جماعة "عرين الأسود" هي مجموعة مقاومة فلسطينية ظهرت عام 2022 في مدينة نابلس، وهي مجموعة مسلّحة تضم شباناً متحمسين للقتال تحت رايات جديدة لا تتبع أياً من الفصائل السياسية التقليدية. / صورة: AA (AA)
تابعنا

مصطلح "عرين الأسود" أصبح مصطلحاً بارزاً وشهيراً في الشارع الفلسطيني ووسائل الإعلام خلال الأشهر الأخيرة. زادت شهرتها مع تصاعد العمليات الاستثنائية التي ينفّذها مقاتلوها ضد الجنود الإسرائيليين والمستوطنين في الضفة الغربية المحتلة لا سيما في مدينة نابلس.

وتمثل مجموعات "عرين الأسود" تغييراً نوعياً في طريقة تنفيذ المقاومة في الضفة الغربية، حيث تشمل نطاقاً واسعاً من الأنشطة وتَخرج من النمط التقليدي للمقاومة، تتبنى المجموعة نهجاً فريداً وتواجه الاحتلال بطريقة غير مألوفة.

في هذا المقال سنتحدث عن تكوين هذه الجماعة وعن أبرز صفاتها وأساليبها في القتال، وعن أهم العمليات العسكرية التي قامت بها ضد الاحتلال الصهيوني.

مَن تكون جماعة "عرين الأسود"؟ ومتى تشكَّلت؟

جماعة "عرين الأسود" هي مجموعة مقاومة فلسطينية ظهرت عام 2022 في مدينة نابلس، وهي مجموعة مسلّحة تضم شباناً متحمسين للقتال تحت رايات جديدة لا تتبع أياً من الفصائل السياسية التقليدية، يُعتقد أنها تتألف من مقاتلين من كتائب "شهداء الأقصى" و"سرايا القدس"، وهما الذراعان العسكريتان لحركة "الجهاد الإسلامي". تتخذ المجموعة من البلدة القديمة في مدينة نابلس مقراً لها، يشير اسم "عرين الأسود" إلى المقاومة المستمرة والوحدة على الأرض والماضي القريب للفلسطينيين.

يربط المحللون بين مجموعات "عرين الأسود" وبين قوة عسكرية أخرى تُعرف باسم "كتائب جنين"، حيث تُعدّان نقطتي انطلاق رئيسيتين للوجود المسلح في فلسطين والضفة الغربية، بدأ تشكيل المجموعات بعد حادثة اغتيال قامت بها قوات الاحتلال الإسرائيلية في نابلس في 8 فبراير/شباط 2022، حيث اغتالت ثلاثة من نشطاء "كتائب الأقصى" في نابلس وهم أدهم مبروكة (الشيشاني) ومحمد الدخيل وأشرف مبسلط، بعد ذلك اغتالت قوات الاحتلال اثنين آخرين من نشطاء "كتائب الأقصى" في نابلس في 24 يوليو/تموز 2022، وهما محمد العزيزي وعبد الرحمن صبح.

أُعلن تشكيل مجموعات "عرين الأسود" رسمياً في 2 سبتمبر 2022 خلال حفل تأبين لاغتيال محمد العزيزي وعبد الرحمن صبح.

ولكن يُذكر أن جماعة "عرين الأسود" لا تُرَبِّط مع الفصائل الفلسطينية الرئيسية أو مع السلطة الفلسطينية، ولا يظهر أن لديها أهدافاً سياسية واضحة تماماً باستثناء محاربة الاحتلال الإسرائيلي، ووفقاً لمسؤول فلسطيني قد يكون لديها دعم مالي أو لوجيستي من جماعاتٍ أخرى.

مَن مؤسس جماعة "عرين الأسود"؟

مؤسس جماعة "عرين الأسود" هو الشهيد محمد العزيزي الملقب بـ"المشتبك المخفي". وُلد في نابلس وكان عمره 23 عاماً، عند استشهاده في 24 يوليو/تموز 2022 مع رفيقه عبد الرحمن صبح الملقب بـ"أسد الاشتباكات"، يُعتقد أنه كان مؤسساً للمجموعة وأحد قادتها. تذكر مؤسسة "عرين الأسود" محمد العزيزي بكونه "المقاوم البطل وأحد رموز المقاومة في نابلس".

شعار جماعة "عرين الأسود"

في أثناء تأبين العزيزي والصبح، نشرت المجموعة ميثاقها وبيان إعلانها، حيث أكدت بشدة نهجها المقاوم ضد الاحتلال والمستوطنين وكل من يُقْدِم على دعمهم من العملاء.

