يفتتح الرئيس أردوغان والرئيس السنغالي ماكي سال الملعب الأولمبي الذي شيدته شركة تركية في العاصمة السنغالية داكار (Others)
تابعنا

في عام 1972، كانت ليبيا بمثابة المحطة العالمية الأولى التي انطلقت عبرها شركات المقاولات التركية بالتوسع إفريقياً وعالمياً. وخلال العقديْن الماضييْن أحكم المقاولون الأتراك سيطرتهم على ثلاث مناطق رئيسية، هي روسيا والشرق الأوسط وإفريقيا، إلى جانب توسعهم في أوروبا ودول جنوب آسيا مؤخراً.

أما ما يخص إفريقيا، فقد تولت شركات المقاولات التركية اعتباراً من نهاية عام 2021 تنفيذ نحو 1686 مشروعاً بقيمة إجمالية تصل إلى 78 مليار دولار في جميع أنحاء القارة، فضلاً عن إسهاماتها رفقة الشركات التركية الأخرى بتوفير فرص عمل لما يقرب من 100 ألفاً من مواطني القارة الإفريقية.

ومما لا شك فيه، أن زيارات أردوغان المتكررة إلى إفريقيا، والتي زار خلالها أكثر من 30 دولة فضلاً عن ازدياد عدد السفارات التركية إلى 42 سفارة، قد جهزت المناخ اللازم لرجال الأعمال الأتراك من أجل البحث عن فرص عمل وتطوير شراكات جديدة مع الشركات المحلية.

مشاريع بإجمالي 78 مليار دولار

خلال السنوات الأخيرة نجحت شركات المقاولات التركية في صنع اسم لها من خلال المشاريع العديدة التي نفذتها في إفريقيا، حيث حقق المقاولون الأتراك نجاحاً كبيراً في مشاريع إنشاء السكك الحديدية والطرق السريعة والمواني والجسور والأنفاق ومشاريع مختلفة في أفريقيا بلغ عددها نحو 1686 مشروعاً وتجاوزت قيمتها الإجمالية حاجز الـ 78 مليار دولار.

ومن المشاريع العديدة التي نفذها المقاولون الأتراك في القارة الإفريقية، كان مشروع بناء ملعب بمواصفات أولمبية في داكار عاصمة السنغال (الفائزة بكأس الأمم الإفريقية الأخيرة). وهو الملعب الأضخم في البلاد الذي يتسع لـ 50 ألف متفرج، وينتظر أن يُفتتح اليوم بشكل رسمي بمشاركة الرئيس أردوغان.

وفي فترة قصيرة لم تتجاوز 17 شهراً فقط، ورغم إغلاقات كورونا المتكررة وما رافقها من صعوبات لوجستية، تمكنت شركة المقاولات التركية (Summa İnşaat) من الانتهاء من أعمال تشييد الملعب بمساعدة فريقها البالغ 2500 شخص، 70% منهم على الأقل سنغاليون. وأثناء البناء جرى التعامل مع 349 مورداً تركياً بجانب 155 شركة محلية.

تصاعد حجم التجارة والاستثمارات

شهدت السنوات التي تلت تولي حزب العدالة والتنمية بقيادة الرئيس أردوغان تنامي الاهتمام التركي بالقارة الإفريقية، فإلى جانب الاهتمام السياسي المتصاعد، ازداد مستوى اهتمام رجال الأعمال والمستثمرين الأتراك الذين باتوا يشكلون جسر تواصل بين بلادهم والقارة السمراء.

وبينما ازداد حجم التجارة التركية الإفريقية من 5.4 مليار دولار فقط عام 2003، إلى 25.4 مليار دولار نهاية عام 2020، ، أعلنت تركيا عن خططها الرامية إلى رفع حجم تجارتها مع إفريقيا إلى 50 مليار دولار سنوياً في المرحلة الأولى، ومن ثم إلى 75 مليار دولار في المرحلة التالية، وفقاً لتصريحات المسؤولين الأتراك خلال "المنتدى الاقتصادي التركي الإفريقي الثالث" الذي عقد في إسطنبول نهاية العام الماضي.

وتتوزع الاستثمارات التركية في إفريقيا، والتي بلغ حجمها 6 مليارات دولار عام 2020، على العديد من دول القارة، بدءاً من إثيوبيا ومروراً بنيجيريا وجنوب إفريقيا وليس انتهاءً برواندا. فيما تنشط الشركات التركية في هذه البلدان في العديد من القطاعات وفي مقدمتها المواد الغذائية، وأنظمة الطاقة، والبناء والزراعة، فضلاً عن الأنشطة التجارية.

تركيا تزاحم الصين في أفريقيا

فكما توفر القارة الإفريقية التي يبلغ عدد سكانها نحو 1.3 مليار نسمة سوقاً بكراً بالنسبة للمصدرين الأتراك بأقل قدر من المنافسة، فإنها تعتبر ساحة غير مستغلة نسبياً فيما يتعلق بمشاريع المقاولات والبنى التحتية العملاقة. وبينما تحتدم المنافسة بين الشركات التركية والصينية في مجال المقاولات هناك، ما زالت الشركات الغربية تتجنب العمل في أفريقيا بسبب أخطار العمل، فضلاً عن عدم الترحيب الأفريقي بها بسبب الإرث الاستعماري القذر التي خلفته بلادها.

ولكن عندما يتعلق الأمر بحجم وضخامة المشروعات الاستراتيجية في إفريقيا، فإن الصين ما زالت متفوقة على تركيا في هذا المجال. فوفقاً لتصنيف أفضل 250 مقاولاً دولياً واستنادًا إلى الإيرادات المحققة من مشاريع الخارج، احتل المقاولون الأتراك المرتبة الثالثة بـ40 شركة في عام 2020، في حين جاءت الصين في المرتبة الأولى بواقع 78 شركة.

إلا العلاقات مع تركيا تحظى بثقة كبيرة من الدول الإفريقية، كبديل عن علاقاتها غير المتكافئة مع الدول الاستعمارية سابقاً، فضلاً عن القوى الاقتصادية الصاعدة مثل الصين التي تستهدف إيقاعها في "فخ الديون" والاستحواذ على مقدراتها، حيث يجد الأفارقة في تركيا الشريك الموثوق الذي يحترم تطلعاتهم التنموية وسيادتهم الحرة من أي توصيات أجنبية.

TRT عربي