أعلن المستشفى السريري المركزي في العاصمة الروسية موسكو، وفاة ميخائيل غورباتشوف آخر رئيس للاتحاد السوفييتي عن عمر ناهز 92 عاماً بعد صراع طويل مع المرض.
ونعى زعماء غربيون غورباتشوف، على رأسهم الرئيس الأمريكي ورئيس وزراء بريطانيا والرئيس الفرنسي، مؤكدين على أهمية دوره في تشكل العالم الحديث ودوره في السلام الدولي، كما عبّر الرئيس الروسي عن حزنه لرحيل الزعيم السوفييتي الأخير.
نشأته وحياته السياسية
وُلد ميخائيل غورباتشوف في 2 مارس/آذار 1931 بقرية بريفولنو شمالي القوقاز، لعائلة روسية-أوكرانية من الفلاحين كانت هاجرت من مدينة تشيرنيهيف التي تقع شمال أوكرانيا اليوم. وفي مراهقته عمل مشغلاً لآلة الحصَّادة في الزراعة الجماعية، وهو الأمر الذي منحه دراية كافية بمشكلات إنتاج الغذاء التي كانت السبب في دخوله وتميزه داخل الحزب الشيوعي.
وفي عام 1955 تَخرَّج في جامعة موسكو الحكومية بشهادة في القانون، وحينما كان في الجامعة انضمّ إلى الحزب الشيوعي، ومن بعدها أصبح فعَّالاً فيه، فبدأ يتسلق السلم السياسي داخل الحزب بعد تعيينه سكرتيراً للحزب بإقليم ستافروبول عام 1970، ثم عُيّن أول سكرتير للمجلس السوفييتي الأعلى في 1974.
فيما عُين عضواً داخل المكتب السياسي في عام 1979. وفي نهاية السنوات الثلاث التي تلت موت الرئيس ليونيد بريجنيف، التي تخللها تغيرات كبرى وإعادة ترتيب للمناصب داخل الحزب، رشح المكتب السياسي غورباتشوف ليتولى منصب الأمين العامّ للمجلس السوفييتي.
وفي مارس 1985 شغل غورباتشوف منصب الأمين العامّ للحزب الشيوعي السوفييتي، واقترح في فبراير/شباط 1990 إلغاء دور القائد الشيوعي والسماح بتشكيل أحزاب سياسية، إضافة إلى انتخاب رئيس للاتحاد السوفييتي. وفي مارس من العام ذاته وافق مجلس نواب الشعب على تعيينه رئيساً للاتحاد السوفييتي ليكون أول وآخر من شغل هذا المنصب.
دقّ آخر مسمار في نعش الاتحاد السوفييتي

في مقابلة نادرة له أجراها مع مراسل BBC في موسكو عام 2016، قال ميخائيل غورباتشوف إن حلّ الاتحاد السوفييتي كان "جريمة وانقلاباً"، مضيفاً أن الاتحاد السوفييتي انهار عام 1991 بسبب "الخيانة". ومتحدثاً عن اللحظة التي تغير فيها العالم قال، اليوم الذي انهارت فيه القوة العظمى السوفييتية، قال غورباتشوف: "ما حدث لاتحاد الجمهوريات الاشتراكية السوفييتية كان درامياً".
بحلول ربيع عام 1991 وقع غورباتشوف بين اتجاهين قويين كانا يضيّقان عليه مجال المناورة. من ناحيةٍ كان المحافظون والرجعيون داخل الحزب يحاولون عكس سياساته، ومن ناحية أخرى أراد تقدميون إنشاء نظام كامل متعدد الأحزاب ودفع البلاد نحو إصلاحات الاقتصاد المنهار.
وفي أعقاب محاولة الانقلاب الفاشلة التي نفّذتها مجموعة من المحافظين في الحزب الشيوعي حاولت احتجازه وهو يقضي إجازة في شبه جزيرة القرم، صدم ميخائيل غورباتشوف مواطني الاتحاد السوفييتي والعالم أجمع عندما خرج بخطاب تليفزيوني عشية 25 ديسمبر/كانون الأول 1991 قدّم فيه استقالته وأعلن حلّ الاتحاد السوفييتي.