أصبحت رياضة الكريكت أداة لتأجيج مشاعر الكراهية ضد المسلمين في الهند (Andrew Boyers/Reuters)
تابعنا

شهدت مدينة ليستر البريطانية السبت اشتباكات عنيفة بين أفراد الجالية المسلمة والهندوسية. وحسبما تناقلت روايات محلية ردد مشجعون هنود لرياضة الكريكت شعارات مهينة للباكستانيين وعنصرية ضد المسلمين، لتنطلق إثرها أعمل العنف التي استُعملت فيها العصي والزجاجات الحارقة.

ومنذ أواخر شهر أغسطس/آب الماضي، والتوتر يهز العلاقة بين مسلمي وهندوس المدينة، إثر هزيمة منتخب باكستان أمام المنتخب الهندي في مباراة كريكت. ومع صعود القومية الهندية المتطرفة، التي يدعمها رئيس الحكومة الهندية وحزبه، أصبحت رياضة الكريكت أداة لتأجيج مشاعر الكراهية ضد المسلمين.

رجال الدين تدخلوا للتهدئة

ونشرت شبكة "BBC" أن شرطة مدينة ليستر تدخلت لفض أعمال عنف نشبت السبت بين شبان من الجاليات المسلمة والهندوسية في المدينة. وقالت الشرطة إنها قبضت على شخصين، وإن الاضطرابات اندلعت بعد "احتجاج غير مخطط له" نفذه الهنود.

وحسبما رواه شهود عيان للشبكة البريطانية، شهدت منطقة "إيست ليستر" اشتباكات شارك فيها أشخاص ملثمون، كانوا يتراشقون بالزجاجات الحارقة ويتعاركون بالعصي، و"رغم أن الشرطة كانت حاضرة، فإن الوضع خرج عن السيطرة". وقال شاهد عيان آخر إن: "شهدنا الكثير من التوترات على طول الأسابيع الماضية، الناس لا يزالون يشعرون بالخوف وعدم اليقين".

وقال عمدة مدينة ليستر السير بيتر سولسبي: "لا أظن أن أحداً كان يتوقع ما رأيناه خلال المواجهة، لقد ساءت الأمور بالفعل الليلة الماضية وأنا قلق للغاية حول الأشخاص الذين قُبض عليهم، فأغلبهم في أواخر سن المراهقة أو أوائل العشرينات، وتأثرت أيضاً بالطريقة التي استجابت بها الشرطة ولم تكن تلك مهمة سهلة".

وتدخلت شخصيات دينية، من الجاليتين، من أجل تهدئة الأوضاع. ودعا اتحاد المنظمات المسلمة في بريطانيا مسلمي ليستر إلى الابتعاد عن المواجهات وعدم المشاركة فيها. مضيفا في بيانه: "ليستر مدينة فخورة بتنوعها، حيث عملت الجاليات المسلمة والهندوسية دائماً بسلام على مدار 50 عاماً، ومع ذلك يتعين علينا قبول أن موجات العنف الأخيرة مرتبطة بالجماعات التي وصلت حديثاً (إلى المدينة) حاملة معها آيديولوجيات عنصرية".

وأعرب سانجيف باتيل، ممثل المعابد الهندوسية والجينية في جميع أنحاء ليستر، عن شعوره بـ"حزن عميق وصدمة" من أعمال العنف التي شهدتها المدينة ليلة السبت قائلاً: "عشنا في وئام في المدينة لعقود عديدة، ولكن خلال الأسابيع القليلة الماضية، من الواضح أن أموراً يجب مناقشتها حول المائدة لمعرفة ما يثير امتعاض الناس".

الرياضة كأداة لتأجيج العنصرية الهندوسية

وتتأرجح مدينة ليستر على وقع توترات بين الجالية المسلمة والهندوسية، اندلعت منذ 28 أغسطس/ آب الماضي، إثر مباراة كريكت جمعت المنتخبين الهندي والباكستاني برسم كأس أمم آسيا للعبة، انهزم خلالها الباكستانيون. وإثر ذلك خرج المشجعون الهنود إلى الشوارع، مرددين شعارات عنصرية ضد المسلمين.

وأصبحت الرياضة بشكل عام، منذ تولي اليميني المتطرف ناريندرا مودي حكم الهند، أداة لتأجيج المشاعر القومية الهندوسية والكراهية ضد المسلمين. يبرز ذلك في الشعارات العنصرية التي أصبحت ترددها الجماهير الهندية، عقب كل لقاء يجمع منتخبها مع نظيره الباكستاني.

وفي إقصائيات كأس العالم للكريكت، أكتوبر/تشرين الأول 2021، عقب هزيمة المنتخب الهندي أمام باكستان، تعرض محمد الشامي، اللاعب المسلم الوحيد ضمن التشكيلة الهندية، إلى الهجوم عبر وسائل التواصل الاجتماعي بألفاظ عنصرية، كما جرى تخوينه وتحميله مسؤولية تلك الهزيمة.

كما اعتقلت الشرطة الهندية 14 مواطناً مسلماً على الأقل، فقط لأنهم عبروا عن فرحتهم لفوز المنتخب الباكستاني، إذ جرى اتهامهم بالتحريض على الفتنة.

وفي مقال للكاتب الهندي أخيل سود، حول تحول رياضة الكريكت إلى أداة لتأجيج القومية، كتب: "كل ما أراه الآن هو إهانات شديدة موجهة إلى باكستان. إذ أصبحت الرياضة دعامة مناسبة لتفشي روح الشوفينية اليومية، وبدلاً من العقلانية أصبحنا نستخدم التعصب، والإسلاموفوبيا، والعدوان الأحمق ردود فعل افتراضية، واستُبدل الحقد الزائف المعتاد خلال التنافس الرياضي بكراهية شريرة وحقيقية للغاية".

ويخلص الكاتب الهندي إلى أن: " التعصب القومي المتزايد امتص البهجة مما كان في السابق جزءاً لا يتجزأ من حماسة مشاهدة الكريكت. ولم يعد مكان للشماتة الرياضية المعهودة بين المتفرجين، لأنها أصبحت تنحدر بشكل حتمي إلى الشتائم العنصرية والتأكيد على التفوق العرقي".

TRT عربي