تابعنا
من بين الأسئلة الأكثر شيوعاً اليوم في تونس جواز التبرّع بأموال الحج والعمرة للفقراء، من أجل المساعدة على مواجهة جائحة كورونا.

ينكبّ رئيس مشيخة جامع الزيتونة المعمور في تونس الدكتور منير الكمنتري للإجابة على أسئلة التونسيين في أمور الدنيا والدين، ومن بين أكثر الأسئلة شيوعاً خلال هذه الأيام جواز التبرع بأموال الحج والعمرة لمساعدة الفقراء ومعاضدة مجهودات الدولة، في ظل الأزمة الاقتصادية والاجتماعية التي ضربت البلاد وسائر بلدان العالم بسبب تفشي وباء كورونا.

البر الجامع

تأتي الفتوى صريحة ولا لبس فيها من "مشيخة جامع الزيتونة"، بجواز تحويل أموال الحج والعمرة هذه السنة للصالح العام ولما يعود من نفع للتونسيين بخاصة الفقراء منهم في مثل هذا الظرف الاستثنائي، "بل ربما كان التبرع مستحباً شرعاً وأكثر ثواباً من أداء الحج والعمرة، بخاصة لمن سبق لهم ذلك "، حسب ما يؤكده رئيس مشيخة الزيتونة الدكتور منير الكمنتري في تصريح لـTRT عربي.

يستشهد الشيخ الكمنتري بقوله تعالى في كتابه العزيز: "ليس البر أن تولوا وجوهكم قِبل المشرق والمغرب ولكن البر من آمن بالله واليوم الآخر والملائكة والكتاب والنبيين وآتى المال على حبه ذوي القربى واليتامى والمساكين وابن السبيل والسائلين وفي الرقاب وأقام الصلاة وآتى الزكاة والموفون بعهدهم إذا عاهدوا والصابرين في البأساء والضراء وحين البأس أولئك الذين صدقوا وأولئك هم المتقون"، مشدداً على أن البر هو كلمة جامعة لأنواع الخير وغير مقتصرة على استقبال الكعبة سواء بالطاعات أو بالطواف والسعي، بل تتجاوزها إلى منافع أخرى للناس وبخاصة الفقراء والمساكين.

توجيه الحجاج والمعتمرين للتبرع بأموالهم لبيوت الفقراء والمحتاجين، ينطبق أيضاً وفق رئيس مشيخة الزيتونة، على بقية أهل المال وميسوري الحال للتبرع بتلك المدخرات للصالح العام أو للجمعيات الخيرية الاجتماعية أو للتكفل بالأسر والعوائل الفقيرة، في ظل أزمة كورونا.

فتاوى متطابقة

وباء كورونا وحّد للمرة الأولى مواقف صادرة عن مؤسسات رسمية وجمعيات دينية في تونس، إذ أفتت "دار الإفتاء" في تونس بجواز التبرع بمال الحج أو العمرة خصوصاً لمن سبق له الحج أو العمرة، لصندوق "1818" الذي وضعته الدولة على ذمة المواطنين لمعاضدة مجهوداتها لمجابهة وباء كورونا، لتضاف إليها أيضاً فتوى صادرة عن "الجمعية التونسية للتفكير الإسلامي والشؤون الدينية" التي حثت التونسيين على التبرع بأموالهم المخصصة لأداء مناسك الحج والعمرة إلى الصندوق الذي خصصته الدولة لمجابهة وباء كورونا ولمساعدة الفئات الاجتماعية الأكثر هشاشة وفقراً.

وكانت السلطات السعودية دعت على لسان وزير الحج والعمرة أكثر من مليون مسلم ممن يعتزمون الحج إلى بيت الله خلال هذا الموسم للتريث قبل إبرام العقود لحين وضوح الرؤية، في ظل غياب أي مؤشرات على استقرار الوضع الوبائي لفيروس كورونا الذي تجاوز حاجز مليون ونصف مليون مصاب حول العالم، وقارب مئة ألف حالة وفاة، فيما لم يستبعد الوزير السعودي إمكانية إلغاء فريضة الحج هذا العام.

