تتحكّم روسيا في نحو 10% من إمدادات النيكل العالمي (Others)
تابعنا

بالتزامن مع العقوبات الغربية على روسيا، وما تبعها من ارتفاع في أسعار الطاقة وكثير من المواد الأساسية الأخرى جراء الخلل الذي ضرب سلاسل التوريد، يبدو أن العالم على باب أزمة عالمية جديدة يكون السبب الأساسي فيها الارتفاع الهائل في أسعار المعادن الثمينة، مثل النيكل والبلاديوم والبلاتين وغاز النيون، التي تدخل في العديد من الصناعات المهمة والحيوية.

موضوع آخر للأزمة في الآونة الأخيرة كان المعادن الثمينة، التي تعتبر مواد خاماً لا غنى عنها في العديد من المجالات، والتي تزامنت مع الطلب العالمي المتزايد للتحول نحو الطاقة المتجددة. تماماً كما حدث مع أسواق السلع الأساسية، وصلت الاهتزازات إلى سوق المعادن الثمينة بسبب الحرب الأوكرانية والخلل الذي ضرب سلاسل الإمداد العالمية.

وبينما شهدت أسعار المعادن مثل البلاديوم والبلاتين والنيكل زيادات كبيرة في مارس/آذار، قد يؤدي القلق بشأن المعروض من المعادن، التي تعد روسيا من أهم مصادرها، إلى قفزة بالأسعار على المدى القصير والمتوسط.

معادن حيوية لطاقة نظيفة

تتحكّم روسيا في نحو 10% من إمدادات النيكل العالمي، وامتلاكها ما يقرب من ثلث خام كبريتيد النيكل في العالم، ما يتيح لروسيا إمكانية التحكم في سوق النيكل العالمية. وهو المعدن الذي يدخل في صناعة الهواتف المحمولة وصنابير المياه وأواني المطبخ، مروراً بالدعامات المستخدمة في علاج أمراض القلب والأوعية الدموية، وصولاً إلى البطاريات والعديد من أجزاء السيارات.

وإلى جانب الكوبالت والنيكل المستخدمة في توليد الكهرباء من المصادر الطبيعية وصناعة السيارات الكهربائية والبطاريات، فإن أكثر من 90% من إمدادات غاز النيون الأمريكية من فئة أشباه الموصلات تأتي من أوكرانيا، فيما 35% من البلاديوم من روسيا، وفقاً لتقديرات (Techcet).

من جهتها تسيطر الصين على المعادن اللازمة لصناعة بطاريات الليثيوم مثل النيكل والكوبالت وأكسيد المنغنيز، فخلال السنوات الماضية نجحت الصين في فرض هيمنتها على قطاع التعدين في عديد من دول القارة السمراء، الأمر الذي ساعدها على فرض هيمنتها أيضاً على صناعة بطاريات أيون الليثيوم. وشهد العام الماضي توريد مصافي التكرير الصينية نحو 85% من إنتاج العالم من الكوبالت الجاهز للاستخدام في البطاريات، حسب تقديرات شركة توريد الكوبالت (Darton Commodities).

هل يعاقب بوتين العالم؟

رداً على هذا السؤال، تحدث لموقع (TRT Haber) رئيس قسم العلاقات الدولية في جامعة الشرق الأوسط، البروفيسور أوكتاي تانريسيفار قائلاً: "روسيا هي واحدة من أهم الدول المنتجة للمعادن في العالم، وهي دولة تنتج معادن شديدة الأهمية. بالطبع، خلال حرب أوكرانيا لم تتوقع معظم الدول تأثير المعادن التي تنتجها روسيا، بخلاف النفط والغاز الذي توقعته الأسواق العالمية. لهذا، تفاجأ العالم بفرض بوتين سيطرة على بيع هذه المنتجات للسوق الدولية، وبعبارة أخرى، فرض عقوبات على العالم".

فمنذ تصاعد حدة العقوبات الغربية على روسيا ووصولها إلى حد فرض أمريكا حظراً شاملاً على صادرات الرقائق الإلكترونية إلى موسكو، بدأ بوتين تحضير رد قاسٍ لخنق سوق صناعة أشباه الموصلات التي تعتمد بشكل رئيسي على الإمدادات القادمة من روسيا وأوكرانيا.

وإلى جانب النيكل ومعادن ثمينة أخرى، تعتبر كل من روسيا وأوكرانيا مورداً رئيسياً لغاز النيون والبلاديوم، وهما مكونان حيويان في تصنيع الرقائق. وهو الأمر الذي يشكّل كابوساً لمُصنّعي التكنولوجيا، وأشباه الموصلات تحديداً، الذين يخشون من أن روسيا قد تستفيد من موقعها في السوق للرد على عقوبات الرقائق الأمريكية.

هل هناك حلول على المدى القصير؟

بينما تعد روسيا والصين مصادر مهمة للمعادن الثمينة، سواء كانت تملك احتياطيات منها أو تسيطر على إنتاجهما، لكنهما ليستا الوحيدتين المُنتجتين لهذه المعادن الثمينة، خصوصاً أن احتياطيات معدنية كبيرة موجودة في أمريكا الجنوبية وإفريقيا.

وعلى الرغم من سعي البلدان الغربية إلى تأمين هذه المعادن عبر مواد بديلة، إلا أن هذه المساعي تأتي في إطار الحلول على المدى المتوسط والطويل، ولا تجدي نفعاً على المدى القصير الذي يرضخ تحت أزمة آخذة في التعمق في ظل البيئة التنافسية التي بدأت تنعكس على الأسعار منذ اشتعال الحرب الأوكرانية.

وفيما يخص صناعة الرقائق (المجال الأكثر إلحاحاً حالياً)، نقلت رويترز عن أشخاص مطلعين داخل البيت الأبيض، قُبيل بدء الحرب الأوكرانية في فبراير/شباط الماضي، قولهم إن الإدارة الامريكية نبهت مُصنعي الرقائق في البلاد إلى ضرورة تنويع سلاسل التوريد الخاصة بهم في حال قررت موسكو الانتقام من تهديد فرض عقوبات أمريكية تحظر استفادة روسيا من أشباه الموصّلات الأمريكية أو التي صُنعت بتكنولوجيا أمريكية رداً على غزوها أوكرانيا.

TRT عربي