طفلة في السرير تستخدم جهازا محمولا / صورة: Getty Images (ljubaphoto/Getty Images)
تابعنا

قد يبدو أنّ الاستلقاء في السرير أحد أيام العطل أو الاسترخاء هو فعل طبيعيّ للراحة في السابق، إلّا أنّ لجيل "Z" رأياً آخر فيما يقولونه الآن حول هذا الأمر بإطلاق ترند "التعفّن في السرير" الذي يكتسح منصة "تيك توك" كطريقة للتعافي الجسدي والذهني (Self Care).

وحقّق ترند "التعفّن في السرير" (Bed Rotting) حركة رواج سريعة فما أن بدأه عدد قليل من الأشخاص حتى أصبح بشكل متسارع واسع الانتشار، ويطبّقه الكثير من الأشخاص وخاصة الشباب من جيل "Z"، ويُتناقل الترند عبر مواقع التواصل الاجتماعي وخاصّة منصّة "تيك توك" التي تعدّ أكثر التطبيقات ترويجاً للترندات الشائعة، من ثمّ يتبعه نمط "الريلز" (Reels) عبر "الفيسبوك" و"الإنستغرام".

ويُطلق مصلح (جيل "Z") على الأفراد الذين وُلدوا بين منتصف التسعينيات وبداية العقد الثاني من الألفيّة، والذي يتميّز بأنه جيل رقمي، نشأ وهو محاط بالتكنولوجيا ومواقع التواصل الاجتماعي.

"لراحة الجسم والعقل"

ويتمثّل التحدّي الجديد عبر لجوء الشخص إلى سريره للراحة التامّة التي تستمرّ ساعات طويلة بشكل اختياري، وقد تمتدّ ليوم كامل بمصاحبة الوجبات الخفيفة والأجهزة الذكيّة كالهاتف المحمول.

ويتضمّن أسلوب "التعفّن في السرير" بذل جهد جسدي يعادل الصفر وهو ما يعد عاديّاً وجيّداً لإراحة الجسم والعقل، إلّا في حال تجاوز هذا الأمر اليوم أو اليومين.

وتحمل كلمة "التعفّن"، معنى يصف حالة أكثر من الكسل، وفق ما قالته الدكتورة في الطب النفسي، جيسيكا جولد، لشبكة "CNN"، إذ ترى أنّ "التعفّن في السرير يشبه قضاء يوم كسول، مع نشاط أقلّ".

وحتّى الآن وصل هاشتاج #bedrotting إلى أكثر من 9 ملايين، مع مشاركة المزيد من المستخدمين في الترند وتصوير أنفسهم وهم في السرير.

جيل "Z".. الأكثر توتّراً

ويبدو ترند "التعفّن في السرير" هو أحد الأساليب المفضّلة لدى الجيل "Z" لـ"الرعاية الذاتية"، وهو الجيل الذي يشمل الفئة العمرية بين 11 و25 عاماً الآن، إذ يُعدّون أكثر فئة أو جيل يعاني مشكلات تتعلق بالصحة العقلية مثل التوتّر وفق تقرير "APA" الخاص بالتوتر في أمريكا.

ووفق الدراسة، كانت نسبة 91% من الأفراد في جيل "Z" يعانون واحدة أو أكثر من الأعراض الجسدية أو العاطفية بسبب التوتّر كالاكتئاب والحزن بنسبة 58%، والشعور بفقدان الاهتمام والدافع والطاقة بنسبة 55%. بينما وجد التقرير أنّ 50% منهم فقط يشعرون بأنّهم يفعلون اللّازم للتغلب على التوتّر.

وفي مقال بحثي نُشر في "The Better Sleep Council"، وجد أنّ العوائق الرئيسيّة للحصول على نوم جيّد تختلف من جيل لآخر، وفي جيل "Z" تحديداً كان القلق، فمثلاً التفكير بشأن المال يعدّ أكثر الأسباب المعوّقة للنوم للمشاركين من جيل "Z"، وبالنسبة للكثيرين فإنّ التوتّر هو المعطّل الشائع لأنماط النوم ما يؤدي لتدهور الصحة والمزاج والأداء.

