مسببات أمراض الجهاز الهضمي كثيرة أهمها وأكثرها تأثيراً النظام الغذائي المتبع، إضافة إلى نمطية الوجبات المتناولة (AFP)
تابعنا

في ظل تغيرات نمط الحياة التي تولدت في العصر الحالي أصبحت أمراض الجهاز الهضمي شائعة جداً ويعاني منها نسبة كبيرة من الأشخاص في المجتمع، وحيث إن معظم التغيرات في نمط الحياة الحديث يغلب عليها التأثير السلبي على الصحة العامة، فمن الطبيعي أن يظهر أثرها واضحاً بزيادة نسبة الإصابة بأمراض الجهاز الهضمي لتصبح شائعة بشكل أكبر.

ولإلقاء الضوء على التغيرات الأكثر تأثيراً في نمط حياتنا المعاصر نتجه إلى طبيعة الغذاء المتناول، إذ زاد الاتجاه نحو الوجبات السريعة الغنية بالدهون والمحضرة بطرق غير صحية إضافة إلى محتواها من المواد الحافظة والمواد الصناعية، والاتجاه إلى هذه الوجبات تبرره ساعات العمل الطويلة، إضافة إلى توفر المطاعم بشكل ملفت وسهولة الحصول على هذه الوجبات بوقت قليل.

مسببات أمراض الجهاز الهضمي كثيرة ومتعددة ومن أهمها وأكثرها تأثيراً النظام الغذائي المتبع، إضافة إلى نمطية الوجبات المتناولة، ويعتبر التوتر والقلق والعامل النفسي بشكل عام مؤثراً واضحاً وله دور كبير في التسبب بهذه الأمراض، أو زيادة تأثيرها في الفرد وفي حياته، حيث تزيد من حدة الأعراض المرافقة للمرض.

القولون العصبي المرض الأكثر شيوعاً وانتشاراً

المرض الأكثر شيوعاً هو القولون العصبي حيث يعتبر من أمراض العصر، ويسبب تهيج القولون أعراضاً كالشعور بالانتفاخ والغازات والألم، ولا يوجد علاج طبي له حيث إنه من الأمراض التي تعتمد على اتباع نمط حياة معين يهدف للتأقلم مع هذا الظرف الصحي، رغم إمكانية تناول علاج دوائي بهدف السيطرة جزئياً على الأعراض.

يجب على المصاب بالقولون العصبي اتباع نمط حياة صحي يتمثل بوجبات صغيرة ومتعددة، إذ يعتبر تناول أي وجبة لحد التخمة والامتلاء مسبباً لتهيج القولون، إضافة إلى ذلك يجب تجنب التدخين والقهوة والمشروبات الغازية والعصائر المصنعة، كما يجب الامتناع عن المقالي والأطعمة الدسمة الغنية بالدهون كلحوم الأعضاء (الكبدة والطحال كمثال)، وتعتبر البقوليات كالحمص المسبب الأكبر لتهيج القولون وتكوّن الغازات المسببة لآلامه.

القرحة المعدية

من الأمراض الشائعة كذلك القرحة المعدية وهي عبارة عن اهتراء أو تقرحات في جدار المعدة، ممَّا يسبب آلاماً شديدة قد تعتبر معرقلة لحياة الشخص المصاب، ويعتبر النظام الغذائي ذا أهمية كبيرة للتغلب على تأثير القرحة وأعراضها وآلامها الشديدة.

ويعتمد النظام الغذائي اللازم لمصابي القرحة المعدية على الامتناع التام عن الكافيين الذي يسبب تهيج جدار المعدة، ومن مصادره القهوة والشاي والنسكافيه والمشروبات الغازية، ومن المفيد تجنب الوجبات الخفيفة واعتماد نمط الوجبات الرئيسية الثلاث يومياً، مع ضرورة تجنب تناول أي أطعمة قبل النوم وتجنب الاستلقاء بعد تناول الطعام.

يجب على مريض القرحة الامتناع عن تناول التوابل والأطعمة الحارة والحامضة، كما يجب تجنب شرب السوائل أثناء تناول الطعام ومحاولة تناولها بدرجة حرارة معتدلة في جميع الأوقات، وتجنب المشروبات الساخنة أو الباردة، ويعتبر التدخين من مسببات تهيج جدار المعدة ولهذا يجب الامتناع عنه.

