تابعنا
حملت المركبة اليابانية المستكشف القمري الإماراتي "راشد"، البالغ وزنه 10 كيلوغرامات، والذي طورته دولة الإمارات العربية المتحدة من خلال مركز محمد بن راشد للفضاء.

تدين البشرية بالفضل في جانب كبير من تطورها وازدهارها لغزو واكتشاف الفضاء، والقفزات التكنولوجية التي تحققت في هذا المجال منذ منتصف القرن الماضي، حيث ساهمت الأقمار الصناعية بإحداث نقلة كبيرة في الاتصالات الحديثة والنقل وأنظمة المراقبة والرصد واستشعار كوكب الأرض عن بعد.

كما شهدت صناعة الفضاء اختراقات عديدة تمثلت بالهبوط على سطح القمر، وإرسال المركبات الآلية لاستكشاف كواكب أخرى مثل المريخ والمشتري، وإنشاء محطات فضائية مأهولة كمختبرات علمية عائمة في الفضاء، وزرع مراصد فلكية خارقة على مسافات شاسعة من الأرض لرصد أعماق الكون.

ويسعى الإنسان للبحث عن موطئ قدم له على كواكب أخرى، في محاولة لتعزيز موارد الأرض، والبحث عن موارد أخرى في الفضاء، وتطوير البنية التحتية الفضائية وجعلها مستدامة وفعالة.

وعلى الرغم من مشاركة القطاع الخاص بإرسال الأقمار الصناعية، أو تنفيذ عدد من مهام الإطلاق، وإرسال عدد من الرحلات الفضائية السياحية إلى حافة الغلاف الجوي للأرض، فإن المهام الكبيرة طويلة الأمد، والتي اتجهت إلى القمر أو كواكب المجموعة الشمسية بقيت محصورة بالوكالات الحكومية أو بإشرافها وتمويلها.

وعلى الرغم من التكلفة المالية الكبرى والخسائر المالية التي تواجه مثل هذه المهام، توجد محاولات جريئة من بعض الشركات التجارية الناشئة لإرسال مستكشفات آلية إلى القمر وربما منافسة الجهود الحكومية في الوصول إلى حدود الكواكب الأخرى في المجموعة الشمسية.

من هذه المسارات التجارية برز مؤخراً اسم المهمة اليابانية "هاكوتو-آر" (HAKUTO-R) والتي أطلقتها شركة ispace اليابانية، الساعية لأن تصبح أول مؤسسة خاصة تنجح بإنزال مركبة على سطح القمر، لكن مهمتها الأولى فشلت في الثامن والعشرين من أبريل/نيسان الحالي وفشل معها أيضاً هبوط "المستكشف راشد" الإماراتي الذي كان على متنها، ليحرم الإمارات والعرب إنجازهم الأول في إنزال مركبة على سطح القمر.

وعلى الرغم من عدم اكتمال مهمة هبوط المركبة على سطح القمر، بعد شهر من وجودها في مداره على بعد نحو 100 كيلومتر منه، فإن الشركة اليابانية الناشئة ترى حسب مؤسسها ورئيسها التنفيذي تاكيشي هاكامادا أنها أنجزت المهمة بالكامل بعد أن اكتسبت قدراً كبيراً من البيانات والخبرة من خلال القدرة على تنفيذ مرحلة الهبوط، كما أعلنت الشركة عن جاهزيتها للاستمرار بتطوير المهمة 2 عام 2024 والمهمة 3 عام 2025.

واستناداً إلى البيانات المتاحة أكد مركز التحكم في مهمة “هاكوتو-آر" في طوكيو، أن مركبة الهبوط كانت في وضع عمودي في أثناء اقترابها النهائي من سطح القمر، وبعد وقت قصير من وقت الهبوط المحدد، لم تُتلقَّ أي بيانات تشير إلى اكتمال الهبوط، إذ وصل الوقود إلى الحد الأدنى، وبعد ذلك بوقت قصير زادت سرعة الهبوط بشكل كبير قبل فقدان الاتصال مع المركبة، وبناء عليه يوجد احتمال كبير بحدوث هبوط صعب أدى إلى تحطم المركبة على سطح القمر.

وكان مشروع "هاكوتو" الذي يعني الأرنب الأبيض باللغة اليابانية قد تأسس للمنافسة في مسابقة "Google Lunar X Prize”، وهي جائزة أسستها عام 2007 مؤسسة X Prize وشركة Google وبلغ مجموع جوائزها 30 مليون دولار أمريكي، لأول فرق ممولة من القطاع الخاص تُنزل روبوتاً على سطح القمر بشرط أن يجري الهبوط بشكل هادئ، ويقطع الروبوت بنجاح أكثر من 500 متر على سطح القمر، وإرسال صور ومقاطع فيديو عالية الدقة إلى الأرض.

