تابعنا
بينما صدر تقرير قبل يومين يفيد بإنفاق العالم مبالغ ضخمة على السلاح والحروب، صدر أمس (الأربعاء) 24 أبريل/نيسان، التقرير السنوي لمنظمة الأغذية والزراعة (فاو) الذي يشير إلي أن نحو 282 مليون شخص عانوا انعدام الأمن الغذائي الحاد العام الماضي في 59 دولة.

وسط صرخات قتلى وضحايا الحروب والصراعات الدائرة ودعوات عالمية لإيقافها، صدر تقرير لمعهد استوكهولم الدولي لأبحاث السلام (SIPRI) يفيد بأن الإنفاق العسكري العالمي شهد أكبر زيادة له في العام الماضي، ووصل إلى أعلى مستوى له منذ أكثر من عقد، بلغ 2.4 تريليون دولار.

ويشير التقرير الصادر قبل يومين إلى أن الحروب والتوترات المتصاعدة في جميع أنحاء العالم، انعكست على الميزانيات العسكرية الدولية، مع تسجيل زيادات كبيرة بشكل خاص في أوروبا وآسيا والشرق الأوسط وأوقيانوسيا، إذ زاد إجمالي الإنفاق العسكري العالمي بنسبة تقدَّر بـ6.8% عن عام 2022، وهي أكبر زيادة على أساس سنوي منذ عام 2009.

أمريكا على رأس قائمة الإنفاق العسكري عالمياً

تصدرت الولايات المتحدة قائمة كبرى الدول في الإنفاق العسكري لعام 2023، حسبما ورد في تقرير "سيبري"، إذ زاد إنفاقها بنسبة 2.3% عن العام الذي سبقه، ليكون إجمالي نفقتها 916 مليار دولار، فيما لحقت بها الصين في المرتبة الثانية بنسبة زيادة 6% ليكون المبلغ 296 مليار دولار، وتمثل الدولتان معاً نحو نصف إجمالي الإنفاق الدفاعي العالمي.

وفي المرتبة الثالثة، تأتي روسيا بنسبة زيادة تقدر بـ24% لتنفق نحو 109 مليارات دولار في عام 2023، وهو ما يمثل زيادة بنسبة 57% منذ 10 أعوام، حين ضمَّت روسيا شبه جزيرة القرم. واستحوذ الإنفاق العسكري الروسي على 16% من إجمالي الميزانية الحكومية في العام الماضي.

أما الهند فكانت رابع أكبر دولة تنفق عسكرياً على مستوى العالم في العام الماضي إذ أنفقت نحو 83.6 مليار دولار، أي أعلى بنسبة 4.2% مما كان عليه في عام 2022. وفي المراتب التي تلتها تأتي على التوالي السعودية، وبريطانيا، وألمانيا، وأوكرانيا، وفرنسا واليابان.

من ناحية أخرى يشير التقرير أن أوكرانيا كانت ثامن أكبر منفق، بعد ارتفاع النسبة إلى 51% ليصل إلى 64.8 مليار دولار، مما شكَّل عبئاً عسكرياً عليها قدره 37%. ومثّلت الميزانية العسكرية لأوكرانيا 58% من إجمالي الإنفاق الحكومي.

كما تلقَّت أوكرانيا أيضاً ما لا يقل عن 35 مليار دولار من المساعدات العسكرية خلال العام الماضي، بما في ذلك 25.4 مليار دولار من الولايات المتحدة، حسبما ورد في تقرير معهد استوكهولم.

وبشكل عام بلغ إنفاق الدول الأعضاء في حلف الناتو 1341 مليار دولار، أي ما يعادل 55% من الإنفاق العسكري في العالم. وتشكل الولايات المتحدة نسبة 68% من إجمالي الإنفاق العسكري لحلف شمال الأطلسي.

وعن سبب هذا الارتفاع الضخم قال نان تيان، كبير الباحثين في برنامج الإنفاق العسكري وإنتاج الأسلحة التابع لمعهد استوكهولم الدولي لأبحاث السلام "إن الارتفاع غير المسبوق في الإنفاق العسكري هو استجابة مباشرة للتدهور العالمي في السلام والأمن.. تعطي الدول الأولوية للقوة العسكرية، لكنها تخاطر بحدوث دوامة من الفعل ورد الفعل في المشهد الجيوسياسي والأمني ​​المتقلب بشكل مستمر".

إسرائيل الثانية بالإنفاق في الشرق الاوسط

ارتفع الإنفاق العسكري في الشرق الأوسط بنسبة تصل 9% ليبلغ 200 مليار دولار في عام 2023، وكان هذا أعلى معدل نمو سنوي تشهده المنطقة خلال العقد الماضي.

وتعكس الزيادة الكبيرة في الإنفاق العسكري في الشرق الأوسط الوضع بين إسرائيل وعديد من الدول العربية في المنطقة، إذ سلَّط التقرير الضوء على نمو الإنفاق العسكري الإسرائيلي بنسبة 24% ليصل إلى 27.5 مليار دولار في 2023.

وأضاف المعهد أن "الارتفاع في الإنفاق العسكري كان مدفوعاً بشكل رئيسي بالهجوم الإسرائيلي الواسع على قطاع غزة".

