تابعنا
ومنذ بداية الحرب اليمنية التي اندلعت عام 2014، حتى لحظة التفريغ لم يخضع الخزان لأي أعمال صيانة، الأمر الذي جعل النفط الخام والغازات المتصاعدة منه قنبلة موقوتة قد تنفجر في أي لحظة.

للمرة الأولى ومنذ بداية الأزمة اليمنية قبل تسع سنوات، تنجح جهود أممية في حل مشكلة خزان صافر العائم، قبالة السواحل الغربية لمحافظة الحُديدة في اليمن، والذي كان يعتبر قنبلة موقوتة تهدّد المنطقة بيئياً وحيوياً، وذلك من خلال تفريغ الجزء الأكبر من حمولته.

وأعلن مسؤول في الأمم المتحدة في مطلع شهر أغسطس/آب الماضي، تفريغ ما يصل إلى 70% من شحنة النفط العالقة بداخل الخزان، والتي تبلغ حمولتها ما يقرب من مليون و100 ألف برميل نفط، وذلك عبر تفريغ النفط إلى السفينة البديلة "يمن" (نوتيكا سابقاً).

ما خزان صافر؟

خزان صافر هو عبارة عن منصة تخزين نفطي عائمة تابعة للحكومة اليمنية، أنشئ في سبعينيات القرن الماضي، ويرسو قبالة سواحل مدينة الحُديدة غربي اليمن على بعد نحو 50 كيلومتراً من ميناء مدينة الحُديدة الاستراتيجي.

ومنذ بداية الحرب اليمنية التي اندلعت عام 2014، حتى لحظة التفريغ لم يخضع الخزان لأي أعمال صيانة، الأمر الذي جعل النفط الخام والغازات المتصاعدة منه قنبلة موقوتة قد تنفجر في أي لحظة.

ووفقاً للتقارير، فإنّه حال تسربت هذه الكميات النفطية إلى البحر، فسيقضي على الحياة البحرية، ولن تعود الحياة إلى الأحياء البحرية قبل خمسة وعشرين عاماً، كما سيؤدي التسرب إلى إغلاق المواني القريبة والمتاخمة لمنطقة الخزان، بالإضافة إلى إعاقة عمليات الشحن التجاري وعمليات الملاحة الدولية على مضيق باب المندب، في حين ستبلغ التكلفة المادية لتنظيف المخلفات المسربة ما يقرب عن عشرين مليار دولار.

ترحيب واسع

ولقي خبر تفريغ الناقلة صافر ترحيباً دولياً وإقليمياً واسعاً، إذ أشاد وزير الخارجية الأمريكي أنتوني بلينكن، بإتمام الأمم المتحدة تفريغ خزان صافر النفطي، معتبراً أنّ العملية حالت دون حدوث كارثة إنسانية واقتصادية للمنطقة.

بدورها رحبت جامعة الدول العربية، بالنجاح في بدء عملية نقل النفط من الخزان "صافر" في البحر الأحمر، إذ عبّر أحمد أبو الغيط الأمين العام لجامعة الدول العربية، في بيان، عن "التطلع إلى انتهاء هذه العملية بنجاح".

بينما قال جاسم البديوي الأمين العام لمجلس التعاون الخليجي، إنّ نجاح خطة التفريغ يدل على تكاتف المجتمع الدولي للحفاظ على البيئة البحرية، وحرصه على عدم حدوث كارثة بيئية في المنطقة.

ورحبت دولة قطر ببدء الأمم المتحدة تفريغ النفط الخام من خزان صافر المتهالك في البحر الأحمر، وعبرت الخارجية القطرية عبر بيان لها "عن اعتزاز دولة قطر بمساهمتها في دعم عمليات الإنقاذ من الأمم المتحدة لمنع التسرب الكارثي، كما تؤكد استعدادها الكامل لمساندة كل الجهود الدولية الرامية لبناء مستقبل أكثر أمناً واستدامة للجميع".

أين شركات النفط العالمية؟

تخلف عديد من الشركات العالمية التي استخدمت خزان صافر لسنوات عن المساهمة مادياً في عملية التفريغ، ومن أهم هذه الشركات (totalenergies) و(exxon) و(omv) و(occidental)، بالإضافة إلى أنّ هذه الشركات تملك حصصاً نفطية من كمية النفط في خزان صافر حالياً، حسبما أفاد به موقع منظمة غرينبيس الشرق الأوسط وشمال إفريقيا (Greenpeace).