تناول الألبان يعتبر مفيداً لمريض القرحة، إذ تحتوي على الخمائر المفيدة التي تعمل على تغليف جدار المعدة، ممَّا يخفف من حدة الأعراض ويحمي من تهيج المعدة ونزف التقرحات.

الارتجاع المريئي

من الأمراض التي يعاني منها العديد من الأشخاص كذلك الارتجاع المريئي، ويتمثل برجوع حمض المعدة إلى المريء ممَّا يسبب حرقة شديدة في المريء والحلق، ومن الضروري تجنب كل ما يسبب ارتجاع الحمض تجنباً لاهتراء جدار المريء في مراحل متقدمة.

ولتجنب ارتجاع المريء ننصح بتناول الطعام على مراحل متعددة بتقسيم الوجبة الواحدة إلى وجبات صغيرة وتجنب امتلاء المعدة، ويجب الامتناع عن بعض الأصناف مثل مصادر الكافيين والأطعمة الحامضة والحارة والتوابل والبهارات، وكذلك الدهون والزيوت والحلويات العربية والشوكولاتة.

الجرثومة الحلزونية H-PYLORI

تعتبر الجرثومة الحلزونية H-PYLORI المسبب الأكبر لأمراض الجهاز الهضمي وأكثرها شيوعاً، وهي نوع من البكتيريا تتعايش في المعدة والاثنا عشر، وتسبب الالتهابات للشخص المصاب وزيادة حموضة المعدة، وقد تصل إلى مرحلة التسبب بسرطان المعدة في مراحل لاحقة.

يوجد مسببات عديدة للإصابة بالجرثومة الحلزونية ومنها تناول الطعام المكشوف، وعدم الاهتمام بنظافة الطعام أو مصدره، وكذلك تناول الخضراوات والفاكهة غير مغسولة وغير معقمة بشكل صحيح، ومشاركة الطعام أو الأدوات مع شخص مصاب بالجرثومة.

تسبب الجرثومة الحلزونية أعراضاً عديدة مثل الشعور بألم حاد، والشعور بالارتجاع المريئي ووصول حمض المعدة إلى الفم، إضافة إلى رفض المعدة للطعام ويترتب عليه فقدان الوزن وفقدان الشهية، ممَّا يجعل الشخص يتجه إلى تجنب تناول الطعام وكنتيجة لهذا يصيبه سوء التغذية لاحقاً.

إن ما يجب على المريض بالجرثومة الحلزونية فعله هو الصيام 3 أيام عن الأطعمة الصلبة، بحيث يتناول خلال الأيام الثلاثة سوائل كالعصائر الطبيعية المنزلية الصنع ومن أهمها عصير التفاح، وشرب الماء بكميات كبيرة، وبعد انتهاء الأيام الثلاثة يجب تناول الأطعمة المسلوقة وشوربة الخضار والفاكهة ومشروبات عشبية دافئة كالنعنع والبابونج، مع الحرص على مراجعة الطبيب وتناول العلاج المناسب مزامنة مع النظام الغذائي السابق.

على مريض الجرثومة الحلزونية تجنب مصادر الكافيين، وتجنب التوابل والأطعمة الحارة والحمضيات والموالح والمخللات، كما يجب تجنب استهلاك الدهون والأطعمة الدسمة كلحم الخروف.

تعتبر أمراض الجهاز الهضمي متعددة ومتشابهة بالأعراض، وجميعها ترتبط غالباً بالتغذية غير الصحية المرتبطة بنمط الحياة الحديث في زمن السرعة، وتشابه الأعراض في أمراض الجهاز الهضمي المختلفة والمتعددة يجعل الأشخاص يتجهون إلى العشوائية في طريقة العلاج الطبي والتغذوي، في حين يجب مراجعة الطبيب وإجراء الفحوص اللازمة مثل فحص منظار المعدة والصور الملونة لتحديد المشكلة الفعلية واتباع خطوات علاجية واضحة لضمان فاعلية العلاج.

يبدو من البديهي أن اتباع نمط حياة صحي يعتبر ضرورة لتجنب المخاطر الصحية المرتبطة بأجهزة الجسم وخاصة الجهاز الهضمي، ويشتمل نمط الحياة على الامتناع عن التدخين ومصادر الكافيين وكافة الأطعمة الجاهزة والمصنعة والوجبات السريعة وكذلك السكريات والدهنيات والزيوت.

الجرثومة الحلزونية H-PYLORI
TRT عربي