نقابة الأئمة والوعاظ في تونس التي كانت لها مواقف جريئة وفتاوى سابقة حتى قبل وباء كورونا بجواز التبرع بأموال الحج والعمرة للفقراء بدعوى استغلالها من قِبل السلطات السعودية لإبادة المسلمين في اليمن، أكدت على لسان نقيبها فاضل عاشور وفي تصريح لـTRT عربي، أن الظرف الوبائي الدقيق الذي تعيشه البلاد يستوجب من جميع التونسيين الانخراط في مقاومة الوباء وتداعياته الاجتماعية والاقتصادية على الفئات المستضعفة والفقراء، مضيفاً: "الحج والعمرة اليوم هي إلى بيوت الفقراء والمساكين وهي أكثر ثواباً عند الله من الفريضة ذاتها".

موقف المؤسسات والجمعيات الدينية في تونس من الحج في ظل تفشِّي وباء كورونا ليس بعيداً عن الفتوى التي أصدرها رئيس الاتحاد العالمي لعلماء المسلمين الدكتور علي محي الدين القره داغي منذ أسابيع، حين أفتى في بيان رسمي تحت عنوان "فتوى مفصلة حول الأحكام المتعلقة بانتشار المرض الوبائي فيروس كورنا المستجد" بجواز منع أداء مناسك العمرة والحج بشكل مؤقت في حال غلب الظن أن الحجاج أو بعضهم معرَّضون للعدوى بسبب الازدحام.

رئيس الاتحاد العالمي لعلماء المسلمين أوضح في البيان ذاته أن الأمراض الوبائية تعدّ من الأعذار المبيحة لترك الحج والعمرة، شرط أن يكون الخوف قائماً على غلبة الظن بوجود المرض أو انتشاره بسبب الحج والعمرة، لكنه شدد في المقابل على أن الخوف من انتشار المرض بسبب الحج والعمرة يقدره أهل الاختصاص من الأطباء، ويصدر المنع بشأنه بقرار من المملكة السعودية.

التداعيات الاقتصادية والاجتماعية التي خلفها فيروس كورونا في دول عربية عدة لا سيما الطبقات الأكثر خصاصة وفقراً، دفعت بشيوخ وعلماء إلى إصدار فتاوى تحث على ضرورة التعجيل بإخراج الزكاة وعدم تأخيرها لشهر رمضان والتصدق بها للمتضررين في تلك البلدان من فيروس كورونا.

وعلى هذا النحو أجازت "دار الإفتاء" المصرية التعجيل بالزكاة جراء انتشار فيروس كورونا بهدف "الوقوف مع الفقراء وسداً لفاقة المحتاجين وعملًا بالمصلحة التي تستوجب التعجيل كما ورد في السنة النبوية"، كما أفتى خطيب المسجد الأقصى الشيخ عكرمة صبري بجواز تقديم موعد إخراج الزكاة بالنسبة إلى الأشخاص المقتدرين دون انتظار حلول شهر رمضان،وذلك لمواجهة التحديات الاقتصادية لفيروس كورونا، بدوره حث مفتي الديار التونسية على جواز التعجيل بدفع الزكاة بحكم توفُّر المصلحة الشرعية وما نجم عن وباء كورونا "من توسيع دائرة الفقر والفقراء،وعدم قدرة شرائح مجتمعية على توفير مستلزمات الحياة الضرورية من الغذاء والدواء والعلاج".

مشيخة جامع الزيتونة المعمور أفتت بجواز التبرع بأموال الحج والعمرة (TRT Arabi)
رئيس مشيخة جامع الزيتونة أفتى بجواز التبرّع بأموال الحجّ للفقراء والمساكين (TRT Arabi)
TRT عربي