ظهر مقنَّع وقرأ مضمون الميثاق والبيان وسط تجمع الكثير من المقاتلين، حيث أكد المتحدث أن طلقات أسلحتهم لن تذهب سُدى، بل تستهدف فقط الاحتلال ومستوطنيه.

وأشار إلى أن إطلاق النار عبثياً في الهواء ليس له مكان في نضالهم الوطني، وأنهم يلتزمون التوجيه الدقيق والهجمات المنهجية ضد الاحتلال.

توعَّد البيان الاحتلال بمعارك متجددة ومتنوعة، يصعب على إسرائيل التنبؤ بها مسبقاً، حيث يعتمدون على مفهوم المبادرة والمباغتة في تنفيذ أعمالهم.

وأكدت المجموعة بقوة وحدة الصف الفلسطيني، وأعلنت عزمها على عدم الانخراط في الانقسامات الفصائلية، حيث تجد أن مهمتها الرئيسية هي مواجهة الاحتلال والدفاع عن وحدة الأراضي الفلسطينية.

ما صفات جماعة "عرين الأسود"؟

توصف مجموعة "عرين الأسود" بأنها تتألف من شباب في مقتبل العمر، يرتدون زياً أسود موحداً يعبّر عن هويتهم الجماعية، تَميّز هؤلاء الشبان بتغطية فوهات بنادقهم بقطع من القماش الأحمر، رمزاً لتفانيهم في عدم استخدام أسلحتهم إلا في الدفاع عن قضية فلسطين، وعدم تسليمها لأي تصرف فردي، ويَظهرون دائماً أمام وسائل الإعلام بشكل موحد ومنضبط.

تتضمن هذه المجموعة أعضاء من كتائب "شهداء الأقصى"، وهي الجناح العسكري لحركة "فتح"، بالإضافة إلى أبناء الأجهزة الأمنية التابعة للسلطة، ورغم انتمائهم الأساسي لفصائل مختلفة فإنهم يعملون جميعاً تحت راية "عرين الأسود" دون تمييز.

تعبّر "عرين الأسود" في منشوراتها واجتماعاتها عن امتنانها واحترامها لقادة النضال الفلسطيني التاريخيين، بمن في ذلك الرئيس المؤسس ياسر عرفات والشيخ أحمد ياسين وأبو علي مصطفى وفتحي الشقاقي وغيرهم، وتؤكد المجموعة رفضها الانقسام، وتسعى جاهدةً لتجسيد وحدة الصف والعمل المشترك على الأرض في سبيل تحقيق الأهداف الوطنية للشعب الفلسطيني.

العمليات المسلحة لجماعة "عرين الأسود" ضد إسرائيل

نفّذت جماعة "عرين الأسود" الكثير من العمليات المسلّحة ضد الاحتلال الإسرائيلي، ومن أبرز هذه العمليات:

قتل جندي من جيش الاحتلال في حادث إطلاق نار عند حاجز قرب مستوطنة "شافي شمرون"، غربي المدينة.

تفجير عبوة ناسفة قرب مستوطنة "براخا".

إطلاق نار صوب حاجز "صرة" العسكري غرب نابلس، كما أطلقوا النار نحو مستوطنة "براخا" المقامة على أراضي نابلس.

استهداف حافلة قرب مغتصَبة "ألون موريه".

أبرز الشهداء في جماعة "عرين الأسود"

محمد العزيزي (الاستشهاد: 24/7/2022)

عبد الرحمن صبح (الاستشهاد: 24/7/2022)

إبراهيم النابلسي (الاستشهاد: 9/8/2022)

إسلام صبوح (الاستشهاد: 9/8/2022)

سائد الكوني (الاستشهاد: 25/9/2022)

وديع الحوح (25/10/2022)

الرد من القوات الاسرائيلية على جماعة "عرين الأسود"

في 13 أكتوبر 2022 كانت مجموعة "عرين الأسود" محوراً رئيسياً في النقاشات التي دارت في مكتب رئيس الوزراء الإسرائيلي يائير لبيد، وأيضاً في مكتب وزير الدفاع بيني غانتس، شارك في هذه النقاشات كبار المسؤولين الأمنيين بما في ذلك رئيس أركان الجيش أفيف كوخافي، ورئيس الشاباك رونين بار، والمفتش العام للشرطة يعقوب شبتاي إلى جانب مسؤولين آخرين.

في هذا السياق أعلن وزير الدفاع الإسرائيلي بيني غانتس، أن نصف القوات الإسرائيلية نُشرت في الضفة الغربية وحُدِّد هدف استراتيجي لهذه القوات وهو التصدي لمجموعة "عرين الأسود".

