يتولّى الفسخانيتمليح السمك البوري بعد تجفيفه تماماً من الماء، ثم تخليله لما يزيد عن 15 يوماً في براميل خشبية مغلقة بإحكام (Khaled Desouki/AFP)
تابعنا

تتصدّر الأسماك المملحة، وفي مقدمتها الفسيخ والرنجة والملوحة، موائد المصريين خلال أعياد ومناسبات خاصة مثل شم النسيم (عيد الربيع) وعيد الفطر، غير أنّها تتسبّب كذلك في حالات تسمم وإغماء، لا سيّما الفسيخ، لما يتعرّض له من تلوّث أثناء تجهيزه، ونشاط للجراثيم التي تفرز سموماً تؤثر على الجهاز العصبي للشخص المتناول له.

وذكرت وسائل إعلام مصرية الاثنين، أنّ الأجهزة الأمنية بمحافظة البحيرة تلقّت بلاغاً من مستشفى إتياي البارود باستقبال المقرئ سيد أحمد عيسى، وزوجته ونجله الطبيب محمد سيد و5 من أحفاده، وهم في حالة تسمم حاد عقب تناولهم وجبة فسيخ سامة، وفشلت الإسعافات الأولية في إنقاذ حياتهم، ولفظوا أنفاسهم الأخيرة، فيما استطاعت الأطقم الطبية إنقاذ حياة الأحفاد.

ورُغم المذاق الشهي والشعبية الكبيرة التي يتمتّع بها الفسيخ بين المصريين، يحذّر أطباء من خطورة التبعات الصحية لتناوله وما يسبب من تسمم وضيق بالتنفس ومضاعفات قد تعرّض حياة متناوليه إلى الخطر.

يعود لقدماء المصريين

يعتبر الفسيخ أحد الأكلات المصرية الموسمية، فيتناوله المصريون بأوّل أيام عيد الفطر صباحاً كي يفتح شهيتهم بعد شهر من الصيام، والذي يتجنّبوا خلاله تناول الأكلات المملحة حتى لا تسبب لهم العطش أثناء شهر الصيام.

كما يعتقد كثير من المصريين أن تناول الأسماك المملحة بأشكاله وأنواعه المختلفة بعد الخروج من شهر الصوم ضرورة، لأن الجسم بحاجة إلى هذا النوع من الأكلات لتحفّزهم على شرب أكبر كمية من الماء، بعد أن فقد الجسم كميات من الماء لا يمكن تعويضها بين الإفطار والسحور.

ويُعَد الفسيخ من سمك نوعية "بوري"، فيُخمر بتجفيفه مُملّحاً، وهي طريقة تقليدية قديمة لحفظ الأكل من التلف قبل اختراع أجهزة التبريد الحديثة، ويعود بذلك تاريخ تصنيعه وأكله إلى قدماء المصريين، الذين كانوا يحتفلون بعيد شم النسيم كذلك، إذ يقول مؤرخون إنّ المصريين القدماء بدأوا الاحتفال به رسمياً منذ نهاية الأسرة الثالثة في عام 2700 قبل الميلاد، ليصبح بذلك العيد الشعبي الأقدم في مصر، وربما في التاريخ الإنساني بأكمله.

ويتميّز الفسيخ برائحة نفاذة، ويُطلَق على من يصنعه الفسخاني، والذي يملّح السمك البوري بعد تجفيفه تماماً من الماء، ثم يُخلّله لما يزيد على 15 يوماً في براميل خشبية مغلقة بإحكام ويُمنَع عنها الهواء، إذ تعتبر البراميل الخشبية الأفضل لصناعة الأسماك المملحة، لأنّها لا تحتوي على مواد تتفاعل مع الفسيخ مثل البراميل البلاستيكية.

يرفع الفسيخ مخاطر الإصابة بالسرطان، إذ يحوّل الجسم الأطعمة المملحة والمدخنة والمخللة إلى مركّب N-نيتروزو (NOC) المرتبط بخطر الإصابة بالسرطان (Getty Images)

كارثة صحية

يحذّر أطباء ومسؤولون مصريون من مخاطر تناول الفسيخ على نحو سنوي، إذ يعرض حياة متناوله للخطر البالغ بدءاً من أعراض مرضية كالقيء والإسهال والغثيان والمغص الحاد، مروراً بارتفاع درجة حرارة الجسم في بعض الأحيان، وصولاً إلى التسمم.

وينوّه الأطباء أنّ أبرز أعراض التسمم هي حدوث زغللة في العين وازدواجية في الرؤية، وجفاف بالحلق، وصعوبة في الكلام والبلع، وضعف بالعضلات تبدأ بالأكتاف والأطراف العليا وتنتقل إلى باقي الجسم بالإضافة إلى ضيق بالتنفس، فيما قد تصل تلك الأعراض بالمريض إلى الوفاة.

وشدّد الطبيب محمود محمد عمرو، مؤسس المركز القومى للسموم، على أنّ تناول الفسيخ يعد كارثة صحية، وذلك لكونه غير مضمون المصدر في أغلب الأحيان، ويتضمن مكوّنات مضرة بصحة الإنسان مثل الأملاح الكثيفة الزائدة، ونمو بكتيريا البتيلينيوم والتي يمكنها قتل الإنسان خلال ساعتين فقط.

وأضاف عمرو في حديث لصحيفة اليوم السابع المصرية، أنّه يترتب على تناول الفسيخ رفع ضغط الدم، وقد يتسبب في إجهاض الحوامل، بالإضافة إلى حدوث مشكلات بالدورة الدموية ومشكلات أخرى بالمخ.

من جهته قال الطبيب حسين عبده، إنّ "الفسيخ يرفع مخاطر الإصابة بالسرطان، إذ يحوّل الجسم الأطعمة المملحة والمدخنة والمخللة على هذا النحو إلى مركّب N-نيتروزو (NOC) وهو مرتبط بخطر أكبر للإصابة بالسرطان".

TRT عربي