وأوضح التقرير أن متوسط الإنفاق العسكري الشهري لإسرائيل ارتفع بشكل ضخم بعد حرب غزة، من متوسط 1.8 مليار دولار شهرياً قبل أكتوبر/تشرين الأول إلى 4.7 مليار دولار في ديسمبر/كانون الأول 2023.

ومنذ نحو 7 أشهر تشن إسرائيل حرباً مدمِّرة على غزة خلَّفت عشرات الآلاف من الشهداء والجرحى، معظمهم من الأطفال والنساء، ورغم صدور قرار من مجلس الأمن بوقف إطلاق النار، ومثولها أمام محكمة العدل الدولية بتهمة ارتكاب "إبادة جماعية"، ما زالت إسرائيل تواصل حربها.

إفريقيا.. صراعات مختلفة غذَّت الإنفاق العسكري

كشف تقرير "سيبري" العسكري عن أن إفريقيا، بلغت فيها نسبة زيادة الإنفاق في العام الماضي 22% مقارنةً بعام 2022، بما يقدَّر بمبلغ إجمالي 51.6 مليار للنفقات العسكرية، على خلفية عديد من التحديات الأمنية المستمرة في القارة.

وجاءت على رأس القارة، نيجيريا بمبلغ 3.2 مليار دولار في عام 2023، شمل ذلك ميزانية تكميلية عززت الميزانية العسكرية العادية بمقدار إضافي 34%.

أما جمهورية الكونغو الديمقراطية فقد سجلت أكبر نسبة زيادة مئوية من الإنفاق في العالم، إذ تضاعف إنفاقها +105% ووصل إلى 794 مليون دولار.

كما سجلت دولة جنوب السودان ثاني أعلى نسبة زيادة في الإنفاق العالمي في إفريقيا ليصل إلى 1.1 مليار دولار، إذ ارتفع إنفاقها بنسبة 78%، ويُعزى ذلك إلى تصاعد التحديات الأمنية التي تواجهها والتي امتدت من الحرب الدائرة في السودان المجاور، التي انطلقت شرارتها في العاصمة الخرطوم يوم 15 أبريل/نيسان 2023.

ومنذ اندلاع الصراع قبل عام في السودان ، قُتل أكثر من 15 ألفاً، وأُصيب عشرات الآلاف الآخرين، كما دفعت الحرب البلاد إلى حافة المجاعة، ودمّرت البنى التحتية، وتسبّبت بنزوح أكثر من 8.5 مليون شخص، حسب تقارير الأمم المتحدة.

"العام الأكثر دموية"

بلغ حجم النزاعات حول العالم في العام الماضي ما لم يبلغه في آخر ثلاثة عقود، وفق تقرير "مسح النزاعات المسلّحة حول العالم"، الذي يُصدره المعهد الدولي للدراسات الاستراتيجية في لندن، والذي رصد 183 صراعاً حول العالم خلال عام 2023.

ولاحظ التقرير زيادة في نسبة ضحايا هذه الحروب بنسبة 14%، فيما زادت الأحداث العنيفة بنسبة 28%.

وحسب مؤشر السلام العالمي، فقد شهد عام 2023 صراعات مستمرة نتج عنها أكبر تدهور في مجالات مؤشر السلام العالمي. ووفق تقارير الأمم المتحدة، فإن العام الماضي هو الأكثر دموية في تاريخ الصراع الإسرائيلي-الفلسطيني.

في المقابل.. ملايين الجوعى

بينما صدر تقرير قبل يومين يفيد بإنفاق العالم مبالغ ضخمة على السلاح والحروب، صدر أمس (الأربعاء) 24 أبريل/نيسان، التقرير السنوي لمنظمة الأغذية والزراعة (فاو) الذي يشير إلي أن نحو 282 مليون شخص عانوا انعدام الأمن الغذائي الحاد العام الماضي في 59 دولة حول العالم.

وأكد التقرير أن انعدام الأمن الغذائي في العالم تفاقم خلال عام 2023، بسبب النزاعات، لا سيما في قطاع غزة والسودان، بالإضافة إلى ظواهر مناخية قصوى وأزمات اقتصادية.

من ناحية أخرى تشير تقديرات البنك الدولي إلى أن تحويل النظام الغذائي العالمي قد يتطلب ما بين 300 و400 مليار دولار سنوياً، وفي أعلى مستوى يمكن أن يصل إجمالي تلك النفقات إلى 500 مليار دولار سنوياً، لحل أزمة الأمن الغذائي في جميع أنحاء العالم.

وعلى الرغم من أنه يبدو مبلغاً ضخماً، فإنه يمثل نحو خُمس ما أنفقه العالم عسكرياً في عام واحد، وتقريباً 0.5% فقط من إجمالي الناتج المحلي العالمي.

ويتوقع البنك في حال استمرار الحروب والصراعات أن يصاب 943 مليون شخص بنقص حاد في الأمن الغذائي بحلول عام 2025، وأن يصل عدد سكان العالم الذين يعانون انعدام الأمن الغذائي الحاد إلى 956 مليون نسمة عام 2028.

TRT عربي