بعد إثارة الجدل على تيك توك.. ما سر اختفاء عشرة أيام من أكتوبر/تشرين الأول 1582؟ (Others)
تابعنا

في الأيام الأخيرة انتشرت فيديوهات على تطبيق التواصل الاجتماعي تيك توك يشير فيها المستخدمين إلى اختفاء عشرة أيام من تقويم شهر أكتوبر/تشرين الأول عام 1582 على تطبيق التقويم الخاص بأجهزة آيفون.

وفي هذه الفيديوهات بدأ المستخدمون يسرحون بخيالهم لإغراق التطبيق بجميع أنواع نظريات المؤامرة، فإلى جانب من قال أن خللاً تقنياً في التقويم -وهو شيء وارد نظرياً، بدأ البعض الآخر يروج لتوقف الوقت أو انتهاء العالم لبعض الوقت.

ما قصة الأيام العشرة التي مضى على اختفائها ما يقرب من خمسة قرون؟ ولماذا اختفت بالأساس؟ لحسن الحظ، لم يحدث شيء غريب ويوجد تفسير كامل. إليكم في هذا التقرير الحكاية كاملة.

أصل الحكاية

منتصف الشهر الجاري بدأ مستخدمو تيك توك بالتمرير رجوعاً عبر تقويم آيفون على طول الطريق إلى عام 1582، ليكتشفوا أن 10 أيام كاملة مفقودة من شهر أكتوبر/تشرين الأول، مما يعني أنه كان 21 يوماً فقط بدلاً من 31 يوماً المعتادة.

إذ يحتوي الشهر على الأيام 1 و2 و3 و4 أكتوبر كالمعتاد ثم يتخطى التقويم بشكل غريب إلى 15 أكتوبر، وهو ليس خللاً في أجهزة آيفون كما اعتقد كثيرون في البداية.

كان يوجد 21 يوماً فقط في أكتوبر/تشرين الأول 1582، وكل ذلك بسبب التحول إلى التقويم الميلادي الجديد ذلك العام. إذ اختفت الأيام العشرة لأن العالم في وقتها تحول من التقويم اليولياني إلى التقويم الغريغوري الذي لا نزال نستخدمه حتى اليوم.

بعد إثارة الجدل على تيك توك.. ما سر اختفاء عشرة أيام من أكتوبر 1852؟ (Others)

ما الأسباب وراء تغيير التقويم؟

حسب ما أوضحت "بريتانيكا" (Brittanica)، فعندما يتعلق الأمر بالتقويمات يمكن أن تتراكم الأخطاء الصغيرة بمرور الوقت. التقويم اليولياني -التقويم السائد في العالم المسيحي للألف الأول الميلادي وجزء من الألفية الثانية- كان تحسيناً على التقويم الجمهوري الروماني الذي حل محله، لكنه كان 11 دقيقة و14 ثانية أطول من السنة الاستوائية ( الوقت الذي تستغرقه الشمس للعودة إلى نفس الموضع ، كما تُرى من الأرض). كانت النتيجة أن التقويم كان ينحرف نحو يوم واحد لكل 314 سنة.

وبسبب هذا الانحراف أو الخطأ نشأت حاجة ملحة إلى إيجاد حل للصعوبة المتزايدة في حساب تاريخ عيد الفصح، الذي قرر مجمع نيقية في 325م أنه يجب أن يقع في يوم الأحد الأول بعد اكتمال القمر الأول بعد الاعتدال الربيعي، والذي كان في ذلك الوقت في 21 مارس/آذار. التناقض المتزايد بين التاريخ الذي حدده المجلس والاعتدال الربيعي الفعلي لوحظ في القرن الثامن الميلادي، وعليه جرى تقديم عدد من مقترحات الإصلاح أمام الباباوات في العصور الوسطى. لكن لم يُتخَذ أي إجراء، وظل التقويم اليولياني على الرغم من عيوبه هو التقويم الرسمي للكنيسة الكاثوليكية في ستينيات القرن السادس عشر.

وفي جلسته عامَي 1562 و1563 أصدر مجلس ترينت (مجلس كنسي ينسب اسمه إلى مدينة ترينتو شمالي إيطاليا) مرسوماً يدعو البابا لإصلاح المشكلة من خلال تطبيق تقويم معدَّل. لكن الأمر استغرق عقدين آخرين لإيجاد حل مناسب ووضعه موضع التنفيذ.

لماذا وقع الاختيار على شهر أكتوبر؟

بعد سنوات من الاستشارة والبحث وقَّع البابا غريغوري الثالث عشر على ثورة بابوية في فبراير/شباط 1582 لإصدار التقويم المعدل الذي أصبح يُعرف بالتقويم الغريغوري. استندت الإصلاحات إلى اقتراحات العالم الإيطالي لويجي ليليو، مع بعض التعديلات من عالم الرياضيات والفلك اليسوعي كريستوفر كلافيوس.

فكما لاحظنا فإن السبب وراء اختفاء الأيام هو التغيير بين التقويمات من أجل إعادة الاعتدال الربيعي من 11 مارس/آذار إلى 21 مارس/آذار وضبط التقويم مع الأحداث الفلكية، لكن الكنيسة مع ذلك لم ترغب بتخطي أي احتفالات مسيحية كبرى. لذلك قرروا تخطي الأيام العشرة في أكتوبر بدلاً من مارس.

ومع ذلك فإن شيئاً معقداً مثل تطبيق تقويم جديد لا يمكن أن ينفذ دون بعض التعقيدات. لم يرغب البلدان البروتستانتي والأرثوذكسي في تلقي توجيهات من البابا، لذلك رفضوا اعتماد التقويم الجديد. كانت النتيجة أن أوروبا الكاثوليكية (النمسا، وإسبانيا، والبرتغال، وإيطاليا، وبولندا) قفزت فجأة قبل بقية القارة بمقدار 10 أيام، والسفر عبر الحدود غالباً ما يعني السفر إلى الأمام أو الخلف على التقويم.

في النهاية بدأت الدول غير الكاثوليكية تتبني التقويم الغريغوري. فقد تخطت الولايات المتحدة وكندا والمملكة المتحدة 11 يوماً عام 1752، وقطعت اليابان 12 يوماً عام 1872، وتخطت روسيا وإستونيا واليونان وتركيا وبلغاريا 13 يوماً في سنوات مختلفة بالقرن العشرين.

TRT عربي