كيف تستعد واشنطن لوقف تأثير انهيار البنوك؟ / صورة: AFP (Noah Berger/AFP)
تابعنا

أدى انهيار بنك سيليكون فالي (SVB)، إلى جانب بنكين آخَرَين، خلال عطلة نهاية الأسبوع، إلى وقوع زلزال في الصناعة المصرفية بالولايات المتحدة، فيما حذّر الخبراء من أن تتسبب الهزات الارتدادية في تَعثُّر البنوك المحلية، فضلاً عن الآسيوية والأوروبية، رغم إعلان الفيدرالي الأمريكي عن حزمة إنقاذ للنظام المصرفي برمته.

وعلى الرغم من أن إدارة بايدن أعلنت ليلة الأحد عن تَدخُّل غير عادي يهدف إلى تجنُّب أزمة مصرفية من خلال طمأنة عملاء (SVB) وبنك سيغنتشر بأن جميع ودائعهم ستكون محمية، ليس فقط مبلغ الـ250 ألف دولار الذي تغطّيه مؤسسة تأمين الودائع الفيدرالية (FDIC)، فإن المسؤولين والاقتصاديين يشعرون بالقلق من أن الأشخاص أصحاب الحسابات غير المؤمَّنة في بنوك إقليمية أخرى قد يبدؤون الخوف على سلامة ودائعهم، بما قد يدفعهم إلى سحب أموالهم ونقلها إلى بنوك أكبر بحثاً عن الأمان، مسببين بذلك ذعراً مصرفياً.

وبينما يُلقي البعض باللوم على الاحتياطي الفيدرالي لرفعه أسعار الفائدة السريع، الذي أثقل بدوره كاهل عديد من البنوك والمقرضين، يقول الديمقراطيون إن تحرير البنوك بقيادة الجمهوريين أزال الضمانات الهامة، فيما يقول آخرون إن المنظمين فشلوا في تحديد العلامات الحمراء في محفظة استثمارات البنك وقاعدة العملاء.

ما المقصود بـ"الذعر المصرفي"؟

حذّر الخبراء من أن انهيار بنكَي سيليكون فالي وسيغنتشر يمكن أن يشكّل خطراً على البنوك الأخرى، وحتى النظام المصرفي برمته في الولايات المتحدة، من خلال التسبب في "ذعر مصرفي" إذا ساور المودعين القلق بشأن مدخراتهم.

فيما ذكرت صحيفة نيويورك تايمز الأمريكية أن "الذعر المصرفي" يبدأ عندما يخشى العملاء أن تكون ودائعهم "في خطر"، مما يؤدي إلى عمليات سحب متزايدة من البنوك، مشيرةً في الوقت عينه إلى أن هلع المودعين لسحب أموالهم قد يصيب حتى البنوك "التي تتمتع بصحة جيدة"، الأمر الذي يقود في النهاية إلى إفلاس عديد من البنوك والشركات.

كانت الولايات المتحدة عانت كثيراً حالات الذعر المالي على مدى العقود القليلة الماضية، التي يرجع تاريخها إلى أزمة المدَّخَرات والقروض في الثمانينيات، لأن البلاد تميل إلى تنظيم بنوكها بشكل خفيف، وفقاً لما أوردته الصحيفة الأمريكية.

ولتَجنُّب الذعر المصرفي وتقليل احتمالية وقوعه، استعجل مديرو الصناعة المالية والمستثمرون تَدخُّل الحكومة من أجل تهدئة المخاوف عبر ضمانها حصول جميع العملاء على أموالهم.

حزم إنقاذ

بينما تَعهَّد بمحاسبة الأشخاص المسؤولين عن إفلاس بنك وادي السيليكون، حاول بايدن طمأنة العالم بمرونة النظام المصرفي الأمريكي، إذ سارعت السلطات الأمريكية والأوروبية إلى منع أي عدوى من الفشل المفاجئ لهذا البنك، فتدخلت السلطات الفيدرالية الأمريكية لضمان استمرار وصول المودعين إلى أموالهم في "SVB"، واستحوذ المنظمون بسرعة على بنك سيغنتشر المتعثر.

ووسط الحطام الذي خلّفه زلزال بنك سيليكون فالي، وبجانب مساعي الإدارة الأمريكية لتخفيف حالة الهلع، أعلن بنك الاحتياطي الفيدرالي الأمريكي أيضاً أنه سيضع برنامج إقراض طارئ، بموافقة وزارة الخزانة، لتوجيه التمويل إلى البنوك المؤهلة والمساعدة في ضمان قدرتها على "تلبية احتياجات جميع المودعين".

فيما قال المسؤولون الفيدراليون إن الأموال المستخدمة لمساعدة المودعين ستأتي من صندوق تأمين تدفع فيه البنوك، لا من دافعي الضرائب. وهي الخطوة التي جاءت لتجنُّب الغضب الشعبي الذي تراكم منذ أزمة 2008 عندما استُخدمت أموال دافعي الضرائب لإنقاذ البنوك وعمالقة وول ستريت، وتُرك المواطنون يعيشون الأزمة حتى النخاع بلا مساعدة.

هل تصيب العدوى بنوكاً أخرى؟

أظهرت الإجراءات السريعة والعدوانية لإنقاذ مودعي البنوك الفاشلة ودعم القطاع المصرفي ككل أن المسؤولين أصبحوا قلقين من أن الشقوق التي ظهرت على السطح في بنك وادي السيليكون في وقت سابق من هذا الأسبوع يمكن أن تتحول إلى أزمة على مستوى النظام إذا لم تُوقَف.

وتكمن مشكلة البنوك والمقرضين أساساً في استمرار الفيدرالي الأمريكي برفع أسعار الفائدة منذ مارس/آذار 2022 حتى اليوم، مما يتسبب في هجرة الودائع من البنوك ليستثمرها أصحابها في السندات قصيرة الأجل التي تجاوزت عائداتها 5%، أي إنها مربحة أكثر من بقائها في بنك مثل "SVB" والحصول على عائد لا يتعدى 3.5%.

وبينما تشير الأدلة الحالية إلى أن البنك لم يكُن ليفشل ما لم يُصَب المودعون بالذعر، فمن الصعب معرفة ما قد يجلبه القلق والذعر إلى بعض أركان النظام المصرفي.

ومتحدثاً عن احتمالية انتقال العدوى إلى بنوك أخرى، قال الرئيس السابق لمؤسسة التأمين الفيدرالية (FDIC) ويليام إسحاق: "لا شك في ذهني: سيقع المزيد. كم أكثر؟ لا أعرف. كم كبرها؟ لا أعرف". وأضاف إسحاق الذي قاد المؤسسة خلال مئات عمليات الإنقاذ المصرفية خلال فترة ارتفاع التضخم وارتفاع أسعار الفائدة، في مقابلة مع موقع بوليتيكو: "يبدو لي أنه يشبه إلى حد كبير الثمانينيات".

TRT عربي
الأكثر تداولاً