وكان الفريق الأول الذي يحقق ذلك سيحظى بالجائزة الكبرى البالغة 20 مليون دولار أمريكي، في حين أن الفريق الثاني سيحصل على جائزة بقيمة 5 ملايين دولار أمريكي، إضافة إلى جوائز خاصة حال أداء الفرق الفائزة مهام استثنائية، كالسير مسافات أطول من المقرر، أو التقاط صور لبقايا الأجهزة والآثار التي تركتها المهام الآلية أو الرحلات البشرية السابقة على سطح القمر.

وتنافست بالمرحلة النهائية للحصول على الجائزة شركة هاكوتو اليابانية مع شركة هندية وشركة ألمانية وشركتين أمريكيتين، وفشلت جميعها بالفوز بالجائزة فلم تتمكن أي شركة من إنزال روبوت قبل الموعد النهائي المحدد عام 2018.

لكن رغم انتهاء المنافسة استمرت مهمة هاكوتو-آر بمتابعة أهداف استكشاف القمر، وعملت على تطوير مركبات الهبوط والمركبات الجوالة على القمر للمساهمة باستكشاف الموارد القمرية وإنشاء اقتصاد مستدام على التابع الوحيد للأرض.

كما دخلت مهمة هاكوتو- آر بشراكة مع منظمات فضائية أخرى للتعاون في مشاريع استكشاف القمر، أبرزها وكالة الفضاء اليابانية جاكسا الشريكة في مشروع "بوابة القمر" (Lunar Gateway)، وهو مشروع تعاوني دولي لبناء محطة فضائية في مدار القمر.

المستكشف الإماراتي "راشد"

وكانت المركبة اليابانية أطلقت في ديسمبر/كانون الأول الفائت من قاعدة كاب كانافيرال الأمريكية على متن صاروخ يتبع شركة "سبيس إكس" التي يمتلكها الملياردير الأمريكي إيلون ماسك.

وحملت المركبة اليابانية مركبات قمرية أخرى من بينها نموذج روبوت ياباني مصغّر طورته وكالة الفضاء اليابانية بالتعاون مع صانع الألعاب تاكارا تومي.

كما حملت المركبة اليابانية أيضاً المستكشف القمري الإماراتي "راشد"، البالغ وزنه 10 كيلوغرامات، والذي طورته دولة الإمارات العربية المتحدة من خلال مركز محمد بن راشد للفضاء.

وحسب المركز فإن المستكشف الذي صُمم وبني كاملاً من فريق مهندسين وخبراء إماراتي كان من المقرر له إجراء اختبارات علمية على القمر ستساهم بإحداث تطورات نوعية في مجالات العلوم وتقنيات الاتصال والروبوتات، إذ يستهدف دراسة تربة القمر، والخصائص الحرارية لتضاريس سطحه، واختبار قدرة المواد على عدم الالتصاق بجزيئات تربته.

كما سيمتد أثره إلى قطاعات أخرى كالصناعات التكنولوجية والاتصالات وغيرها من القطاعات ذات الصلة، وهو مزود بكاميرات ثلاثية الأبعاد وأنظمة استشعار واتصال متطورة، مع هيكل خارجي وألواح شمسية لتزويده بالطاقة.

ولو نجح مستكشف "راشد" لكانت الإمارات أول دولة عربية ورابع دولة عالمياً تطلق مهمة لاستكشاف القمر بعد الولايات المتحدة الأمريكية وروسيا والصين.

جهود أمريكية

تسعى شركة أستروبوتيك تكنولوجي، وهي شركة طيران وروبوتات خاصة مقرها بيتسبرغ في ولاية بنسلفانيا الأمريكية، للهبوط على القمر، بالتعاون مع ناسا ومساعدة المطورين الآخرين على إدخال تقنيتهم ​​إلى الفضاء عبر خدمات توصيل شاملة للحمولات إلى القمر.

واختارت ناسا البرنامج الخاص بشركة "إنتويتيف ماشينز" لدعم ثلاث بعثات للعودة إلى القمر لأول مرة منذ انتهاء برنامج أبولو، كما ستتحالف إنتويتيف ماشينز التي مقرها تكساس، مع الشركة الفنلندية نوكيا، لبناء أول شبكة اتصالات خلوية على القمر، وستكون الشبكة القمرية من جهود ناسا لإعادة البشر إلى القمر بحلول عام 2024 في إطار برنامجها أرتميس، حيث ستوفر الشبكة قدرات اتصال عالية لنقل البيانات والتحكم بوظائف القيادة والملاحة عن بعد في الزمن الحقيقي، وإرسال صور وتسجيلات مصورة عالية الدقة.

TRT عربي