كثفت القوات الإسرائيلية حملات التحريض ضد مجموعة "عرين الأسود" ووصفت الخطر القادم من منطقة نابلس بأنه أكثر من الخطر الذي ينبعث من مدينة ومخيم جنين، وطالبت السلطة الفلسطينية بتحسين الأمن في المنطقة وأشارت إلى إمكانية إعادة اجتياح المدينة من القوات الإسرائيلية.

في 19 سبتمبر 2022 اعتُقل الأسير المحرَّر مصعب أشتية، الذي ينتمي إلى حركة "حماس"، وهو أحد أعضاء مجموعة "عرين الأسود"، مما أثار غضباً شعبياً وتصاعد الاحتجاجات.

بالإضافة إلى ذلك بدأت السلطات الإسرائيلية جهوداً مكثفة لمواجهة مجموعة "عرين الأسود" في نابلس، ولكنها واجهت صعوبة في فهم نسيج وأساليب هذه المجموعة وكيفية التعامل معها.

في 23 أكتوبر/تشرين الأول 2022 اغتيل تامر الكيلاني، أحد مؤسسي مجموعة "عرين الأسود" في انفجار عبوة ناسفة في مدينة نابلس.

وفي 25 أكتوبر/تشرين الأول 2022 داهمت قوات الاحتلال شقة تستخدمها المجموعة مقراً، مما أسفر عن استشهاد ثلاثة من أعضاء المجموعة، بما في ذلك أحد مؤسسيها، وديع الحوح، هذا الحدث أدى إلى احتجاجات في بلدة النبي صالح، وزعماء آخرين في المناطق المحيطة.

في 26 أكتوبر/تشرين الأول أعلن الجيش الإسرائيلي اعتقال ثلاثة فلسطينيين واتهامهم بالانتماء إلى مجموعة "عرين الأسود".

ما الأهداف التي تسعى جماعة "عرين الأسود" لتحقيقها؟

تؤكد مجموعة "عرين الأسود" أنها تهدف إلى تحقيق مجموعة من الأهداف الرئيسية، منها:

1. تعزيز مفهوم الوحدة: تسعى المجموعة إلى تعزيز مبدأ الوحدة والتماسك بين أفراد الشعب الفلسطيني.

2. إحياء روح المقاومة: تؤكد المجموعة إسهامها في إعادة إحياء روح المقاومة في نفوس الشعب الفلسطيني، حيث عكست رغبتهم في تغيير معادلة الاستسلام أمام الاحتلال إلى معاداة ومواجهة الاحتلال بكل الوسائل الممكنة.

3. مطاردة المستوطنين: ركزت المجموعة على مطاردة المستوطنين والمستوطنات في جميع المناطق التي يوجدون فيها، هذا الجانب من أنشطتهم يهدف إلى خلق تأثير نفسي وأمني على المستوطنين، وجعلهم يشعرون بعدم الأمان داخل الأراضي الفلسطينية.

بهذه الطريقة تسعى هذه المجموعة إلى تغيير ديناميكيات الصراع في فلسطين وتعزيز روح المقاومة والوحدة بين الشعب الفلسطيني وتشجيع المواجهة الفعّالة ضد الاحتلال والمستوطنين، كما تصفها.

أسلوب المقاومة التي تتبعه جماعة "عرين الأسود":

تتبنى مجموعة "عرين الأسود" استراتيجية المقاومة التي تقوم على المبادرة والمباغتة، إنهم لا ينتظرون جيش الاحتلال لينفذ عمليات دهم في البلدات القديمة والمناطق المحيطة بهم، بل هم الذين يتخذون الخطوة الأولى ويطاردون الاحتلال بلا هوادة. ويوجدون في جميع الأماكن التي يكون فيها الاحتلال، بدءاً من الحواجز العسكرية حتى تجمعاته العسكرية الأخرى.

هؤلاء الشبان والشابات لا يختبئون أو يختفون بل يتحصنون في أماكن تمكِّنهم من مواجهة الاحتلال بشكل فعّال، إنهم دائماً على أهبة الاستعداد للمواجهة والدفاع عن أنفسهم، وكذلك للدفاع عن أي منطقة يدخلها الجيش الإسرائيلي، تلك الروح المقاومة والاستعداد للتصدي للتحديات تُميز هذه المجموعات وتمنحهم قوة إضافية في مواجهة الاحتلال، كما يصفون أنفسهم.

TRT عربي
الأكثر تداولاً