China nuclear weapons / صورة: AFP (AFP)
تابعنا

يستعد العالم لدخول حقبة جديدة يرتفع فيها عدد الأقطاب النووية العظمى من اثنتَين إلى ثلاثة. فبعد أن علقت روسيا قبل أسابيع قليلة العمل بمعاهدة رئيسية للحد من الأسلحة النووية، ها هي الصين الآن تسعى لتحديث ترسانتها النووية وزيادتها إلى مستوى غير مسبوق، وذلك لتعزيز قوة الردع التي تملكها بالفعل في حال وقوع صراع مع الولايات المتحدة.

وخلال السنوات الأخيرة، عمدت الصين إلى توسيع قدراتها العسكرية بشكل ملحوظ، مع التركيز على تحديث ترسانتها النووية. وتسبب هذا في قلق عديد من البلدان، لا سيما تلك الواقعة في منطقة آسيا والمحيط الهادئ، مع تصاعد التوترات حول تايوان في جو مشحون بالنزاعات الإقليمية والمنافسات الجيوسياسية.

وحسبما نقلت صحيفة نيويورك تايمز الأمريكية، تستعد بكين لبدء مفاعل جديد على الساحل الصيني، على بعد 135 ميلاً فقط من تايوان، يرى البنتاغون أن من شأنه أن يوفر الوقود لتوسيع كبير للترسانة النووية الصينية، مما قد يجعلها نظيراً نووياً للولايات المتحدة وروسيا.

قدرات الصين النووية

دخلت الصين سباق التسلح النووي بعد نجاح أول تجربة نووية في 1964، ومن حينها بدأت بكين في بناء ترسانتها النووية بوتيرة معقولة بالشكل الذي يحقق لها الردع في حال تعرضها لهجوم بأسلحة من هذا النوع، لكن الأمور يبدو أنها تغيرت في السنوات العشر الأخيرة، لا سيما مع رؤية الرئيس الصيني شي جين بينغ واسعة النطاق لتحديث الجيش وقدراته العسكرية، بما فيها القدرات النووية.

ووفقاً لإحصائيات المعهد الدولي لأبحاث السلام في ستوكهولم، تملك الصين ترسانة تضم 350 رأساً نووياً، وهو رقم متواضع إذا قورن بما تملكه القوتان العظميان، روسيا والولايات المتحدة. ففيما تتصدر موسكو الترتيب العالمي بـ 4477 رأساً، تتبعها الولايات المتحدة بـ 3708 رأساً.

وعن المساعي الصينية لزيادة إنتاج الرؤوس النووية وتحسين القدرة على إطلاقها من الأرض ومن طائرة أو غواصة، قالت وزارة الدفاع الأمريكية (البنتاغون) في تقرير صدر في نهاية نوفمبر/تشرين الثاني الماضي إن بكين توسع قوتها النووية وهي في طريقها لمضاعفة عدد الرؤوس الحربية التي تملكها أربع مرات تقريباً والوصول بها إلى 1500 رأس نووي بحلول عام 2035، مما يسد الفجوة مع الولايات المتحدة.

دعم روسي

المفاعل الجديد الذي تستعد الصين لتدشينه، والمعروف باسم المولد السريع، يتفوق في صنع البلوتونيوم، وهو وقود رئيسي للقنابل الذرية. علماً أن هذه المواد النووية للمفاعل توفرها روسيا، التي أكمل عملاقها النووي روساتوم في الأشهر القليلة الماضية تسليم 25 طناً من اليورانيوم عالي التخصيب لبدء الإنتاج.

هذه الصفقة دليل دامغ على أن روسيا والصين تتعاونان الآن في مشروع من شأنه أن يساعد في تحديثهما النووي. ووفقاً لتقديرات البنتاغون، ينتجان ترسانات يمكن أن يتضاءل حجمها المشترك مع الولايات المتحدة.

وخلال القمة التي جمعت فلاديمير بوتين بنظيره الصيني شي جين بينغ بالعاصمة موسكو في مارس/آذار الماضي، تعهد البلدان بتعزيز تعاونهما في المجال النووي، وفقاً لما نقلته وكالة الصحافة الفرنسية، والتي قالت إن مسؤولون روس كبار في مجال الطاقة الذرية وافقوا على مساعدة الصين لامتلاك "مفاعلات سريعة" من شأنها إنتاج المواد الانشطارية بسرعة أكبر بكثير مما تستهلك.

من جانبه، رد مساعد وزير الدفاع لسياسة الفضاء جون إف بلامب على إفادة مسؤول أمريكي في جلسة استماع في اللجنة الفرعية للقوات المسلحة التابعة لمجلس النواب بشأن القوات الإستراتيجية في مارس الماضي، قائلاً: "من المقلق للغاية رؤية روسيا والصين تتعاونان في هذا الشأن".

وتابع إف بلامب قائلاً: "إن الصين وروسيا وضعتا الأسلحة النووية وحرب الفضاء والضربات بعيدة المدى في صميم استراتيجياتهما لمواجهة الولايات المتحدة وحلفائها وشركائها".

هل تستعد الصين لصراع محتمل؟

على الرغم من إصرار الصين على أن المفاعلات المولدة على الساحل ستكون لأغراض مدنية بحتة، فضلاً عن عدم وجود دليل على أن الصين وروسيا تعملان معاً على تطوير الأسلحة واستراتيجية استخدامها لمواجهة خصمهما المشترك، فإن جون إف بلامب أخبر الكونجرس مؤخراً: "لا يمكن الالتفاف على حقيقة أن المفاعلات المولدة هي البلوتونيوم، والبلوتونيوم مخصص للأسلحة"، وفقاً لما ورد في تقرير نشرته نيويورك تايمز.

فيما يرى الخبراء أن أحد الدوافع الرئيسية للتوسع النووي الصيني هو رغبتها في الحفاظ على رادع موثوق به ضد الخصوم المحتملين. الصين لديها سياسة عدم المبادرة، مما يعني أنها لن تستخدم الأسلحة النووية ما لم تهاجَم بها أولاً. ومع ذلك، لضمان بقاء هذه السياسة ذات مصداقية، تحتاج الصين إلى الحفاظ على ترسانة نووية قوية وقوية قادرة على الصمود في وجه الضربة الأولى والرد بالمثل.

العامل الآخر الذي يدفع التوسع النووي الصيني هو تصورها للولايات المتحدة خصماً محتملاً. تعتبر الصين الولايات المتحدة تهديداً لوحدة أراضيها ومصالحها الاستراتيجية، وتعتقد أنها بحاجة إلى رادع نووي قوي لموازنة القوة الأمريكية.

كما قد يكون التوسع النووي الصيني مدفوعاً أيضاً برغبتها في إبراز قوتها خارج حدودها وترسيخ نفسها قوة عظمى عالمية.

TRT عربي