الأمير فيليب يحادث مجموعة من سكان أستراليا الأصليين.  (Fiona Hanson - Pa Images/Getty Images)
تابعنا

في حفل تنصيبها نائبة في البرلمان الأسترالي، دخلت ليديا ثورب المنتخبة عن حزب الخضر، القبة رافعة قبضتها إلى السماء في إشارة إلى تضامنها مع الأقليات العرقية المضطهدة، وحين طُلب إليها قراءة القسم، تَلَت: "أنا صاحبة السيادة، ليديا ثورب، أقسم رسمياً بصدق وإخلاص أنني سأكون مخلصة وموالية لجلالة الملكة المستعمِرة إليزابيث الثانية".

بطبيعة الحال لم يُقبَل من ثورب قراءتها قسم الولاء بهذه الطريقة، وفُرض عليها أن تقرأه مرة ثانية "كما كُتب في الورقة"، غير أنها عادت لتتعهد على تويتر بأنها لن تتنازل عن سيادة أستراليا واستقلالها.

فيما يعيد هذا الحدث إلى الأذهان التاريخ الاستعماري البريطاني في أستراليا، وقصة احتلال المستوطنين البيض لها، وسفكهم دماء شعبها الأصلي بكل الطرق الممكنة، تشهد البلاد تنامي الأصوات المطالبة بالانفصال عن التاج البريطاني، والانتقال إلى نظام حكم ديمقراطي جمهوري.

قصة احتلال أستراليا

ترجع المصادر التاريخية اكتشاف القارة الأسترالية إلى الرحالة البريطاني جيمس كوك، الذي حط أسطوله بها سنة 1770، معيّناً إياها "أرضاً بلا سيد"، فيما انتظر العرش البريطاني 18 سنة بعدها ليبعث بأول مجموعة مستوطنين ليقيموا هناك، في أسطول من 11 سفينة تحمل على متنها نحو 1300 رجل وامرأة وطفل.

رست أولى سفن المستوطنين البريطانيين بشواطئ سيدني جنوبيّ البلاد سنة 1788، ومنذ ذلك الحين حلَّت لعنة الاستعمار على السكان الأصاليين، إذ لم يلبثوا أن نشروا وباء الجدري بينهم، مما تسبب في نحو 60% من وفيات السكان الأصليين عبر منطقة بورت فيليب، وقُتل ما يصل إلى ثلث سكان قبائل شرق أستراليا بفعله.

وتبع هؤلاء مستوطنون جدد، شرعوا في توسيع مستعمراتهم وإنشاء جديدة، على حساب القبائل الأصلية التي طاردوها، وارتكبوا مجازر دموية في حقّها استمرت إلى حدود ثلاثينيات القرن الماضي. وحسب دراسة لجامعة نيوكاسل، ارتكب المستوطنون البريطانيون ما يقدر بـ500 مجزرة في حقّ السكان الأصليين في أستراليا.

ويذكر المؤرخ ريتشارد جوناثان أن المذابح كانت جزءاً من العملية الاستعمارية، وشكّل البريطانيون جماعات مسلحة لصيد السكان الأصليين، كان من ضمنها سكان أصليون أُجبروا تحت تهديد السلاح على قتل بني جلدتهم. وكان هذا القتل محركاً بدوافع عنصرية، إذ يذكر الكاتب السويدي سفين ليندكفيست في كتابه "الأرض الخلاء"، أن "معظم البيض مقتنعون بأن الرجال الذين قُتلوا ينتمون إلى عرق أدنى، محكوم عليهم عاجلاً أو آجلاً بالاختفاء".

سنة 1901 أعلنت هذه المستوطنات اتحادها في دولة واحدة سُمّيَت أستراليا، التي تعني باللاتينية "الأراضي التي تقع جنوب خط الاستواء"، ومُنحت هذه الدولة استقلالاً مشروطاً بأن تبقى اسميّاً تحت العرش البريطاني.

الحركة الجمهورية في أستراليا

مع تنامي الاهتمام العالمي بحقوق الأقليات، ومطالبات الاعتراف بجرائم الاستعمار وجبر ضرر ذاكرته، تنامت المطالب في أستراليا بالخروج من السلطة الاسمية للعرش البريطاني، وتأسيس نظام حكم جمهوري مستقلّ.

وخلال الانتخابات الأخيرة التي عرفتها البلاد في مايو/أيار الماضي، استطاع عدد من نشطاء الحركة الجمهورية دخول البرلمان، بل وتقلُّد مناصب وزارية مثل مساعد رئيس الوزراء مات ثيستلويت.

قبل هذا في سنة 2019، أظهرت استطلاعات رأي وقتها أن 48% من الشعب يرغبون في تأسيس جمهورية، مقابل 30% لصالح بقاء الملكية. ولم يُسأل الأستراليون رسميّاً في استفتاء إن كانوا يريدون الجمهورية أم الملكية منذ عام 1999، وفي ذلك الوقت اختار 54% منهم البقاء تحت النفوذ الاسمي للملكة إليزابيث.

ويجادل عدد من المحللين بأن رفض الأستراليين قبل 21 سنة النظام الجمهوري، راجع إلى أن موضوع الاستفتاء كان يطرح فقط إمكانية رئيس يختاره البرلمان، عوض انتخابه عبر اقتراع عامّ.

TRT عربي
الأكثر تداولاً