هل يستهدف الحوثيون كابلات الإنترنت في البحر الأحمر؟ / صورة: Getty Images (Getty Images)
تابعنا

خلال الشهرين الماضيين، تزايدت المخاوف الغربية بشأن الهجمات التي يشنها الحوثيون في البحر الأحمر نصرةً لفلسطين مع تواصل العدوان والحصار على قطاع غزة، وتأثير ذلك على حركة الملاحة البحرية للسفن الإسرائيلية خاصة.

لكن الأيام الأخيرة شهدت مخاوف جديدة من احتمال استهداف جماعة الحوثي لمجموعة من الكابلات البحرية التي تحمل جميع البيانات والاتصالات بين أوروبا وآسيا. ما سلط الضوء على الطريقة التي أصبحت بها البنية التحتية تحت سطح البحر ونقاط ضعفها المحتملة، سمة حاسمة في المشهد الأمني العالمي.

ففي أواخر ديسمبر/كانون الأول، نشر حساب على علاقة بالحوثيين عبر تطبيق تليغرام ما بدا أنه تهديدات ضد عشرات كابلات الألياف الضوئية التي تمر عبر مضيق باب المندب غرب اليمن. وقد تردد صدى التهديدات الغامضة وتضخمت من خلال روايات مرتبطة بمسلحين آخرين مدعومين من إيران، بما في ذلك حزب الله، وفقاً لما نقلته فورين بوليسي عن معهد أبحاث الإعلام في الشرق الأوسط.

وحسب تقرير نشره منتدى الخليج الدولي ومقره واشنطن، فإن الهدف التالي لجماعة الحوثيين، في مسعاها للضغط على إسرائيل والدول الداعمة لها، قد يكون كابلات الاتصالات تحت الماء، التي تقع في البحر الأحمر بالقرب من اليمن. ويمكن أن يؤثر الضرر الذي يلحق بها بشكل كبير في الاقتصاد الغربي والعالمي.

قلق تقني

قالت شركات الاتصالات المرتبطة بالحكومة اليمنية المعترف بها من الأمم المتحدة إنها تخشى أن الحوثيين يخططون لاستهداف شبكة من الكابلات البحرية في البحر الأحمر ضرورية لعمل الإنترنت الغربي ونقل البيانات المالية، بحسب ما نقلته الغارديان.

وجاء هذا التحذير بعد أن نشرت قناة تليغرام مرتبطة بالحوثيين خريطة للكابلات الممتدة على طول قاع البحر الأحمر. وأرفقت الصورة برسالة تقول: "توجد خرائط للكابلات الدولية التي تربط جميع مناطق العالم عبر البحر. ويبدو أن اليمن في موقع استراتيجي، إذ تمر بالقرب منه خطوط الإنترنت التي تربط قارات بأكملها، لا فقط الدول".

خنق الإنترنت بين آسيا وأوروبا

تشير التقديرات إلى أن البحر الأحمر يحمل نحو 17% من حركة الإنترنت في العالم عبر أنابيب الألياف.

وكشفت المؤسسة العامة للاتصالات اليمنية أن ما يصل إلى 16 من الكابلات البحرية، التي لا تكون في كثير من الأحيان أكثر سمكاً من خرطوم المياه وتكون عرضة للأضرار الناجمة عن مراسي السفن والزلازل، تمر عبر البحر الأحمر باتجاه مصر.

ومن بين أكثر هذه الخطوط استراتيجية هو خط آسيا-إفريقيا-أوروبا "AE-1" الذي يبلغ طوله 25000 كيلومتر ويمتد من جنوب شرق آسيا إلى أوروبا عبر البحر الأحمر.

وفي حين أن التهديدات الغامضة للكابلات البحرية في البحر الأحمر لم تؤد حتى الآن إلى أي حوادث، فإن مركزية هدفها واضحة، فمن أجل نقل الكميات الهائلة من البيانات والأموال بين أوروبا وآسيا طرق قليلة أخرى غير الاعتماد على حزمة من كابلات الألياف الضوئية التي تمتد عبر المنطقة التي ينشط فيها الحوثيون بشكل أكبر، حسب فورين بوليسي.

وقال تيموثي سترونج، نائب رئيس الأبحاث في شركة TeleGeography، وهي شركة أبحاث سوق الاتصالات، إن كثيراً من إدارات الدفاع تعتمد على الكابلات أيضاً. وأضاف: "إن أكثر من 99% من الاتصالات العابرة للقارات تمر عبر الكابلات البحرية، وهذا لا يقتصر على الإنترنت فحسب، بل يشمل المعاملات المالية والتحويلات بين البنوك".

وأردف سترونج قائلاً: "إن أي شيء يمكنك تخيله تقريباً فيما يتعلق بالاتصالات الدولية يلامس الكابلات البحرية. وفيما يتعلق بالبحر الأحمر، فهو بالغ الأهمية لربط أوروبا بآسيا".

هل يستطيع الحوثيون الوصول إلى الكابلات؟

وبغض النظر عن التهديدات، فإن السؤال الكبير الأول هو ما إذا كان الحوثيون لديهم بالفعل القدرة على إتلاف الكابلات البحرية، والتي عادة تكون مثبتة بشكل جيد في قاع البحر.

فيما زعم محللون أمنيون في منتدى أمن الخليج، الأسبوع الماضي، أن "الكابلات ظلت آمنة بسبب التخلف التكنولوجي النسبي للحوثيين لا بسبب الافتقار إلى الحافز". وأضافوا أن "الحوثيين يحتفظون بالقدرة على مضايقة الشحن السطحي من خلال الصواريخ وزوارق الهجوم السريع لكنهم يفتقرون إلى الغواصات اللازمة للوصول إلى الكابلات".

من جهته، قال بروس جونز من معهد بروكينغز، الذي كتب على نطاق واسع عن أهمية الكابلات البحرية: "لا أستطيع أن أرى أن أي جزء من ترسانة الحوثيين يشكل خطراً فعلياً على الكابلات البحرية. إذا كنت تريد بالفعل إتلاف هذه الأشياء، فسيتعين عليك الذهاب إلى قاع البحر".

ومع ذلك، يحذر خبراء من أن الكابلات في بعض النقاط تصل إلى عمق 100 متر، مما يقلل الحاجة إلى غواصات عالية التقنية. ففي عام 2013، ألقي القبض على ثلاثة غواصين في مصر لمحاولتهم قطع كابل بحري يوفر كثيراً من سعة الإنترنت بين أوروبا ومصر بالقرب من ميناء الإسكندرية.


TRT عربي