وقالت غوى النكت، المديرة التنفيذية للمنظمة، إنّ "شركات النفط المسؤولة عن كارثة صافر هي من بين الشركات نفسها المسؤولة عن أزمة المناخ، إنّهم أثرياء بشكل فاحش ويجب أن يدفعوا ثمن الأضرار التاريخية والمستقبلية التي تسبّبت فيها أفعالهم، كما يجب أن يتحمل الملوثون تكاليف تجارتهم المميتة، لا تكاليف تجارتهم في الجنوب العالمي".

وأضافت النكت أنّ "الأمم المتحدة جمعت الأموال بشكل يائس لدفع تكاليف العملية، حتى إنّها نظمت حملة تمويل جماعي، وستوجد حاجة إلى مزيدٍ من التمويل للمراحل المقبلة، لكنّ شركات النفط تتهرب من مسؤوليتها تجاه العملية".

وهو ما يؤكده الرئيس السابق للهيئة العامة لحماية البيئة اليمني الدكتور عبد القادر الخراز، بقوله إنّ "هذه الشركات لم تدفع دولاراً واحداً لإتمام هذه العملية، رغم أنها تمتلك حصصاً كبيرة ضمن الحمولة، لذلك على هذه الشركات الاضطلاع بمسؤولياتها الأخلاقية والقانونية".

هل زال خطر صافر؟

وفيما يخص زوال خطر الناقلة، يقول الدكتور الخراز، إنّ "غياب الشفافية لدى الأمم المتحدة فيما يخص الناقلة صافر، يدعو إلى القلق من أنّ الخطر لم يزل بعد، إذ كانت الأمم المتحدة صرحت بأنّه سيجري تفكيك السفينة وإبعادها عن المنطقة، ولكنها لم تحدّد كيف ومتى سيتم ذلك".

ويضيف الخراز لـTRT عربي: "جرى نقل حمولة النفط من سفينة إلى سفينة أخرى، وهذا يعني أنّ الخطر ما زال قائماً، لا سيّما أنّ السفينة التي نُقل النفط إليها سيجري تسليمها إلى الحوثيين، وهذا يعني أنّها لن تغادر السواحل اليمنية، حيث ستُنفَّذ إجراءات لتثبيت هذا الخزان العائم أو السفينة بجانب خزان صافر".

ويتفق مع ذلك الناشط اليمني وديع عطا، ولا يعتقد أنّ جماعة الحوثي ستسمح بخروج هذه الناقلة إلى مناطق أخرى، لا سيّما أنّ قيادات حوثية كبيرة كانت صرحت بأنّه في حال إخراج الناقلة من مكانها إلى المناطق التابعة للشرعية فسيجري تفجيرها على الفور.

في السياق يقول الخراز، إنّ الخطر لن يزول بتفريغ صافر من حمولة النفط السائل بداخلها، وإنّما يتوجب أيضاً تنظيف ما أسماه "الأوحال النفطية" المترسبة في قاع وحول الجدار السفينة من الداخل وإزالتها، لأنها تشكل خطراً بيئياً.

ويؤكد أيضاً أنّ المبلغ الذي أنفق على العملية يبلغ نحو 143 مليون دولار، وهو "رقم مبالغ فيه"، إذ إنّ نقل الحمولات النفطية من باخرة إلى أخرى يكلف "من مليون إلى مليوني دولار فقط، بمعنى أنّ شراء باخرة أو ناقلة أخرى أمر مبالغ، بل ويثير الشكوك، فلم يكن يتطلب الأمر سوى استئجار ناقلة لتنفذ المهمة".

وفي حديثه مع TRT عربي يقول عطا: "كان بالإمكان نقل النفط من الناقلة صافر إلى الخزانات النفطية في البر الموجودة في منطقة رأس عيسى أو في منطقة الصليف في الحُديدة، في المقابل كان يجب صرف التكاليف التي صرفت على العملية للأسر النازحة من سكان المنطقة، بالإضافة إلى تسليم رواتب الموظفين المقطوعة منذ سنوات".

أما عن السفينة "يمن"، فيؤكد الخراز، أنّها سفينة عُرضت للبيع بـ53 مليون دولار فقط، بالإضافة إلى أنّها تنتمي إلى الأسطول (dark fleet)، وهو أسطول بحري يفترض حسب مواصفاته ألّا تتجاوز مدة استخدام ناقلاته عشرين عاماً، فيما تخطت الناقلة المشترية "يمن" ما يقرب من 15 عاماً تحت الاستخدام، أي إنّ العمر المتبقي للسفينة خمس سنوات فقط، ففي حال بقيت السفينة في مكانها، وهذا هو المرجح، فسوف تعود نفس المشكلة من جديد.

TRT عربي
الأكثر تداولاً