وتبعاً للمقال، فإنّه من المهم الأخذ بالاعتبار أنّ الدراسة والعمل في السرير وأيّ نشاطات أخرى عدا النوم، قد تؤدّي إلى خلق ارتباط سلبيّ بين السرير وتلك الأنشطة، وهذا الارتباط يؤدّي إلى صعوبات في النوم وانخفاض في جودته، إذ يربط العقل السرير بأفكار ونشاطات مرهقة للمشاعر بدلاً من الراحة والاسترخاء التي يفترض الحصول عليها.

ويؤثّر التوتر في الجيل "Z" بطرق متعددة أوّلها جودة النوم والعلاقات الاجتماعيّة والصحّة الجسديّة والصحّة النفسيّة، ويجد الأفراد من هذا الجيل في بعض السلوكيّات ملاذاً للشعور بالسيطرة أو التأقلم مع التوتّر، مثل الإسراف في تناول الطعام أو تناول الوجبات السريعة، والعزلة الاجتماعية أو حتى الانخراط في نشاطات عشوائية متكرّرة، وكذلك قضاء ساعات طويلة في تصفّح مواقع التواصل الاجتماعي.

وبينما يعتقد جيل "Z" أنّ هذه السلوكيات تساعد على التأقلم مع التوتّر، إلّا أنّ بعضها يعمل على زيادة التوتّر ويؤثّر في الصحة العقلية، فمثلاً "التعفّن في السرير" إحدى طرق الجيل "Z" للتأقلم مع التوتّر، إذ يقضون وقتاً طويلاً في السرير مع أجهزتهم الذكيّة.

وبينما يعدّ هذا مفيداً لإعادة شحن طاقة الجسم، إلا أنّ تجاوز يومين من التعفّن في السرير يشير إلى مشكلة حقيقيّة ترتبط بالصحّة العقليّة والنفسيّة وتزيد من التوتّر والشعور بالاكتئاب.

تأثيرات في الصحة العقلية

ويرتبط ترند "التعفّن في السرير" بمشاهدة "نتفلكس" أو تصفّح مواقع التواصل الاجتماعي أو حتى تناول وجبات خفيفة ووجبات غير صحيّة في الفراش، وهو ما يتعارض تماماً مع ما ينصح به الخبراء للحصول على ساعات نوم عميق كافية، ما يؤثّر لاحقاً في الصحّة العقليّة والنفسيّة.

وفي مقال نُشر في صحيفة "الإندبندنت"، فإنّ هذا يمكن أن يؤثّر في الصحة العقليّة للأفراد، إذ يعدّ "التعفّن في السرير" حالة مختلفة عن البقاء في الفراش للتعافي من حالة مرضيّة، وغالباً ما تستخدم كوسيلة للتعامل مع القلق أو التوتّر أو حتى للرعاية الذاتيّة، وربّما يكون "التعفّن في السرير" مفهوماً شائعاً الآن تبعاً لرواجه على "تيك توك"، إلّا أنّ مفهومه ليس بجديد على الأشخاص أو المجتمعات.

ويخلص المقال إلى أنّ البقاء في السرير في يوم الراحة يعدّ مفيداً بشكل عام بأوقات متفاوتة من الشهر، إذ يساعد الأشخاص على الشعور بالراحة وترتيب الأفكار ومن ثمّ إعادة شحن الجسم بالطاقة للاستمرار في الحياة، وخاصّة في زمن السرعة، إلّا أنّ التوازن يعدّ المفتاح دائماً.

فتحوّل سلوك البقاء في الفراش إلى عادة دائمة في أوقات الفراغ يشير إلى اكتئاب أو إرهاق نفسي وتوتّر، لذلك يُنصح بالتوجه لطلب مساعدة المختصّين، إضافة إلى محاولة استبدال هذه العادة بطرق أخرى للراحة مثل ممارسة هواية أو نشاط بدنيّ رياضيّ.

TRT عربي
الأكثر تداولاً