مساحة قرية سلوان المقدسية نحو 5640 دونماً ويقطنها 60 ألف فلسطيني يزاحمهم في حياتهم 3000 مستوطن / صورة: AA (AA)
تابعنا

تلخص قرية سلوان في القدس الشرقية الجهود التي تبذلها الجمعيات الاستيطانية الإسرائيلية للاستيلاء على المسجد الأقصى.

وتعج أزقة القرية الضيقة بسكانها الفلسطينيين الذين غالباً ما يتحملون انتهاكات المستوطنين صباحاً، قبل الدخول في اشتباكات مع شرطة الاحتلال الإسرائيلي ليلاً.

وبين المباني الفلسطينية عشرات المنازل التي يمكن رؤية العلم الإسرائيلي من نوافذها وأسطحها.

فالقرية التي يقول الباحث بشؤون القدس وعضو لجنة الدفاع عن أراضي سلوان فخري أبو دياب للأناضول، إن مساحتها نحو 5640 دونماً ويقطنها 60 ألف فلسطيني، بات يستوطنها 3000 مستوطن.

قرية سلوان في القدس الشرقية تلخص جهود الجمعيات الاستيطانية الإسرائيلية للاستيلاء على المسجد الأقصى

منظمة "العاد"

وتقود عملية الاستيطان في بلدة سلوان منظمة "العاد" الاستيطانية التي أسسها عام 1986 الضابط السابق في الجيش الإسرائيلي دافيد باري، المولود عام 1953 لعائلة قادمة من بولندا.

وتقول "العاد" (غير حكومية) التي تتلقى المساعدات المالية من الحكومة وأثرياء يهود، على موقعها الإلكتروني، إنها تسعى لتحويل سلوان إلى "مدينة داوود" ما يضعها في صراع مع سكان القرية الفلسطينيين حول الرواية والهوية والمكان.

ويشير أبو دياب إلى أن "العاد" وبمساندة حكومية إسرائيلية استولت على 87 مبنى في سلوان خلال السنوات الماضية.

ولا يبدوا أن هذا المسعى الإسرائيلي في طريقه إلى التوقف مع الإعلان عن خطط لتنفيذ مزيد من المشاريع.

أبو دياب يشير إلى أن "العاد" استولت على 87 مبنى في سلوان خلال السنوات الماضية

الجسر المعلق

وفي سياق متصل، دشنت سلطات الاحتلال الإسرائيلي مؤخراً جسراً معلقاً يمر فوق أراضي سلوان وبات يستقطب عشرات آلاف الإسرائيليين.

ويقول أبو دياب إن "هذا الجسر يربط منطقة الثوري (قرية فلسطينية ملاصقة لقرية سلوان) بطول 200 متر بالمنطقة المقابلة وهي جبل وادي الربابة في سلوان".

ويضيف: "هذا الجسر يأتي في سياق محاولة السيطرة ليس على الأرض فقط، وإنما على فضاء هذه المنطقة أيضاً".

ويوضح أبو دياب: "جرت مصادرة 99 دونما لمسار هذا المشروع الاستيطاني لتسهيل وصول المستوطنين من المنطقة القريبة من الجزء الغربي من مدينة القدس إلى هذه المنطقة".

ويتابع بأن هذه المساعي "تُعدّ الخطوة الأولى في مشروع أكبر لإنشاء تلفريك يبدأ من غرب المدينة ويصل إلى جبل الزيتون ثم باب المغاربة أحد أبواب البلدة القديمة في القدس الشرقية".

ويؤكد الباحث الفلسطيني أن "تلك المشاريع تهويدية استيطانية لتغيير المشهد بالمنطقة وجلب مزيد من المستوطنين بهدف تغيير التركيبة السكانية".

سلطات الاحتلال الإسرائيلي مؤخراً جسراً معلقاً يمر فوق أراضي سلوان وبات يستقطب عشرات آلاف الإسرائيليين

تغيير المشهد

حينما وصل طاقم الأناضول إلى منطقة الجسر شاهد على مدى أقل من ساعة مئات المستوطنين الإسرائيليين يمرون عليه رغم الارتفاع الشديد في درجات الحرارة.

وتسبب وصول المستوطنين بأزمات خانقة في قرية سلوان التي تعاني أصلاً من ضيق شوارعها.

ويقول أبو دياب إن "الأعداد الكبيرة من المستوطنين أدت إلى مشكلات عدة فضلاً عن وجود لقوات الاحتلال التي تحمي هذا المشروع والمستوطنين، مما يعيق حركة المواطنين بين منازلهم وأعمالهم".

