آخر ضحاياه البنتاغون.. كيف يوظف الذكاء الاصطناعي في حرب التضليل؟ / صورة: Reuters (Reuters)
تابعنا

مع استمرار تقدم التكنولوجيا، يجد العالم نفسه يتصارع مع التحديات الجديدة التي يفرضها الذكاء الاصطناعي (AI). إحدى النتائج المقلقة هي استخدام الذكاء الاصطناعي في حرب المعلومات المضللة. بفضل قدرته على تحليل كميات هائلة من البيانات وإنشاء محتوى واقعي مستغلاً نقاط الضعف، أصبح الذكاء الاصطناعي أداة قوية في أيدي أولئك الذين يسعون لنشر المعلومات المضللة والتلاعب بالرأي العام.

حتى المؤسسات الآمنة مثل البنتاغون وول ستريت لم تسلم من تأثير حملات التضليل التي يقودها الذكاء الاصطناعي. فبعد أن شُوركت صورة مزيفة يُزعم أنها تُظهر انفجاراً بالقرب من البنتاغون من العديد من حسابات تويتر الموثقة يوم الاثنين، حدث ارتباك في وول ستريت، تسبب في انخفاض قصير في سوق الأسهم، وذلك بالرغم من أن المسؤولين المحليين أكدوا في وقت لاحق عدم وقوع مثل هذه الحوادث، وفقاً لتقرير نشرته شبكة CNN الأمريكية.

ونظراً لأن الذكاء الاصطناعي أصبح أكثر تعقيداً، فإن حرب المعلومات المضللة دارت رحاها بشكل متزايد في العالم الرقمي. ولوقت قصير، عانى كل من البنتاغون وول ستريت بشكل مباشر من العواقب المدمرة لحملات التضليل التي ولدها الذكاء الاصطناعي.

من الضروري أن تظل الحكومات والمؤسسات والمجتمع كلها يقظة وأن تتعاون وتضع تدابير مضادة فعالة للحماية من إساءة استخدام الذكاء الاصطناعي. فقط من خلال الجهود الاستباقية يمكننا الحفاظ على سلامة المعلومات وحماية أسس الديمقراطية والاستقرار المالي.

واقعة البنتاغون

في أحدث واقعة لتوظيف تقنيات الذكاء الاصطناعي في حرب التضليل والتحايل، انتشرت صورة تُظهر انفجاراً بجوار مبنى في مجمّع البنتاغون، وأظهرت الصورة عموداً طويلاً من الدخان الرمادي الداكن، وشاركت الصورة في العديد من الحسابات التي حُققت منها بعلامات تويتر الزرقاء، بما في ذلك واحدة ادعت خطأ أنها مرتبطة بـ Bloomberg News.

وعلى الرغم من انتشار الصورة، التي تحمل جميع السمات المميزة للذكاء الاصطناعي، السريع والواسع على تويتر، لا يزال من غير الواضح من أين نشأت. وكانت صفحة "OSINTdefender" على تويتر، والتي تشارك الأخبار حول النزاعات العسكرية الدولية ولديها أكثر من 336000 متابع، واحدة من الصفحات التي حُقّق من خلالها والتي شاركت الصورة، وفقاً لصحيفة الغارديان البريطانية.

وفي وقت لاحق، اعتذر مالك الصفحة عن نشر معلومات مضللة وقال إن الحادثة كانت مثالاً على مدى "سهولة استخدام هذا النوع من الصور للتلاعب بمساحة المعلومات ومدى خطورة ذلك في المستقبل". وهي الحادثة التي سلطت الضوء مجدداً على المخاوف بشأن المعلومات الخاطئة الناتجة عن الذكاء الاصطناعي.

كما سلطت الحادثة الضوء مرة أخرى على تحديات التحقق والتوثيق على تويتر، إذ قامت المنصة بإصلاح خدمة الاشتراك، "Twitter Blue".

حوادث مشابهة

الصورة المزيفة حول تفجير البنتاغون هي واحدة من العديد من الصور التي أُنشئت بوساطة الذكاء الاصطناعي والتي انتشرت بسرعة كبيرة في الأسابيع الأخيرة.

من الأمثلة الحديثة على ذلك الصورة الغريبة الخاصة بـ البابا فرانسيس (86 عاماً)، التي انتشرت على نطاق واسع على وسائل التواصل الاجتماعي بعد أن أظهرته يرتدي معطفاً طويلاً أبيض اللون ومنفوخاً. وهي الإطلالة التي كانت أقرب ما تكون إلى مغني راب منها إلى رأس الكنيسة الكاثوليكية.

وعلى الرغم من أن موقع تويتر قد أرفق ملاحظة توضّح أن الصّورة مصنوعة بالذّكاء الصناعي، فإن العديد من مستخدمي وسائل التواصل الاجتماعي تصرفوا بأن الصورة حقيقية، وهي ليست كذلك بالفعل.

وهناك أيضاً الصورة بالأبيض والأسود التي فازت بجائزة من جوائز سوني العالمية للتصوير الفوتوغرافي. على حين قال الفنان الألماني الذي ابتكر الصورة الحائزة جائزة إنه تقدم بطلب للحصول على الجوائز بصفته "قرداً صفيقاً" لمعرفة ما إذا كانت المسابقات ستكون جاهزة لدخول صور الذكاء الاصطناعي، وفي النهاية رفض استلام الجائزة، وفقاً لصحيفة الغارديان البريطانية.

حرب التضليل

لطالما كانت المعلومات المضللة أداة تستخدمها الجهات الحكومية وغير الحكومية لتحقيق أهدافها. ومع ذلك، فقد أدى ظهور الذكاء الاصطناعي إلى تضخيم قدراتها بشكل كبير. إذ يمكن للخوارزميات التي تعمل بالذكاء الاصطناعي معالجة كميات هائلة من المعلومات وتحديد الأنماط وتوليد روايات مقنعة تطمس الخطوط الفاصلة بين الواقع والخيال.

يمكّن ذلك حملات التضليل من الوصول إلى جمهور أكبر، واستهداف ديموغرافيات محددة، فضلاً عن التلاعب بالمشاعر العامة بشكل أكثر فاعلية.

مثال آخر على التضليل المدعوم بالذكاء الاصطناعي هو الموجة الأخيرة من "التزييف العميق" (Deepfakes)، التي تتمثل بمقاطع فيديو أو تسجيلات صوتية لُعبَ بها لجعلها تبدو كما لو أن شخصاً ما يقول أو يفعل شيئاً لم يقله أو يفعله في الواقع. فقد تستخدم هذه التقنيات لنشر معلومات خاطئة عن السياسيين والمشاهير والشخصيات العامة الأخرى.

كما يُستخدم الذكاء الاصطناعي للتلاعب بالرأي العام. على سبيل المثال، يستخدم الذكاء الاصطناعي لاستهداف الأشخاص بإعلانات أو رسائل محددة مصممة للتأثير في تفكيرهم. وكذلك يُستخدم هذا للتأثير في أصوات الناس أو قراراتهم المالية أو دعمهم لسياسات معينة.

TRT عربي