"ليس من أجل الفحم! أتينا من أجل الحياة". (Others)
تابعنا

بينما لم تتغلب تركيا على صدمة الكارثة الرهيبة التي خلفها الزلزال الذي ضرب بقوة 7.7 درجة فجر يوم الاثنين، تعرضت لزلزال آخر بعد 9 ساعات بقوة 7.6 درجة فاقم من حجم الكارثة التي خلفت أكثر من 36 ألف قتيل وتسببت في انهيار أكثر من 50 ألف مبنى.

وفي الوقت الذي توافدت فيه فرق البحث والإنقاذ من جميع أنحاء تركيا والعالم إلى منطقة الكارثة، شاركت الفرق التي شكلها عمال مناجم الفحم الأتراك في أنشطة البحث والإنقاذ منذ اليوم الأول. ويواصل عمال المناجم القادمون من ولايتي زونغولداق وبارتين، والتابعون لهيئة الفحم التركية (TTK)، جهودهم للوصول إلى الناجين القابعين تحت الأنقاض في مدينة آدي يامان الواقعة جنوب شرقيّ تركيا.

وعلى الرغم من حجم الدمار الهائل، فإن كل الأنظار في تركيا توجهت إلى المعجزات والأخبار السارة التي جاءت من تحت الأنقاض بفضل فرق البحث والإنقاذ التي باشرت عملها منذ الساعات الأولى. ومحطمين الرقم القياسي العالمي، تمكنت عناصر الإنقاذ من إخراج شابة من تحت الأنقاض في ولاية قهرمان مرعش التركية بعد مضي 248 ساعة على الزلزال.

مساهمات كبيرة

بالتزامن مع بدء أنشطة البحث والإنقاذ يوم السادس من فبراير/شباط، أفادت وزارة الطاقة والموارد الطبيعية أنه جرى نقل ما مجموعه 2103 من عمال المناجم في شركة الفحم الصلب التركية (TTK) ومشاريع الفحم التركية (TKİ)، بالإضافة إلى شركات التعدين الخاصة إلى منطقة الزلزال للمشاركة في جهود البحث والإنقاذ بعد الزلازل التي ضربت عشر مدن جنوبي تركيا.

وتجدر الإشارة إلى أن عمال المناجم في تركيا يمتلكون خبرات كبيرة في أنشطة البحث والإنقاذ انطلاقاً من طبيعة عملهم الخطيرة على أعماق كبيرة وفي ظروف صعبة وخطرة، الأمر الذي ظهر جلياً خلال الكارثة الأخيرة والتي تمكنوا فيها من إنقاذ العديد من الأشخاص في المناطق التي عملوا فيها.

وخلال عملها، مكثت فرق عمال المناجم داخل الفصول الدراسية في مدارس المنطقة المنكوبة. وبعد انتهاء مشاركتهم في أعمال الإنقاذ، ترك العمال ملاحظات ورسائل مؤثرة على السبورة في جميع الفصول الدراسية التي مكثوا فيها. منها:

"ليس من أجل الفحم! أتينا من أجل الحياة"

بعد عاصفة الزلازل الرهيبة، تدفقت المساعدات والدعم من جميع أنحاء البلاد إلى مناطق الزلزال، فيما لعب عمال المناجم، الذين شاركوا ببراعة منذ اليوم الأول في أعمال الحفر والإنقاذ، دوراً نشطاً للغاية في مناطق الكوارث ونجحوا بإخراج العديد من الأشخاص أحياءً من تحت الأنقاض.

وفي ولاية أديامان، تمكن فريق عمال المناجم القادم من زنغولداق من إنقاذ الفتى محمد جعفر تشتين، البالغ من العمر 18 عاماً، من تحت الأنقاض بعد مرور 198 ساعة على الزلزال.

ولم يثنِ المجهود الصعب والطويل عمال المناجم عن ترك رسالة مؤثرة للتعبير عن مشاعرهم تناقلتها وسائل الإعلام وحسابات التواصل الاجتماعي بشكل واسع، منها تلك التي تركها عمال مناجم زنغولداق الذين أنقذوا محمد، وجاء فيها: "ليس من أجل الفحم! أتينا من أجل الحياة. سامحونا إن كنا قد قصرنا".

"ألمكم هو ألمنا"

كتب عمال مناجم زنغولداق الذين عملوا في هاطاي التالي: "نحن عمال المناجم في زنغولداق. كنا هنا من أجلكم. ألمكم هو ألمنا. تصبح الحياة أجمل عند المشاركة. لم نأخذ الحضور والغياب في فصولكم أثناء غيابكم. نريدكم أن تعرفوا هذا جيداً، حالما وصلتنا أخباركم لم نفكر ولو لدقيقة، تركنا عائلاتنا وراءنا ووصلنا إلى منطقة الدمار. وانتشلنا أمهاتكم وآباءكم وأجدادكم من تحت الأنقاض".

"ادرسوا جيداً واصبحوا مهندسين جيدين"

فيما كتبت إحدى الفرق "نتمنى لو كان باستطاعتنا فعل المزيد. نحن نحبكم جميعاً ولدينا طلب منكم. انتبهوا لدروسكم جيداً لكي تصبحوا مهندسين جيدين قادرين على بناء مبانٍ صلبة وجميلة. وتأكدوا من أن الآباء الآخرين لن يبكوا على الأطفال، ألا يصبح الأطفال يتامى. نحن نثق بكم. ثقوا بالمعلمين وعانقوهم بإحكام".

وكتبوا ملاحظة للمعلمين جاء فيها: "كما تلاحظ عزيزي المعلم فقد استخدمنا الفصول الدراسية. حاولنا الحفاظ على نظافتها قدر الإمكان. لسوء الحظ، ربما تركناه متسخةً بعض الشيء، حيث لم يكن هناك ماء وكهرباء. نطلب السماح منكم".

"ستكونون معماريي هذه المدينة المدمرة، وستقرؤون أكثر من أي شخص آخر"

كتب عمال المناجم على السبورة في فصل أخرى على النحو التالي: "إخواني الطلاب.. نحن عمال مناجم زنغولداق. لقد تنفسنا غبار الدمار نفسه هنا معكم. لقد أصبحتم أبناء الدمار الآن، ربما ستظل كل ابتسامتكم مظللة وستكون كل كلمة لديكم حارقة. ولكنكم ستكونون من يسير بثقة أكبر ويتحدث بالصواب أثناء التقدم. لا تنسوا أن من هم تحت الأنقاض يعتبرون شهداء. ستكونون الآن معماريي هذه المدينة المدمرة وستقرؤون أكثر من أي شخص آخر.. ويجب أن تبقوا حتى لا نعاني من هذا الألم مرة أخرى".


TRT عربي