ويرى أن "هذا المشروع أُعِدّ خصيصاً لتغيير المشهد وغسل أدمغة زوار المنطقة عبر الإيحاء بوجود حضارة يهودية سابقة بها".

ويشدد أبو دياب على "أن ما يحدث محاولة لصياغة تاريخ مزور يتلاءم مع الروايات الإسرائيلية".

في المقابل تحاول إسرائيل ترويج الجسر على أنه سياحي الطابع.

وقالت البلدية الإسرائيلية في القدس في بيان أصدرته في يوليو/تموز الماضي، إنه "أطول جسر معلق في إسرائيل بطول 202 متر" بعد أن اعتبرت القدس الشرقية المحتلة جزءاً من إسرائيل، وهو ما يرفضه الفلسطينيون والمجتمع الدولي.

وأضافت: " جرى إنشاء المشروع بتمويل من وزارة القدس والتقاليد الإسرائيلية ووزارة السياحة وبلدية القدس ونفذته هيئة تنمية القدس وشركة موريا" الإسرائيلية.

وقال رئيس بلدية القدس الغربية موشيه ليون، حسب التصريح ذاته: "الجسر المعلق هو إضافة للسياحة في المدينة، فالقدس بوصفها مدينة رائدة في إسرائيل تعمل بانتظام على تطوير مواقعها السياحية واستثمار الملايين في تطوير السياحة الداخلية والخارجية في المدينة".

خطر التهجير

ويقول فلسطينيون إن مئات العائلات الفلسطينية في سلوان تواجه خطر التهجير نتيجة هدم منازلهم أو إخلائها لصالح مستوطنين إسرائيليين.

ويقول أبو دياب: "الهدف هو تغيير التركيبة السكانية من خلال زيادة عدد المستوطنين وطرد المواطنين الفلسطينيين ولذلك لا يُسمح للفلسطيني بالبناء وتُهدم المنازل الموجودة، وهناك أنفاق وحفريات تتسبب بتصدع المنازل لأن الاحتلال يخطط في هذه المنطقة لتصفية الوجود العربي بشكل كامل".

ويضيف: "من 12 حيّاً سكنياً في سلوان 6 أحياء مهددة بالهدم والإزالة الكاملة إما بادعاء أنها كانت ممتلكات ليهود قبل عام 1948 أو القول لأنها بنيت دون ترخيص".

ويشير إلى أن "الأحياء الاقرب إلى المسجد الأقصى مهددة بشكل أكبر، وهي حي وادى حلوة الملاصق للمسجد الأقصى، وحي البستان وهو من الدروع التي تحمي المسجد الأقصى والبلدة القديمة، وإلى الشرق منه حي بطن الهوى".

ويلفت إلى أن "هذه الأحياء يخطط الاحتلال لطرد سكانها وإقامة مشاريع تهويدية وجلب المزيد من المستوطنين".

ويرى أبو دياب أن "عين الاحتلال على المسجد الأقصى، لذلك يريدون إبعاد السكان الذين يحمون ويدافعون عن الهوية العربية للمسجد الأقصى وإحلال المستوطنين ليستطيعوا فيما بعد الانقضاض على المسجد".

مئات العائلات الفلسطينية في سلوان تواجه خطر التهجير نتيجة هدم منازلهم أو إخلائها لصالح مستوطنين إسرائيليين

وتسمح القوانين الإسرائيلية للإسرائيليين بالمطالبة باستعادة ممتلكات بالقدس الشرقية يدعون إنها كانت بملكية يهودية قبل 1948.

ولكن القوانين ذاتها لا تسمح للفلسطينيين بالمطالبة باستعادة ملكيات لهم ما قبل 1948.

ومنتصف 2022 قالت دائرة الإحصاء المركزية الإسرائيلية في تقرير، إن عدد سكان القدس بشطريها الشرقي والغربي بلغ 965 ألف نسمة.

وأضافت أن عدد السكان اليهود في المدينة بشطريها بلغ 590 ألف نسمة أي 61.2% من السكان، فيما بلغ عدد السكان الفلسطينيين 375 ألف نسمة أي 38.8% من السكان.

ويصر الفلسطينيون على أن القدس الشرقية هي عاصمة الدولة الفلسطينية المستقبلية فيما تقول إسرائيل إن القدس بشطريها الشرقي والغربي عاصمة لها.

TRT عربي - وكالات
الأكثر تداولاً