع حكومة منطقة أرض الصومال الانفصالية مطلع يناير/كانون الثاني الجاري، والذي بموجبه تستفيد أديس أبابا من موطئ قدم على خليج عدن.

وتتهم مقديشو جارتها الشمالية، بالسعي إلى المساس بسيادتها. هذا في وقت تسود فيه مخاوف من استمرار تصاعد التوترات بين إثيوبيا والصومال، الذي يهدد بنشوب حرب بينهما، وزعزعة الاستقرار في منطقة القرن الإفريقي.

تكاد تشعل حرباً في القرن الإفريقي

وأوضح شيخ محمود، في تصريحاته، بأنه لتنفيذ اتفاقها على السلع الإثيوبية أن تمر عبر الصومال، وهو ما سيطور النزاع فحسب. وحذّر الرئيس الصومالي جارته الشمالية، قائلاً: "لحد الآن لم تصل المشكلة إلى ذلك المستوى (مستوى المواجهة العسكرية، لهذا السبب نحن نحذر (إثيوبيا): لا تفعلوا ذلك".

وتأتي هذه التصريحات كآخر تطورات التوتر المتصاعد بين مقديشو وأديس أبابا، على أثر توقيع الثانية مذكرة تفاهم مع منطقة أرض الصومال الانفصالية غير المعترف بها دولياً. وهو ما اعتبره الجانب الصومالي انتهاكاً لسيادته ووحدته الترابية.

وفي مطلع يناير/كانون الثاني الجاري، وقّعت إثيوبيا مذكرة تفاهم مع أرض الصومال، تخول لها الحصول على منفذ بحري على خليج عدن، من أجل بناء ميناء تجاري وقاعدة عسكرية بحرية. مقابل ذلك، التزمت إثيوبيا بالاعتراف باستقلال أرض الصومال في مرحلة ما في المستقبل.

وكان الرئيس الإثيوبي آبي أحمد، قد وصف سابقاً المنفذ البحري بأنه "مسألة وجودية" لبلاده.

وعقب هذا، أصدرت الحكومة الصومالية بياناً تعتبر فيه أن المذكرة "عمل عدائي" ضدها. كما وقّع الرئيس الصومالي على مرسوم، يلغي بموجبه الاتفاقية البحرية التي اعتبرها "غير قانونية".

وفي ردود الفعل الدولية على الأحداث، حذّر الرئيس المصري عبد الفتاح السيسي، خلال مؤتمر صحفي جمعه بنظيره الصومالي يوم الاثنين، من "المساس بسيادة الصومال أو وحدة أراضيها". وشدد السيسي على أن: "الصومال دولة عربية، لها حق الدفاع المشترك وفق ميثاق الجامعة العربية، نحن لا نهدد أحداً، ولن نسمح لأحد أن يهدد الصومال".

ولمّح الرئيس الصومالي، يوم الأحد، بإمكانية قبول المساعدة المصرية قائلاً: "إذا بدأت إثيوبيا بأعمال جنونية فسنحتاج لدعم من كل مكان"، معتبراً أن الاتفاق بين إثيوبيا وأرض الصومال "أداة لتجنيد المتطرفين". مقابل هذا، قالت الخارجية الصومالية، في بيان، إن بلادها لا تقبل بأي وساطة دولية قبل انسحاب إثيوبيا من الاتفاق.

وخلال مؤتمر صحفي، يوم الأحد، أكّد الأمين العام للأمم المتحدة أنطونيو غوتيريش، بأن التوتّرات بين إثيوبيا والصومال ينبغي أن تحلّ بـ"الحوار". وقال غوتيريش: "نسترشد دائماً بمبادئنا. ومبادئنا تقوم على الوحدة والسيادة وسلامة الأراضي في البلدان، بما في ذلك الصومال".

وفي السياق ذاته، قال المتحدث باسم الخارجية الأمريكية ماثيو ميلر، إن "الولايات المتحدة تعترف بسيادة جمهورية الصومال الفيدرالية ووحدة أراضيها". مضيفاً: "نحن ننضم إلى الشركاء الآخرين في التعبير عن قلقنا العميق إزاء تفاقم التوترات في القرن الإفريقي، نحضّ كل الأطراف المعنية على الانخراط في حوار دبلوماسي".

ما جذور التوترات بين الصومال وإثيوبيا؟

بالنظر إلى خريطة إثيوبيا، فهي دولة تفتقد لأي منفذ بحري على البحر الأحمر، ذلك منذ استقلال إرتيريا عنها في مطلع تسعينيات القرن الماضي. وتعتمد إثيوبيا في أكثر من 90% من تجارتها الخارجية على المواني في جيبوتي المجاورة، ما يكلفها أكثر من 1.5 مليار دولار سنوياً من الرسوم.

وتسمح مذكرة الاتفاق التي وقعتها أديس أبابا مع حكومة أرض الصومال الانفصالية، للإثيوبيين باستغلال نحو 20 كيلومتراً من الساحل المطل على خليج عدن، من أجل بناء ميناء تجاري وقاعدة عسكرية بحرية.

بينما منطقة أرض الصومال، والمعروفة أيضاً باسم "صوماليلاند"، فهي منطقة انفصالية تقع في شمال الصومال، وأعلنت عن استقلالها في عام 1991 بعد سنوات طويلة من القتال مع القوات الصومالية، وعلى الرغم من ذلك لم تحظَ باعتراف أي دولة لحد الآن.

وتمنح مذكرة الاتفاق مع إثيوبيا، للحكومة الانفصالية في أرض الصومال، وعوداً بالاعتراف بها مستقبلاً من طرف أديس أبابا. وهو ما أثار غضب مقديشو، التي تعتبر أراضي صوماليلاند جزءاً لا يتجزأ من وحدتها الترابية.

وبحسب سانكالب غوجار، الكاتب الباحث والباحث المختص في شؤون دول المحيط الهندي، فإن مذكرة الاتفاق "من المحتمل أن تؤدي إلى إثارة حالة من عدم اليقين وعدم الاستقرار في المنطقة القارية والبحرية للقرن الإفريقي، التي تشهد بالفعل اضطراباً" بفعل الحرب في غزة والسودان.

وبالتالي، حسب الكاتب ذاته، فإن "سعي إثيوبيا طويل الأمد للوصول إلى المواني من الممكن أن يحمل في طياته القدرة على إعادة تشكيل الجغرافيا السياسية في غرب المحيط الهندي".

TRT عربي